الاقتصاد الأردني بين مفارقة الاستقرار وتحدي النمو الحقيقي
رغم ما يتمتع به الاقتصاد الأردني من استقرار نقدي ومالي لافت في محيط إقليمي مضطرب، فإن معدلات النمو ما تزال دون مستوى الطموح التنموي، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7% في النصف الأول من عام 2025، مع توقعات رسمية بأن يقترب النمو من 3% في السنوات المقبلة، هذه المفارقة بين الاستقرار والوتيرة المتواضعة للنمو تضع سؤال التنمية الحقيقي في صدارة النقاش: لماذا لا يتحول الاستقرار إلى قاطرة نمو أعلى وأكثر شمولًا؟
لا جدال في أن البنك المركزي الأردني أدى دورًا محوريًا في ترسيخ هذا الاستقرار، عبر الحفاظ على ثبات سعر الصرف، وضبط مستويات التضخم التي استقرت عند نحو 2%، وتعزيز احتياطيات أجنبية تغطي أكثر من 7 أشهر من المستوردات، ويتمتع القطاع المصرفي الأردني بملاءة قوية وصحة مالية جيدة، ما وفّر مظلة أمان عالية للاقتصاد في مواجهة الصدمات الخارجية، وهو ما تؤكده تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزي ووزارة المالية.
غير أن هذا النجاح النقدي لم يُترجم بالكامل إلى تحوّل بنيوي في الاقتصاد الحقيقي، فما يزال الاقتصاد يعاني من اختلالات هيكلية مزمنة، أبرزها ضعف الإنتاجية، وارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، إضافة إلى قاعدة إنتاجية محدودة التنوع، ويُبقي ذلك النمو رهينة لعوامل خارجية أكثر من اعتماده على ديناميكيات داخلية مستدامة.
وتظهر هشاشة النمو بوضوح في بنية الصادرات، إذ تشير أحدث البيانات إلى أن نحو 68% من الصادرات الأردنية تتركز في 8 مجموعات سلعية فقط، معظمها منخفض التعقيد، فيما لم تتجاوز حصة الصادرات الصناعية عالية التكنولوجيا 1.7%، ورغم أن الأردن يحتل المرتبة 45 عالميًا على مؤشر التعقيد الاقتصادي، فإن هذا الموقع لم يُستثمر بعد كأداة توجيه فعلية لاستراتيجية صناعية تستهدف قطاعات أعلى قيمة مضافة.
وفي السياق المالي، ورغم الالتزام الحكومي الواضح بضبط أوضاع المالية العامة، ما يزال الدين العام يمثل تحديًا كبيرًا حيث أنه مرتفعًا نسبيًا، برغم وجود تعهد رسمي بخفضه إلى 80% بحلول عام 2028، كما يُتوقع أن يتراجع العجز في الحساب الجاري إلى أقل من 5% من الناتج المحلي على المدى المتوسط، وهو تحسن مهم، لكنه يظل مشروطًا باستمرار التدفقات الخارجية ونمو الصادرات، بحسب تقديرات الحكومة وصندوق النقد الدولي.
أما على صعيد التمويل، فقد ظل الائتمان المصرفي ميّالًا تقليديًا نحو القطاعات الأقل إنتاجية، إلا أن هذا الواقع بدأ يشهد تحولًا تدريجيًا، إذ تعكس الحزمة التمويلية البالغة 1.1 مليار دولار من البنك الدولي توجهًا متزايدًا لدعم ريادة الأعمال والقطاع الخاص، مع تخصيص جزء مباشر لتمويل الشركات الناشئة، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والخدمات الرقمية، وهي خطوة مهمة لكنها تحتاج إلى بيئة تنظيمية واستثمارية أكثر استقرارًا لتحقق أثرها الكامل.
ويمكن هنا الإشارة إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات والخدمات الرقمية بوصفه مثالًا تطبيقيًا على كيفية تحويل الاستقرار النقدي إلى نمو إنتاجي، فقد استفاد هذا القطاع من استقرار سعر الصرف وانخفاض التضخم في جذب استثمارات خارجية، وتوسيع صادرات الخدمات، وخلق فرص عمل ذات قيمة مضافة عالية، ما يبرز أن الاستقرار حين يُوجَّه نحو قطاعات إنتاجية معرفية قادر على توليد نمو يفوق المتوسط العام للاقتصاد.
وفي هذا الإطار، تبرز أهمية البرامج الإصلاحية الجارية، مثل برنامج تمويل سياسات التنمية بقيمة 400 مليون دولار، الذي يستهدف تحسين بيئة الأعمال وتسهيل الوصول إلى التمويل، بما يمكن أن يشكل رافعة حقيقية للنمو إذا ما اقترن بإصلاحات تشريعية مستقرة وسياسات صناعية واضحة، كما يكتسب برنامج الحماية الاجتماعية القادر على الصمود بقيمة 400 مليون دولار أهمية خاصة في دعم الطلب المحلي وحماية الفئات الهشة خلال مرحلة الإصلاح.
ويبقى سوق العمل أحد أعقد التحديات، إذ لا يمكن لأي مسار نمو أن يكون مستدامًا دون معالجة بطالة الشباب، وهو ما يتطلب تعزيز مرونة سوق العمل، وتطوير التعليم والتدريب المهني بما يتواءم مع احتياجات القطاعات الإنتاجية الجديدة، وهي نقاط أكد عليها شركاء دوليون، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي، كشرط أساسي لتعظيم أثر الاستقرار الاقتصادي.
في المحصلة، يمتلك الأردن اليوم قاعدة صلبة من الاستقرار النقدي، وقطاعًا مصرفيًا صحيًا، واحتياطيات قوية تشكل أساسًا آمنًا للإصلاح، غير أن التحدي الحقيقي يتمثل في الانتقال من إدارة المخاطر إلى صناعة الفرص، ومن استقرار يُدار بكفاءة إلى نمو يُنتج فرص عمل وقيمة مضافة، فالاستقرار ليس غاية بحد ذاته، بل أداة، ولا تكتمل قيمته إلا حين يُسخَّر لبناء اقتصاد أكثر تنوعًا واعتمادًا على الذات.
الشرطة الأسترالية تعلن: منفذا هجوم بونداي أب وابنه
إصابة طفل برصاص الاحتلال الإسرائيلي في مخيم الجلزون
صرف معونة الشتاء مع مخصصات كانون الأول 2025
معك يا النشمي ضمن الأكثر تداولاً على إكس بالأردن
فيضانات استثنائية في آسفي بالمغرب تودي بحياة 7 أشخاص
رجل نام في سرير والدته المتوفاة وما حدث لاحقاً أثار الصدمة
الشرع يعزي ترامب بضحايا الهجوم في ريف حمص
التسلسل الزمني للمنخفض الجوي الذي يبدأ تأثيره على المملكة مساء الإثنين
دراسة حكومية تقدم خريطة طريق لتنمية الاقتصاد الرقمي
تفاصيل مأساوية .. يُنصح بعدم القراءة لذوي القلوب الحساسة
غش في ديزل التدفئة… جريمة صامتة تهدد بيوت الناس
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم سيدني إلى 16 قتيلا
388 عملية تجميل و 8 سنوات بلا طعام .. بلوغر شهيرة تثير الصدمة
النشامى ينهي تحضيراته لمواجهة السعودية بنصف نهائي كأس العرب
الأمن العام يحذر من الصوبات الرخيصة .. ويؤكد: لا تدفئة تستحق المخاطرة بالأرواح
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
المفوضية الأوروبية تحقق مع جوجل بسبب الذكاء الاصطناعي
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
وفاة مشهور التواصل السعودي أبو مرداع بحادث مروع
الخطاطبة رئيسًا لجمعية أطباء العيون
أخطر الكتب في التاريخ .. هل تجرؤ على قراءتها
التربية تستغني عن 50 مدرسة مستأجرة
الزراعة: 451 ألف زائر لمهرجان الزيتون الوطني 25


