أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 4

mainThumb

30-11-2013 05:22 PM

" النموذج الآخر للإمبراطوريات المهزومة "

اولت صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية اهتماما كبيرا في الوضع في افغانستان (الجزيرة، 2010)، "فالحرب هناك حسب الصحيفة ، غدت صعبة بالنسبة لقوات التحالف ، خاصة بعد تطوير حركة طالبان لألغامها الأرضية التي تسببت في قتل ثلث الجنود البريطانيين الذين قضوا في أفغانستان هذا العام ، كما طورت طالبان تكتيكاتها العسكرية وأصبحت أكثر براعة في مراقبة تحركات الجنود البريطانيين واستغلال المعلومات التي تجمعها عنهم دون رحمة " ، "وبسبب هذا الوضع دب اليأس في نفوس الجنود البريطانيين ، حتى دفع ببعض الجنود الى اظهار حالة القنوط واليأس على صفحات "الغارديان" حول :"ان النصر في أفغانستان يتطلب نشر خمسمائة الف جندي على الاقل ، ويضيف :" إنها حرب لا يمكننا أن نحقق النصر فيها ، بل لا حاجة لنا في ذلك أصلا، لأن الأفغان لا يمثلون خطرا على اوروبا ، بل لا يعرفون حتى موقعها على الكرة الأرضية " .

كما انتقد الكاتب البريطاني" تشارلز مور" في مقالته "تضعضع القوات الأجنبية بأفغانستان" التي نشرتها صحيفة " ديلي تيلغراف "19/7/2009 ، "أن الإعلام بات يدق طبول الإنهزام" ، ومضى الى :" ان الجنود البريطانيين لا يموتون بسبب قلة التجهيزات ، ولكن لأنهم يواجهون عدوا شرسا مصمما على قتلهم " ، ودعا "مور" كافة وسائل الإعلام لتوجيه غضبتها نحو الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو" ، من مثل فرنسا والمانيا واسبانيا التي نأت بنفسها عن ما قال إنها المهمات الصعبة التي تضطلع بها قوات بلاده والقوات الامريكية والكندية والهولندية منها في افغانستان "، واختتم "مور" تحليله بالقول:" إنه صحيح ما يعيده ويكرره النقاد من أن أفغانستان استعصت على إمبراطوريات حاولت غزوها وإخضاعها ، لكنها ليست اللحظة من الزمان التي نتخلى فيها عن "حليفنا الامريكي" الذي يسعى الى موازنة القوى في العالم عبر محاولته اخضاع أفغانستان" .

ويتساءل الكاتب والمحلل الامريكي"ديفيد بيك" عبر مقالته "ماذا كسبنا في أفغانستان؟"،12/5/2009(الجزيرة)، التي نشرها في صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية :" ان المواطنين الامريكيين قد أمضوا قرابة سبع سنوات يقاتلون ويموتون في لأفغانستان ، البلاد التي توصف عبر التاريخ بأنها ما أنفكت تقهر الغزاة ، وأوضح كيفية الحال التي عليها قوات الولايات المتحدة في أفغانستان ، وهل هي رابحة أم خاسرة أم أنه ينبغي لها الرحيل؟؟ ، قائلا أنه إذا كان بالإمكان الإفادة من دروس التاريخ فلا يبدو أن الوجود الأمريكي في أفغانستان أقرب الى الإنتصار منه الى الهزيمة" ،اما النائب البريطاني السابق "ماثيوباريس" (الجزيرة ،2010)، فيؤكد أن : الأنتصار في أفغانستان " مستحيل" ، وإن الناس قد تأخذهم العزة بالأثم ، وتُغطي أبصارهم غشاوة الحديث عن الجهود الباسلة التي تبذلها قوات بلاده المنتشرة هناك ، واصفا أوضاع القوات الأجنبية في أفغانستان بالصعبة ، وان الحقائق على الأرض "مرة وقاسية" ، داعيا الى عدم المراوغة او استخدام أساليب التورية للتغطية على الواقع ، وفي زيارته الى أفغانستان والتي استغرقت اسبوعا بين قوات الناتو ، اكتشف أن المعارك الدائرة هناك تأخذ صفة " المد والجز" ، وان عمليات الخطف مستمرة ، وان المساعدات الدولية آخذة في التقلص والإنخفاض ، معترفا أن الحرب على أفغانستان كانت "غلطة" .

بينما صحيفة "ذي اوبزرفر" 5/7/2009 ، رأت أن الحرب على أفغانستان أضحت من دون هدف "وعبثية"، وتفتقر الى استراتيجية مترابطة ، فآلاف الجنود الأمريكيين الى جانب البريطانيين ذهبوا الى أفغانستان مكبلين بفكرتين مُزيفتين ، اولاهما :إنه يمكن إلحاق الهزيمة بطالبان بالطريقة التقليدية ، وثانيهما: إنه بالتخلص من طالبان في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة يمكن توفير فضاء سياسي لشرعنة حكومة "حامد قرضاي" الفاسدة ، ورأت الصحيفة ايضا :"ان "كسب" الحرب في أفغانستان يتطلب معرفة ما يجب أن يكون عليه النصر لا ما تقدمه العواصم الغربية من صورة مثالية ، وهذا يعني "دفن خطاب الحرب على الإرهاب" ، ودفن فكرة ان ما يحدث في أفغانستان يشكل تهديدا خطيرا للغرب ". اما الكاتب البريطاني " إيان بيريل" ، في مقالته:" الحرب على أفغانستان آمال كاذبة "، والتي نشرها في صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية 15/7/2009 يؤكد على :" أن قادة الغرب المتفائلين مستمرون في إرسال القوات وضخ الأموال الى أفغانستان ، وأن كلا منهم يدعي انتصار الديمقراطية في بلاد أخرى ، وأن ما يجري في أفغانستان ما هو الا " آمال كاذبة وديمقراطية زائفة " ، وذكرت صحيفة " واشنطن بوست" 15/7/2009 ، أن :" جُثث العسكريين البريطانيين العائدة للبلاد بدأت تُثير غضب الأهالي ، وتشكل إختبارا لمدى صبرهم إزاء جدوى الحرب برمتها "، ونسبت الصحيفة لأحد المحاربين القدامى من الجيش البريطاني ، وهو عمدة البلدة "بيرسي مايلز" قوله:" إنه يجب أن لا نكون في أفغانستان ، ولسنا نحن من أشعل الحرب ، وإنها حرب أمريكية ، في ظل تزايد عدد القتلى من الجنود البريطانيين ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد