أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 27

mainThumb

08-02-2014 01:53 PM

هولندا ، العضو في حلف شمال الأطلسي ، شاركت بقواتها المسلحة في الحرب على ما يسمى الإرهاب في أفغانستان ، ملبية نداء الولايات المتحدة الأمريكية اطلقها الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، وكانت مشاركتها  من سنة 2001-2009، حوالي 1770 جنديا هولنديا ، ثم تناقص العدد ليصبح في سنة 2010 حوالي 242 جنديا ، وذلك وفق معهد "بروكينجز" للدراسات والأبحاث ، حيث انتشرت القوات الهولندية في أفغانستان في ولاية "اورزغان" ، وبلغ عدد قتلى الجنود الهولنديين 24 قتيلا وأكثر من 140 جريحا ، ومع أن عدد قتلى الجنود الهولنديين قليلا بمقارنة مع القوات الأمريكية والبريطانية  والكندية ، الا ان هذه القلة من القتلى كان لها أثرها السلبي والمقلق على الشعب الهولندي ، الذي راح يستنكر ويحتج ويعارض مهمة قوات بلاده في أفغانستان ، ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية الهولندية للحرب في أفغاسنتان ، أدى ذلك في نهاية المطاف الى أنهيار حكومة رئيس الوزراء الهولندي " يان بيتر بالكننده" الإئتلافية ، حينما أخفق أكبر حزبين سياسيين هولنديين يوم السبت (20 فبراير/شباط 2010) في الإتفاق بشأن سحب قوات هولندا من أفغانستان ، كما كان مقررا لها عام 2010، والحزبين هما " الحزب الديمقراطي المسيحي " والذي يتزعمه رئيس الوزراء "بالكننده" ، و "حزب العمل " الذي يتزعمه نائب رئيس الوزراء الهولندي" ووتر بوس" ، بينما طالب الحزب الديمقراطي المسيحي بتمديد قوات هولندا المقاتلة في أفغانستان ، رفض "حزب العمل" التمديد ، ونشبت خلافات طويلة أدت بالتالي الى أنهيار الحكومة الإئتلافية ، وقد ضمن هذا الإنهيار سحب الفي جندي هولندي يقاتلون حركة طالبان الأفغانية  الى بلادهم سنة 2010 ، (الدستور، 21 فبراير/شباط 2010).

أصبحت هولندا العضو الفعال في حلف شمال الأطلسي اول دولة تقرر سحب قواتها من أرض أفغانستان ، حيث سلمت القوات الهولندية مهامها القتالية في أقليم "اورزغان" الى القوات الأمريكية والأسترالية (الأحد ، 29 أغسطس/آب 2010) ، وصرحت وزارة الدفاع الهولندية في بيان لها اعلنت عنه (سي ان ان ، 1 ايلول /سبتمبر2010) ، جاء فيه :" انه خلال الأعوام الأربعة الماضية شهد أهالي ولاية "اورزغان" تحسنا كبيرا ، الا انه ومما يؤسف له ، ان هولندا تشعر بحزن شديد على خسارة 24 قتيلا و140 جريحا من ابنائها " .لقد دفعت الخلافات بين الحزبين الرئيسين في هولندا الى استقالة 12 وزيرا من "حزب العمل" المشاركون في الإئتلاف الحاكم مع "الحزب الديمقراطي المسيحي" ، حتى ان ملكة هولندا"بياتركس" تدخلت بشكل مباشر لحل الأزمة السياسية التي تعصف في البلاد ، لإنقاذ الوضع السياسي وذلك من خلال تعيين 12 وزيرا جديدا بصفة مؤقتة لحين اجراء انتخابات مبكرة في (9يونيو/كانون الثاني 2011) ، جاء تدخل الملكة بعد يومين من المباحثات مع عدد من كبار مستشاريها وقادة الأحزاب في البرلمان الهولندي ، إلا ان الإقتراح الذي حظي بالإجماع هو إجراء انتخابات مبكرة بدلا من تشكيل حكومة انتقالية تتولى إدارة البلاد ، وهو ما فوت الفرصة على الحكومة الهولندية من تعديل قرار سحب قواتها من أفغانستان ، والإلتزام بسحب القوات ، وهو ما حصل بالفعل ، وقد حذر الخبير العسكري الهولندي " روب ديفيك" في تصريحات للإعلام الهولندي من :"أن رفض طلب الأطلنطي سوف تكون له تداعيات سلبية بالنسبة لهولندا ، لأنه سيمثل إهانة لكل من سكرتير عام حلف شمال الأطلسي "اندروس فوغ راسموسن " ، ونائب الرئيس الأمريكي " جو بايدن" الذي كان يؤيد هذا الطلب"  ، بينما أعرب وزير الدفاع الهولندي عن خشيته من ان تدفع بلاده ثمنا باهظا لهذا الموقف السياسي ، مثل تقلص دور هولندا داخل حلف شمال الأطلسي ، وفشلها في الفوز بأي منصب مهم بين صفوف الحلف ، كما أعرب عن مخاوفه من أن ينطبق هذا ايضا على المنظمات الدولية الأخرى التي تنتمي هولندا الى عضويتها ، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي ، ان تأثيرات هذا الموقف ، على رأي صحيفة الأهرام اليومية ، 25 فبراير/شباط 2010، وان كانت تدور داخل هولندا حاليا في شكل أزمة سياسية ، فان البعض في حلف شمال ألأطلسي ، يخشى من أن تتجاوز حدود هولندا الى دول أخرى مشاركة بقوات في أفغانستان ، لأن ذلك ممكن ان يشجع على زيادة مطالب المعارضين لمشاركة قوات بلادهم في الحرب في أفغانستان ، باتخاذ نفس موقف نائب رئيس الوزراء الهولندي في التمسك بعدم تمديد فترة بقاء قواتهم في أفغانستان " ، وهو ما حدث فعلا حينما حذت فرنسا وكندا والمانيا حذو هولندا في سحب قواتها من أفغانستان .

كان لقرار الحكومة الهولندية سحب قواتها المقاتلة من أفغانستان ، وذلك بعدم تجديد  فترة وجود قواتها المقاتلة هناك ، وقعه الكبير والمفرح على حركة طالبان الأفغانية ، التي سارعت الى الترحيب باتخاذ القرار التاريخي ، بل وهنأت الشعب الهولندي على هذا القرار الشجاع الذي جاء لمصحة الشعبين الأفغاني والهولندي معا ، فقد صرح الناطق باسم حركة طالبان الأفغانية في غرب وجنوب أفغانستان ، "قاريء يوسف أحمدي" :" نريد أن نهنيء من كل قلوبنا موطني وحكومة هولندا لما تحلو به من شجاعة لإتخاذ هذا القرار المستقل ، ونأمل ان تقتدي الدول الأخرى التي تنشر جنودها في أفغانستان بمثال الهولنديين وان تسحب قواتها ، وإننا ندعوا مجددا الدول الأوروبية التي تنشر جنودا في أفغانستان الى مغادرة البلاد ، لأنها ليست حربكم بل حرب الولايات المتحدة التي تبحث عن تحقيق اهداف إمبريالية في العالم ، وخاصة في هذه المنطقة (الاسلام اليوم،29 يوليو 2010) .

اما استراليا ، فهي من الدول التي اعلنت بكل قوة ووضح عن دعمها اللامحدود للقوات الأمريكية في حربها ضد ما تسميه بـ"الإرهاب في أفغانستان " ، وكان رئيس الوزراء الإسترالي "جون هوارد" قد أعلن في (17 اكتوبر /تشرين الأول 2001م) ان بلاده ستسارع في ارسال الف وخمسمائة وخمسين جنديا مقاتلا وعتاد عسكري للمشاركة في العمليات القتالية والعسكرية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد حركة طالبان الأفغانية ، وقد صرح " هوارد" :" أن تلك الخطوة تُمثل مرحلة جديدة ومهمة من مشاركة الجيش والشعب الأسترالي في الحرب ضد"الإرهاب" ، حسب وصفه للحرب على أفغانستان ، وقال:"إن قرار إرسال القوات أتُخذ إستجابة لطلب تقدم به الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" ، معترفا بمخاطر المهام التي ستكلف به القوات الاسترالية ، وان الخوض في حرب يحمل دائما مخاطر سقوط ضحايا ، وفي حالة أفغانستان فإن المخاطر كبيرة ، وإن قواتنا ستتوجه للقتال يإسم "إستراليا" " ،  ولهذا  القرار بادر البيت الأبيض لتقديم الشكر لرئيس وزراء استراليا على ما قدمه من دعم للولايات المتحدة في حربها ضد "الإرهاب" (بي بي سي ، 17 اكتوبر /تشرين الأول 2001م) .

يبدو ان الإدارة الاسترالية وقعت في تظليل الراي العام الاسترالي الذي ما كان يعرف بالضبط لماذا ذهبت قوات استرالية عسكرية لمقاتلة حركة طالبان الأفغانية ، ولا يدري ما هي الأهداف التي ستحققها تلك القوات  هناك ، وقد ظهرت الاحتجاجات على الحرب في أفغانستان في عهد رئيس الوزراء "جون هوارد 11 مارس 1996- 3 ديسمبر 2007 " ، وتصاعدت تلك الاحتجاجات في عهد رئيس الوزراء الجديد " كيفن رود 3ديسمبر 2007- 24يونيو 2010" ، وفي عهده ، وتحديدا في مؤتمر "أدنبره  الجديد " كيفن رود 3ديسمبر 2007- 24يونيو 2010" ، وفي عهده ، وتحديدا في مؤتمر "أدنبره Edinburgh" لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي ، بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول 2007، جاءت المفاجأة الكبرى التي صدمت معظم وزراء دفاع الناتو المجتمعين في المؤتمر ، وفي مقدمتهم وزير الدفاع الأمريكي " روبرت غيتس" ، كما ورد في "صحيفة ذي استراليان The Australian " ، حينما أصدر وزير دفاع استراليا " جويل فيتزجيبون " ، حينما أصدر وزير دفاع استراليا " جويل فيتزجيبون Joel Fitzgibbon "، تحذيرا شديد اللهجة خلال اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي المنعقد بخصوص الحرب على أفغانستان ، ووفقا لتلك الصحيفة ، فقد حذّر وزير الدفاع الاسترالي دول منظمة حلف شمال الأطلسي وقوات الاحتلال الأجنبية في أفغانستان ، بضرورة إجراء فحص دقيق على البرامج العسكرية والمدنية واحداث تغييرات شاملة لو أن هناك رغبة حقيقية في مواجهة حركة طالبان الأفغانية " ، وبعد عودة وزير الدفاع الى استراليا ، صرح في مؤتمر صحفي :" أن حكومة بلاده السابقة التي كان يرأسها"جون هوارد" كانت تحاول تصوير أن هناك تقدما يتم إحرازه في أفغانستان ، لكن الواقع يُكذب ذلك تماما " ، مُعلنا في تصريح خطير :" نحن قد نفوز في بعض المعارك في أفغانستان ، لكننا نخسر الحرب من وجهة نظري ، فصحيح أننا نجحنا في إبعاد طالبان عن العديد من المناطق ، لكن هذا لم يكن له أي ثقل استراتيجي على المدى الطويل ، ولم يتمكن من مواجهة حركة طالبان " ، واطلق تصريحا فيه سخرية بحركة طالبان :" أنه في الوقت الذي حقق به حلف شمال الأطلسي وقوات "إيساف" نجاحات في الدوس على الكثير من النمل "يقصد حركة طالبان" ، إلا أننا فشلنا في التعامل مع عش النمل "  while we stomping on lots of Ants ,we have not been dealing with the ants nest" ، ومع تلك التصريحات الجريئة التي خالفت كل التوقعات ، الا ان وزير الدفاع الاسترالي " جويل فيتزجيبون" أكد في 30 يونيو /حزيران 2008 ، أن استراليا ملتزمة بمساعدة أفغانستان على المدى الطويل ، وأن هذا الإلتزام ليس مهما فقط للأمن العالمي ، بل لأمن استراليا ايضا" ، وبعد تقلده منصب وزير الدفاع الاسترالي الجديد  في 9 يونيو/حزيران 2009 ، أعلن وزير الدفاع " جون فولكنر John Faulkner " عن عزم بلاده وضع خطة لتقصير فترة بقاء القوات الاسترالية في أفغانستان الى أقصر فترة ممكنة ، مُعترفا أن هذه الخطوة قد تتعارض مع خطة قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان لزيادة قواتها المتواجدة هناك ، حيث أتت تصريحات "فولكنر" في وقت تتجه فيه الولايات المتحدة وحلف الناتو الى رفع عدد قواتها المشاركة في الحرب في أفغانستان ، وبالتزامن مع التحذير الذي أطلقه قائد القوات الأمريكية وعمليات الناتو في أفغانستان الجنرال" ستانلي ماكريستال" من هزيمة القوات الدولية في أفغانستان ، ما لم يتم رفع حجم قوات الناتو والإيساف لمواجهة صعود حركة طالبان ".



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد