الجريمة المنظمة بين الوقاية والعلاج
لفت انتباهي الكاتب ماهر ابوطير في مقالته الموسومة "العصابات المسلحة " والمنشورة في صحيفة الدستور بتاريخ 28/12/2013؛ يتحدث الكاتب فيها عن تنامي ظاهرة العصابات الجماعية في الدولة ويقدم بعضا من المقترحات لمواجهتها.
أتفق مع الكاتب المحترم فيما ذهب اليه بقوله " ميزة البلد ان ظاهرها يبدو ناعما ، غير أن تحت هذه النعومة عالما من البلاءات التي ننكرها في مواقيت فخرنا واعتزازنا!." وقوله " فإننا بالتأكيد سنشهد نموا في عالم العصابات، و " أن الجريمة في البلد كانت فردية ، ويوماً بعد يوم تحولت إلى جريمة منظمة ، من عصابات المخدرات الى عصابات السيارات وما بينهما.
غير أنني لا أتفق مع طرح الكاتب لمواجهة هذه الجريمة المنظمة ؛ حيث يقترح اعادة مراجعة القوانين بشأن العقوبات في حال وجود عصابات، و تزويد الامن العام بتقنيات ومعدات مختلفة ، وتحسين اوضاع ومزايا كادر الأمن العام ، وإطلاق حملة امنية ضخمة تشارك بها عدة جهات وتوجه ضربات قاسية لهذه العصابات.
في علم الإستراتيجية ؛ فإن ماذهب اليه كاتبنا ؛ يعالج بعض مخرجات الجريمة " نتائجها " ، وذلك يشبه المسكن الطبي لبعض الأمراض المستعصية ؛ فهو يخفف ألمها ؛ وربما يخفيه ولكن سرعان ما يتفاقم ذلك الألم بعد انتهاء الفترة الزمنية لمفعول المسكن !.
وفي علم الإستراتيجية أيضا ؛ فإن حل أي مشكلة ؛ مهما كان نوعها ؛ يبدأ بتشخيص الأسباب الرئيسة لظهورها ؛ ومن ثم يصار إلى معالجة الجذور الأقوى وفقا لأولويات مدروسة علميا بعيدا عن الارتجالية والتخمين.
والتساؤل : ماهي الأسباب الرئيسة لظهور الجريمة المنظمة ، سواء في الأردن او في أي مكان في العالم ؟!، تجيب على جانب منها دراسة علمية للبروفسور عبدا لهادي مصباح زميل الاكاديمية الأمريكية للمناعة ونشرت هذا العام ، حيث طرحت الدراسة العديد من الاسباب منها أسباب بيولوجية، أسباب بيئية، اسباب اجتماعية والإدمان ، ومما لفت نظري اسبابا قد لا نوليها أي اهمية مثل التلوث والغذاء !.
أظهرت الدراسة أن نقص بعض العناصر الغذائية مثل : الزنك ، والسيلينيوم ، والنياسين ، والترببتوفان ، وحامض البانتوثنيك ، وفيتامين B6، وفيتامين C ، والحديد ، والماغنسيوم وغيرها له دخل وثيق بظهور بعض الأعراض العدوانية ، والميل تجاه العنف !.
كما أن التلوث من خلال الكيماويات والمبيدات الحشرية والسموم ، وبعض أنواع الأسمدة الكيماوية ، والكيماويات الزراعية بشكل عام تؤثر على نمو مخ الطفل ، وعلى جهازه المناعي ، وعلى الهرمونات التي تفرز من الغدد الصماء ، ولعل الاضطراب الذي يحدث في هرمون الغدة الدرقية يكون له علاقة وثيقة بالتوتر والعصبية ، وضعف مستوى التعلم والإدراك والذكاء ، وتأخر الاستجابة للمنبهات المختلفة ، كما أن هرمون الثيروكسين يؤثر أيضا على هرمون الكورتيزول الذي له علاقة بالعدوانية والانفعال ، والذي يؤثر بالسلب على الجهاز المناعي .
ان الأسباب السابقة ويضاف اليها العوامل اجتماعية ، وتشمل الفقر، والظلم ، والبطالة ،والفراغ ، والضغط العصبي والظروف المعيشية السيئة التي تولد الحقد والغضب والمرارة والتي أصبحت ماثلة للعيان في الدولة جميعها تؤدي إلى العنف.
في علم السلوك ؛ الإنسان تحركه حاجاته غير المشبعة ؛ حيث تخلق دافع باتجاه نمط سلوكي يلبي هذه الحاجة ، والمختصين في علم الإدارة والسلوك ؛ يعرفون نظرية الحاجات التي طورها ابراهام ماسلو ؛ حيث رتب الاحتياجات البشرية بشكل متصاعد تبدأ بالاحتياجات الفسيولوجية (المأكل ، المشرب ، المسكن والزواج ) وتليها الحاجة للأمن ، ثم الاحترام والتقدير وتحقيق الذات ، ولا يمكن أن ينتقل الإنسان الى إشباع حاجة مالم يشبع الحاجة التي تسبقها ؛ وبالمناسبة فهذه النظرية مأخوذة من القرآن الكريم " فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ " ، وفي الأردن ، يعتبر العامل الاقتصادي من اهم أسباب الجريمة فالمجرم قبل ارتكابه للجريمة يجد نفسه مطوقاً بظروف مادية قاسية ، سواء كان عاطلا أو أن دخله لا يكفيه ومن ثم يزداد لديه الشعور بالحرمان ، وعندئذ يندفع تلقائياً الى السلوك الإجرامي !!!.
لا أعتقد أن الدولة ستنجح في محاربة الجريمة المنظمة أو الحد منها من خلال زيادة كادر الأمن العام والدرك وتزويدها بأحدث التقنيات ، فأجهزة الأمن تقوم بواجبها على الوجه الأكمل ولديها أفضل التقنيات الحديثة ولا ينقصها العدد أو العدة ، لكن الدولة ستحقق نجاحا ملموسا إذا اقدمت على علاج الأسباب وإشباع احتياجات الناس ، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاهتمام بحقوق الفرد بشتى انواعها صحة وتعليما وتكافؤا في الفرص ودخلا ماديا معقولا ؛ إضافة الى تعزيز الرقابة على الغذاء ومحاربة التلوث ، وإعادة النظر بالمناهج التعليمية.
وبغير ذلك قفد لا نتفاجىء بأن يتحول بعضا من رجال الأمن والعديد من فقراء الدولة الى دعم العصابات المنظمة ؛ أو الانخراط ضمن صفوفها ؛ وخاضة عندما يرون هوامير الفساد ينعمون بأموال الشعب نهبا وسلبا وهؤلاء المحرومين يحرسون قصورهم في دابوق وعبدون !!!.
a.qudah@yahoo.com
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء
المفوضية الأوروبية تحقق مع جوجل بسبب الذكاء الاصطناعي
وفاة مشهور التواصل السعودي أبو مرداع بحادث مروع
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
أخطر الكتب في التاريخ .. هل تجرؤ على قراءتها
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
البدء بإنتاج أول سيارة كهربائية طائرة
ارتفاع جنوني في أسعار الذهب محلياً اليوم
الخطاطبة رئيسًا لجمعية أطباء العيون



