التجارب الحزبية المرة

mainThumb

31-12-2013 02:37 PM

لا تكمن أهمية التجربة المرة التي يمر بها الفرد, أو تمر بها جماعة أو تنظيم أو حزب ... في تدارك نتائجها السلبية والتخلص من أعباء تلك التجربة وآثار الهزة التي تحدثها تلك التجربة على الكيان الشخصي للفرد أو التنظيمي وهياكله التنظيمية,أو على المنطلقات الفكرية وسياساتها العملية أو على فرضياتها الاقتصادية –الاحتماعية التي تتبناها الأحزاب والتيارات السياسية  والتنظيمات المدنية الحراكية,وتروج لها بطروحاتها الفلسفية والتفسيرية.

فقد تعددت تجارب الأحزاب العربية الأيدولوجية بشكل خاص ومرت في معظمها بسلسلة من النتائج بكل أصنافها السلبة منها والإيجابية, وعانت من مرارة تلك التجارب التي خلفتها نتائجها.وإنما تتجلى أهمية مثل تلك التجارب في الدروس المستفادة منها,وفي عملية النقد والنقد الذاتي التي تناقش بصراحة ودون تردد أو مجاملة أو ممالأة الأسباب المؤدية لها كما هي عليه وليس كما ما لا يجب أن تكون عليه,وتحمل المسؤولية  بأطرها الأدبية لسياسة الحزب التنظيم, وتحديد المسؤولين عنها مسؤولية مباشرة بغض النظر عن مراكزهم في الهرم التنظيمي, أو موقعهم التكريمي,ومحاسبتهم بشفافية وما أمكن من مفردات العدالة!.

مرت الأحزاب العربية الأيدولوجية بشكل خاص منها بتحارب عديدة أقل ما يقال فيها إنها تجارب شديدة المرارة, قاسية النتائج لإنها طالت الهرم التنظيمي بالانقسامات الرأسية والأفقية, كما طالت الفكر العقائدي, الذي تناولته الاتهامات من مختلف جوانبه التحليلية والفلسفية..., ولم تنجو منها السياسات العامة والممارسات التقليدية لنظم حكمها وإدارة الشأن العام في عدد من الأقطار العربية. وكان التطلع إلى الحكم في كل هذه الأحداث الهدف المنشود والقبض على مفاتيح السلطة الغاية التي لا تضاهيها غاية أخرى.

ومما يلفت النظرإنه في كل تلك الأحداث  التي قادت إلى الانقسامية التنطيمية والفشل في الاستمرار بالسلطة,لم يطل النقد والتحليل الذي تولته النخب الحزبية ومفكريها سوى سلوك الأفراد وفشلهم في الالتزام بتطبيق الفكر العقائدي,وابتعادهم عن أصول التعامل مع مبادئ الحزبالتنظيم.

وباستثناء مبادرة المرحوم الدكتور منيف الرزاز التي تجلت في كتابه التجربة المرة ونشره على الجميع,ظنت بعض الأحزاب والقوى والتيارات السياسية أن تجاربها قضية تخصها وحدها ,وإنها شأن داخلي عليها مراجعة أسبابه ومعالجة نتائجه بسرية تامة.وهذا السلوك في التخفي بمصارحة الناس بما تواجهه التنطيمات السياسيةالاجتماعية من مشاكل وما تعانيه من متاعب, وما تقاسيه من تجاربه, يمثل أول طعنة دامية وليست بالضرورة  قاتلة في جسد ذلك التنظيم,لسبب بسيط وملخصه:ما دام التنظيم يدعي أنه يعمل من أجل الوطن والمواطنين,فمن حق المواطن وحق الوطن عليه أن يعرف ما حدث بالتفصيل, وأن يشارك في البحث عن الأسباب والنتائج وتحليلها ويساهم في رسم طريق الخروج من المأزق الذي قادت القيادة التنظيم إليه.لأن الفشل ينعكس على الجميع ولا تقتصر نتائجه على المتصدرين للعمل التنظيمي دون كفاءة أو لأسباب تخص الحزب وأعضاءه.هذا إذا كان التنظيم فعلاً تنظيماً وطنياً لخدمة الوطن والمواطنين, أي التخلص من  أمراض الأنوية (الأنا المرضية) النخبوية والنحنوية التي تدعيها تلك المجموعات وتفرض بها نفسها على الآخرين دون تمييز أو بصيرة بمتغيرات العصر وموجبات المصارحة والمكاشفة التي تعبر عن سمة التحضر في السلوك وفي المنهج.

جوهر التجربة المرة للحزبالتنظيم, في إنها تمثل يقظة ضمير جمعي لدى قيادة التنظيم من جهة المسؤولية المباشرة,ولدى كل عضو من أعضائه بحكم المسؤولية التنظيمية . وتجاهل يقظة الضمير,جهل بمسار المستقبل المؤدي إلى الديمومة والصلاح, وتحقيق الأهداف والغايات ,وهي التجربة الحقيقة لصلاح المبادئ ومصداقية طروحاتها التي تتبناها الأحزاب التنظيمات.إهمال يقظة الضمير وتجاوز الاستجابة لمتطلبات المراجعة والمحاسبة نقطة تحول في مسار الحزب التنظيم نحو التقلص والتمزق والاندثار.ويظل السؤال الذي يقول :فشل العقيدة أم فشل العقائدي؟؟,يمثل تحدياً صارخاً لمفكري الأحزاب وفلاسفة طروحاته,ومعدي برامجه ومناهجه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد