منخفض سياسي عميق يجتاح المنطقه

mainThumb

21-12-2013 06:31 PM

في الآونة الأخيرة شهدت المنطقة زيارات مكثفه لوزير الخارجية الامريكي كيري ويبدو أنه وبعد اشهر من اللقاءات المتواصلة مع الجانب الاسرائيلي والجانب الفلسطيني وبالتنسيق مع عمان ودول عربيه بدأت ملامح التسوية النهائية للقضية الفلسطينية لتأخذ طريقها للتنفيذ وفق مخطط كيري والذي حمل مشروع (السلام الاقتصادي).

ففي الخبر الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية قبل يومين ما يوحي بقرب تنفيذ بنود خطة كيري، حيث أشارت الى  أن الخارجية الأميركية، استأجرت 50 غرفة في أحد الفنادق الفخمة في القدس المحتلة لاستقبال طاقم المفاوضات الامريكي والذي يضم 130 شخصا بقيادة الجنرال آلان الذي عين مؤخرا في منصب المستشار الخاص لوزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين.

الخطة الأمريكيه ترتكز في جوهرها على القرار رقم ( 1515)  الصادر عن مجلس الأمن في نوفمبر 2003 والذي تبنى خطة خارطة الطريق حيث جاء فيه: منطقـة تعيش فيها دولتان، إسرائيل وفلسطين جنبـا إلى جنب ضمن حدود آمنة ومعترف بها ، القرار تحدث عن دولة للفلسطينيين ولكنه لم يحدد فيه مكان وحدود الدولة الفلسطينية ، وتحدث عن حدود تتفق عليها الاطراف المفاوضه لاحقا وتقوم على تبادل بعض الاراضي بمعنى قيام دولة فلسطينيه بجغرافيا تختلف عن حدود ما قبل 67 ، تحدث عن دولة فلسطينيه هلاميه فاقده كل مضامين السيادة السياسية، دولة ارادها العالم لتكون منزوعة السلاح ليقتصر دورها فقط على تدبير الأمور الحياتية لسكان الصفة الغربيه ،  دولة فلسطينية غير قادرة على الحياة الا من خلال ربط الضفة الغربية بالأردن كما كان قبل 67، دولة  منقوصة من حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، كل ذلك تمهيدا لقيام دولة اسرئيل اليهودية الهوية.

 ففي ظل ضعف الأمة العربية وخروج سوريا والعراق ومصر من دائرة التأثير وحتى لو كان هذا التأثير شكليا بعد اشغال شعوبها وأنظمتها في صراع دموي تحت مسمى ثورات الربيع العربي ، وفي ظل شلل تام أصاب  الفصائل الفلسطينيه المقاومه والتي وقفت موقف المتفرج ، فلاهي  قادرة على الدخول بالحكومة الفلسطينيه وتَحَمُّل المسؤولية ولا هي قادرة على وقف مسلسل الانهيار الذي تعرض له المشروع الوطني الفلسطيني ، وبعد الاتفاق الذي  وقعت عليه ايران مع دول 6(5+1)  أصبحت الطريقة سالكه لتطبيق الخطة الامريكيه وفق المنظور الاسرائيلي بتحديد مسار ملف الأمن أولا وقبل الحدود ، وتطبيق الخطة الأمنية التي بلورها آلان (المستشار الخاص لوزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين) والتي تقوم على ثلاثة أركان مهمة أولها إبقاء قوات من الجيش الإسرائيلي في منطقة الأغوار شرق الضفة الغربية، وثانيها الإبقاء على نقاط أمنية مبكرة على الجبال المحيطة بمدينة أريحا المطلة على منطقة الأغوار مع الإبقاء على المعسكرات الإسرائيلية العسكرية المنتشرة في منطقة الأغوار، مع تواجد قوة دولية على الحدود مع الأردن.

لم يعد هناك مجالا للشك بأن الخطة الأمريكية لحل الصراع في المنطقة ماضية وبخطوات متسارعه ، فقد سبقها تفاهمات سرية بين جميع الاطراف وتمخض عنها مشاريع أخذت طريقها على أرض الواقع ، وفي هذا السياق لايمكن قراءة المشاريع الاقتصادية (السلام الاقتصادي) بمعزل عن الترتيبات الامنية القادمه ، فمشروع السكة الحديديه بين إربد وحيفا قد بدا تنفيذه بالفعل وقاربت المرحلة الاولى على الانتهاء بطول  ستين كيلومترا ، وحاليا يدور الحديث عن مشاريع اقتصادية للفلسطينيين، مثل إنشاء مطار خاص بهم في منطقة أريحا إلى جانب مشاريع استثمارية أخرى ، وآخرها اتفاقية ناقل البحرين التي  لم تكن لترى النور لولا أنه كان هناك اتفاق على الخطوط العريضه للخطة الأمريكيه  ، فبعض التفاصيل التي سربتها الصحف الاسرائيله مؤخرا عن الخطة تقضي  بتحويل كامل منطقة أريحا والاغوار إلى مركز اقتصادي تتقاسم  إدارتة مؤسسات فلسطينية - “إسرائيلية” – أردنية مشتركه. وفي المقابل هناك غموض يحيط ببقية تفاصيل خطة كيري ، فحتى المفاوضون الفلسطينيون اشتكوا من أن رئيس السلطة ( محمود عباس ) يحجب عنهم ما يدور بينه وبين الوزير الأميركي!! وحتى مجلس النواب الاردني ومعظم وزراء الحكومة الاردنية لم يطلعوا على تفاصيل ما اتفق عليه ومنشغلين بتحسين رواتبهم التقاعديه وتحقيق المكتسبات الشخصية على حساب الثوابت الوطنية .

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل ستمر خطة كيري بكل سهولة ويسر دون وجود معارضة شعبيه وحزبيه ،خصوصا أن معظم الأنظمة العربية التي ستبارك خطة كيري نظرّت على شعوبها بأنها الامينة على قضايا الامة العربية والمدافعة عن راية الاسلام والعروبه وهي التي أعدت جيوشها لتحرير فلسطين العربيه ! وفي المقابل هل ستتحرك أحزاب المعارضة الفلسطينية والعربية المناهضة لمشروع التسوية وتشكل ضغطا سياسيا بتحريكها الشارع الفلسطيني والعربي فتقلب الطاولة على مهندسي الحلول الاستسلاميه ؟ وخصوصا أن هناك تيارات شعبيه متعطشه للحرية بدأت بالتحرك في اقليمها لتحقيق اهداف أمتها العربية وهي قادرة على تشكيل منخفض سياسي يعصف بالمنطقه  اذا وحدت جهودها وارتفعت على خلافاتها وتخلت عن مصالحها الحزبية الضيقة ؟ !!

msoklah@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد