صحيفة السوسنة الأردنية

الفنان السوري عابد فهد الفنان، الذي جسد عدة شخصيات جعلته راسخا في أذهان المشاهد العربي، فهو الكوميدي المهم في مرايا، وهو الفنان المبدع في الأعمال الدمشقية، وهو المقاتل والقائد القوي في الزير سالم والظاهر بيبرس والحجاج وفي الطريق الى كابل. ولا شك أنه أحد اهم نجوم الدراما السورية، فما قصته مع موضوع الإساءة للقرآن الكريم في أحد مشاهد مسلسله الممنوع «الطريق الى كابل» ومن صاحب الشائعة، وما هدفها، وهل سيرد على اساءة المجلة الخليجية له بالادعاء عليها في المحاكم.. هذا وغيرها من القضايا طرحتها «الشرق الأوسط» في دمشق على الفنان عابد فهد فكان الحوار التالي.
 ما هي حقيقة ما جرى من اتهامك من قبل مجلة سعودية بالاساءة للمصحف الشريف في مسلسل «الطريق الى كابل»؟

ـ هذه مجرد كذبة صنعها فنان خليجي وصدقتها المجلة وروجت لها من دون أن تتأكد من صحتها أو حتى عناء السؤال عن حقيقة الموضوع، خاصة أن المشهد المذكور لم يعرض بسبب منع العمل من العرض على الفضائيات العربية، والحقيقة أن ما جرى كان سيئا جدا، بل ومخزيا بكل المعايير، وهو كذب محض ولا أساس له من الصحة، والحقيقة يعلمها كل من كان قائما على تصوير هذا المشهد سواء المركز العربي للانتاج التلفزيوني الذي انتج العمل، أو كاتبه جمال ابو حمدان أو مخرجه محمد عزيزية، وكلهم كذبوا ما قيل عني، بل وأصدروا بيانات تكذيب لما قيل وروج له اعلاميا، وهناك النجم الأردني عاكف نجم الذي نفى صحة ما قيل وتردد عني، ورغم ذلك اصرت المجلة المذكورة على أن ما قاله الفنان عني على صفحاتها صحيح وطلبت الاعتذار مني، وأنا أتساءل: على ماذا اعتذر وانا لم أقم بعمل خاطىء ولم أسيىء أصلا كما قالت المجلة. في الدراما يجب ان يكون هناك حدث ما ليلفت نظر الآخرين، المشهد الذي تحدثت عنه المجلة هو باختصار يتحدث عن مرحلة الاعتقال الذي تعرض له أحد المجاهدين في الحرب الأفغانية، حيث يكون المجاهد مكبلا بالجنازير، وبعد نهاية هذا المشهد يطالب الضابط الروسي بخروج هؤلاء المعتقلين ووضعهم في السجن، وأثناء خروجي يفلت من يدي المصحف الشريف ويسقط أرضا، لكنني في لهفة شديدة أسارع لالتقاطه قبل سقوطه، والغرض من المشهد تبيين مدى حمية المجاهدين تجاه القرآن وحبهم له، وهذا ما يلفت نظر الضابط الروسي لهذا التصرف ومدى حب هؤلاء لكتابهم، وهذا ما يجعله مهتما بالقرآن فيقرأه ويتبين له انه كتاب عظيم ويكون هذا سببا لاعتناقه الاسلام وانضمامه للمجاهدين فيما بعد، وهذه قصة حقيقية من الواقع رصدناها من قصة حدثت لأحد المجاهدين في أفغانستان. ولا أدري لماذا فبركت هذه الكذبة ضدي. أنا من يجب ان يطالبهم بالاعتذار عما بدر منهم. وهنا أقول للجمهور في العالم الاسلامي عفوا عن المشهد الذي ذكرته كما هو ان كان فيه اساءة للاسلام او القرآن مع العلم انه ليس هناك نية للاساءة.

 برأيك من فبرك الموضوع هل يقصد الاساءة لعابد فهد شخصيا؟ - بالتأكيد.. وإلا لماذا تحدثوا زورا وبهتانا عني بغير علم، والحقيقة أن الموضوع واجه استغرابا واستهجانا من الفنانين السوريين ومن المثقفين، حيث اصدروا بيانا نددوا فيه بما قيل عني، وقالوا بأنه اساءة لنا وللفن السوري، وهم يرفضون ذلك، وقد استنكروا التهجم علي والاساءة لي، وأنا أقول هنا بأننا لا نسيء لأحد، وطوال مسيرة الدراما السورية لم تسيء لأحد، ولا يمكن ان تسيء يوما لأحد مهما كان دينه أو جنسه أو لونه أو اتجاهه.

 هل تعتقد بأن المجلة أرادت أن تحدث فرقعة بهذه القصة التي اخترعتها؟

- بالتأكيد، وللأسف هي كذب ولا يمكن لأحد ولا لأي وسيلة اعلامية أن تنجح بالكذب والتزوير، لأن الحقيقة لا بد ستظهر للناس مهما طال الأمد، وهي تريد الظهور على ظهري لتنجح ويعرفها الناس، وانا شخصيا دعوت لمناظرة علنية يظهر فيها المخرج والكاتب والنجم وانا ومن يتهموننا، وسنجلب المشهد الذي لم يره الناس والذي استغل ليكذب علينا من خلاله، لنظهر للناس علانية كذبهم وزيف كلامهم.

هل سترفع دعوى ضدهم مستقبلا؟

- اذا رفعت دعوى باسمي ضدهم سأعطيهم قدرا كبيرا وسأجعل منهم قصة للصحافة ذات شأن، ولذلك لن أرفع دعوى ضدهم لأنني أكبر من ذلك وقد رددت عليهم وهذا كفاية، ولن أقلل من قدري في الدخول معهم الى المحاكم والقضايا التي تطول ولا فائدة منها، وهنا أدعوهم لاحترام المادة التي ينشرونها لتكون لهم مصداقية مستقبلا لدى القارئ العربي.

 يقال بأن فنانا خليجيا هو من تحدث ضدك وهو صاحب الشائعة التي روجت لها المجلة؟

- الحقيقة أنني أعرفه جيدا وهو من دولة خليجية وكان مشاركا في العمل وأستطيع فضحه على وسائل الاعلام، لكنني لن اعامله بالمثل وسأكون أكبر من ذلك. > اذا كان كل دور سيؤديه الفنان العربي سينعكس عليه سلبا في الواقع، خاصة اذا ضم الدور مشاهد لأداء شخصية جاهلية وفيها كلمات وألفاظ ستسيء له على أرض الواقع، كيف ستتعاملون مع هذه الأدوار مستقبلا؟

- الحقيقة يجب الفصل بين الفن والواقع، في دور الحجاج أديت الدور بنجاح، والحجاج هو من أمر بقصف الكعبة، هل سيقال بأن عابد فهد أساء للكعبة، هذا شيء سيىء، هناك فنانون أدوا أدوارا لشخصيات مثل أبو جهل وأبو لهب وهم كانوا يتكلمون كثيرا على النبي وعلى الاسلام، فهل سيحاسب من يؤدي الدور لأنه قال ما قاله في الدور الذي يمثله، هذا جهل كبير، ثم ان التاريخ فيه الشخصيات الجيدة والسيئة، وهناك من خدم الاسلام وهناك من أساءوا له، ولا يجب التعتيم على التاريخ، ونحن غالبا نقدم الشخصيات الايجابية في أعمالنا، وحتى من فيه سلبيات أحيانا يتم التغاضي عنها لكي لا ينزعج الناس، وهذا منطقيا وعلميا وتاريخيا خطأ، حيث يجب أن يقدم الشخص بكل ما فيه من سلبيات وايجابيات والحكم عليه من خلال ما كتب عنه وليس بما نصنعه عنه.

 نعود لتاريخك الفني الحافل فقد أديت أدوار الحجاج والظاهر بيبرس وجساس بن مرة وغيرها من الأدوار المهمة، ما هو أكثر دور ترك لك شعبية في نفوس الناس؟

- الحقيقة كلها مهمة وزادت من رصيدي لدى الناس وكل دور كان مكملا للآخر، وكانت بداية الانطلاقة مع دور جساس بن مرة في الزير سالم، وكلها أحبها الناس وأعجبوا بها. والناس تحترم وتتابع العمل القوي الموثق الذي يحترم عقليتهم ويقدم الحقيقة كما هي. ولهذا هم عندما يتحدثون عن الحجاج او الظاهر بيبرس فهم يتحدثون عن العمل الذي قدمته بشكل جيد، وقد قيل بأن أهم ما عرض تلفزيونيا عن هذين الرجلين هو ما قدمناه في اعمالنا، حتى ان الصحافة والنقاد قالوا الكثير من المديح فيهما، وقالوا بأننا وصلنا لذروة الشخصية في العملين وهذا شيء مهم وقد قيل أيضا لن يقدم عمل أكثر قربا من الشخصية التاريخية وأكثر دقة مما قدمه عابد فهد في الحجاج والظاهر بيبرس، وهذا شرف كبير لي ومسؤولية مضاعفة لأقدم الأفضل دائما.

 عملت بداية مع المخرج حاتم علي في «الزير سالم» ثم لم نرك معه في أعمال أخرى فما السبب؟

- لا يوجد سبب حقيقي سوى أن ظروف العمل قد أخذت كلا منا الى جهة ما، وهو أننا عملنا كل في مشروع فني مختلف، ونجاح تجربتي مع المخرج محمد عزيزية في «الحجاج» و«الطريق الى كابل» شجع الجهة المنتجة على المضي في المزيد من الأعمال التي نقدمها معا، وحاتم له أيضا مشاريعه الفنية المميزة مثل مشروع «الأندلس» وفي أعماله الواقعية ظروفنا لم تساعد على الالتقاء، وقد دعاني ذات مرة للمشاركة في «التغريبة الفلسطينية» ولكن ظروفي حينها لم تسعفني للمشاركة معه، فاعتذرت ولم نلتق بعدها.

 شاهدنا عابد فهد الكوميدي في عدة اعمال تلفزيونية في مرحلة سابقه ثم اتجهت للاعمال الجادة والتاريخية فهل تخليت عن الكوميديا؟

- لم اتخل عنها ولكنني أجد العمل والنص الجيد اللذين يحفزانني للقيام به وفي بداياتي كنت أحب الكوميديا، ثم وجدت أنني نفسي في الأعمال الجادة والحقيقة انني عندما اتقمص شخصية تاريخية وأنجح بها أشعر وكأنني مقاتل فاتح حقق الكثير في معركته وهو متعة كبيرة لي. لا اخفيك تشدني الأعمال الجادة، خاصة التاريخية، والواقع لا يوجد نص كوميدي يحقق لي الحضور الذي يحققه لي العمل التاريخي. أنا ضد الاستسهال في أعمالي ولا أقبل بتقديم عمل كوميدي أصوره في غرف وهو لمجرد التهريج والضحك فقط، وصلت لخط معين لا يمكنني فيه الرجوع للوراء وحاليا أجد نفسي في الأعمال التاريخية. ومع هذا اذا وجدت نصا كوميديا تتحقق فيه شروط معينة مكانية وزمانية جيدة وفيه مقولة مهمة، فلن اتردد في عمله ولكن للآن لا شيء حولي من هذا النوع.

تردد هذا العام بأنك ستشارك في مسلسل ذاكرة الجسد ثم قيل بأنك تركت العمل بسبب خلاف حول الأجر المالي الذي رفضته هل هذا صحيح؟

- نعم، الكلام صحيح، انا أرفض أن يفاوضني أحد على أجري المالي الذي اطلبه، لأنني اعرف وزني الفني تماما ولا أطلب إلا ما أستحقه فقط، فأنا أبذل جهدا في كل دور أؤديه، وفي العمل المذكور هناك جهد سيبذل وهناك سفر لعدة دول، وأنا من النوع الذي يتعب على الدور الذي يقدمه، وبالطبع سأبذل فيه جهدا كبيرا، وأنا طالبت بما أستحقه ولم نتفق على الأجر، ونحن في سورية لدينا نجوم تباع الأعمال الفنية على اسمائهم، وعندما يقدم العمل الى أي فضائية ويعلمون ان في العمل نجوما أمثال بسام كوسا أو جمال سليمان أو سلوم حداد أوجهاد سعد أو غيرهم، فإن العمل يباع لمجرد وجود اسمائهم ومشاركتهم فيه، وهذا بدوره يجلب للمحطة الاعلانات الجيدة والمتابعة الكبيرة، وكل من هؤلاء مشروع اقتصادي مربح لوحده. > هل ترى فعلا وجود أزمة تحدق وتحيط بالدراما السورية هذا الموسم؟

- بالتأكيد توجد ازمة حقيقية وهي ليست من خيالنا، وحتى الآن (قبل رمضان) لم يتم توزيع سوى ثلاثة أو اربعة أعمال فقط من ما أنتجته الدراما السورية هذا العام، وكلها اعمال من انتاج خارجي أو مشترك، أما ما أنتج محليا فلم يشتر أبدا وتم رفضه، وما تم توزيعه من مسلسلات «باب الحارة» و«خالد بن الوليد» و«سقف العالم» و«ممرات ضيقة»، أما الباقي بقيت عند أصحابها. ولهذا نحن طالبنا باستثمار هؤلاء النجوم بما يحملونه معهم من اعمال على شاشاتنا السورية ورعايتهم لأنهم صناعة سورية وهم لهم هويتهم المميزة وهي من عرفت العالم العربي بسورية وهي دراما أنيقة وحديثة متطورة لها احترامها وتلامس واقع الناس وتغازل السياسة بشكل لافت للنظر وتحترم المشاهد وتتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا العربية. ونحن طالبنا بعرضها حصريا على شاشاتنا السورية وطالبنا بتطوير آلية العرض والاعلان على الفضائية السورية لنواجه المخاطر التي تهددنا من الخارج، وفعلا تبنت الدولة الدراما هذا الموسم وأصدر الرئيس بشار الاسد قرارا مهما جدا ومشكورا بضرورة شراء كل الأعمال السورية التي لم تبع، وعددها عشرون، على الفضائية السورية، وتم تخصيص مبلغ عشرة آلاف دولار عن كل ساعة عرض ولكل عمل، وهذا شيء جيد ويقلل من خسائرنا هذا العام. نحن في سورية سنعمل على حماية درامانا والمصريون يريدون ان يحتكروا الساحة الفنية لهم ويبعدونا عنها، وقد ظهرت تصريحات من نجم مصري كبير مفادها أن تلامذة الأمس تمردوا على أساتذتهم، وأعتقد بأن من حقنا العمل ونحن قدمنا الأفضل دائما ولهذا نجحنا. من طبعي البعد عن المهاترات والفن السوري كبير وله تاريخه المعروف وله متابعوه في كل الدول العربية وله نجاحاته المعروفة. > هل يعني هذا ان عملك الجديد «الليلة الثانية بعد الألف» لم يسوق خليجيا هذا العام؟

- لا لم يسوق، وقدمته لعدة قنوات خليجية ورفضت شراءه بحجة عدم وجود مكان لعرضه، وقالوا بأنهم مكتفون هذا العام وهذا ازعجني كثيرا. > لو دعيت الى مصر هل ستشارك في الدراما المصرية كباقي النجوم السوريين الذين ذهبوا للعمل في مصر؟

لا شك ان الدراما المصرية عريقة ولها تاريخ كبير ومهم، وهناك من أساء لنا وصرح ضدنا وهو ليس قاعدة عامة، فهناك محبون لنا في مصر ونحن نحبهم وهم اخوتنا وأنا ضد هذه الحرب المعلنة التي يدعو لها البعض وكأننا اعداء فنيا. اما عن مشاركتي فقد أشارك بشرط أن يكون الدور باللهجة السورية وأن يكون مؤثرا في العمل وله قيمة كبيرة والا لست مضطرا لهذه المشاركة.