إدارة الأداء في الخدمة المدنية

mainThumb

03-01-2014 08:29 PM

يهدف نظام إدارة الأداء إلى حصر العمل بفئة قادرة على ألإنجاز وعدم الإبقاء على ألأشخاص غير القادرين على القيام بالمهام الموكلة اليهم ، سواء أكانوا موظفين او مدراء إدارات او مدراء عامين ، وبموجب هذا المبدأ المتقدم يتم تقييم أداء الموظف بالمقارنة مع الأهداف والمؤشرات الرئيسة للأداء ، والتي يتم وضعها بالشراكة بين الموظف ورئيسه المباشر عن الفترة التي يتم خلالها التقييم ، بحيث تكون محددة في بداية فترة التقييم ، وتخضع لتحديث مستمر خلال فترة الأداء ، وينظر للأداء هنا على أنه ترجمة عملية لكافة مراحل التخطيط في المؤسسة الحكومية ، ولا يعتبر هدفاً بحد ذاته ، وإنما وسيلة لتحقيق غاية "نتائج".

في الدول المتقدمة ، العمل والإنجاز هو الذي يحكم بقاء المسئول في موقعه ، حيث يتم تنظيم اتفاقية للأداء بين المنفذ والمسئول تتضمن الاهداف التي سوف يحققها الموظف / المدير ، والمستويات المستهدفة خلال فترة التقييم ؛ وفي حال إخفاق الموظف عن تحقيق المستوى المستهدف يتم الإطاحة به بعزله من موقعه وإلى غير رجعه !!! ، وبالمقابل ؛ فإن الإدارة تكرم وتحفز وترقي الموظف الذي يحقق الاداء المعياري وبما ينسجم ومستوى الأداء.
والتساؤل : هل يمكن للإدارة العامة الأردنية تطبيق هذا المبدأ ؟! ، وماهي النتائج  والآثار المتوقعة على مستوى أداء الأجهزة الحكومية على المدى المتوسط والبعيد ؟!.

يأتي إقرار نظام الخدمة المدنية الجديد خطوة بالاتجاه الصحيح ، ولعله يؤسس لمرحلة جديد من مراحل تطوير القطاع العام الأردني ؛ فقد إشتمل على نصوص تشريعية تخدم التحسين المستمر ؛ إن طبقت على أرض الواقع بشفافية وعدالة ؛ ومنها ضبط عدد الوظائف المساندة بما لا يتجاوز نسبة (30%) إلى عدد الوظائف الأساسية ، إضافة الى مبدأ جديد في إستراتيجية التوظيف ، بحيث يكون التعيين بمؤسسات القطاع العام بموجب عقود على وظائف ذات فئات ودرجات ووصف وظيفي محدد ، وهذا يعني من بين مايعنية انتهاء فكرة " من دخل بيت ابوسفيان فهو آمن "!، فالأمان الوظيفي يتحقق للموظف الجدير فقط.


أما الجانب الآخر ، والذي أعتقد أنه ألأكثر أهمية ، ويشكل سابقة هامة في تاريخ الإدارة الحكومية ،فهو إيجاد منظومة أداء لشاغلي المجموعة الثانية من الفئة العليا ومن في حكمهم ، بحيث تتضمن آلية التقييم ومؤشراته التي تستند الى تحقيق أهداف المؤسسة الإستراتيجية ، وهذا يعني أن المدير العام / الأمين العام الذي تفشل مؤسسته في تحقيق النتائج المستهدفة في إستراتيجيتها المعلنة ، سيتحمل نتيجة فشله وبالتالي عليه مغادرة موقعه فورا ، في حين كان مثل هؤلاء الفاشلين إما يتم تدويرهم لمؤسسات اخرى لنقل فشلهم وإما توزيرهم ؛ إرضاء لمرجعياتهم  المناطقية او السياسية !. 


نظام الخدمة المدنية نقلة تشريعية في تاريخ الوظيفة العامة ؛ والتطبيق السليم لأحكامه يؤسس بالتأكيد لمبدأ الإدارة بجز الأعناق ؛ وهذا المبدأ ليس ببعيد عن تاريخ امتنا فقد كتب عمر بن عبدا لعزيز لأحد ولاته : "قد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإما اعتدلتَ وإما اعتزلت". وهذا الخطاب الذي يطرب المواطن لسماعه لقادة مؤسساتنا العامة.


أما بخصوص النتائج المتوقعة من تطبيق هذا الفكر الجديد ، فقد لا تكون شعبية على المدى المتوسط ، ذلك أنه سيتم " تعشيب " الجهاز الحكومي من عدد كبير من ذوي الأداء المتدني ، ناهيك عن تدخل بعض البرلمانيين لتعطيل التنفيذ الفاعل للنظام ، وهذا يتطلب إستراتيجية تغيير محكمة تنفذها وزارة تطوير القطاع العام وديوان الخدمة المدنية ؛ وإذا نجحت هذه الإستراتيجية ، ونأمل ذلك ؛ فسيكون الأثر إيجابيا على المدى البعيد في ترشيق الجهاز الحكومي وضمان فاعليته .


a.qudah@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد