أفغانستان وحلف شمال الأطلسي : 29

mainThumb

18-02-2014 11:58 AM

وفي استطلاع للرأي سنة 2011 ، تبين ان 60% ممن استطلعت آراؤهم من الشعب الدنماركي لا يرون أن النتائج التي حققها التواجد الدنماركي في أفغانستان تستحق الثمن الذي دفع فيها ، وهو حياة 42 جنديا دنماركيا ، بخلاف المليارات من "الكرونات" من أموال دافعي الضرائب ، في حين يرى 21% فقط ان النتائج الحالية تستحق التضحيات  التي بذلت من أجلها " ، ويبدو ان هذا الاستطلاع آثار حفيظة الإدارة الدنماركية ، وفي مقدمتهم وزير الدفاع الدنماركي " نك هاكروب" ، الذي علق على الاستطلاع لصحيفة " كرستليت داو بلاديت" الدنماركية :"أتفهم أن بعض الدنماركيين يرون وفاة 42 من جنودنا بخلاف المصابين ، ثمنا باهظا ، ولكن النتائج المحققة الى الآن تستحق هذا الثمن ، وأن الطريق صعب ولكنه الطريق الأصح ، مشيرا الى نجاح القوات المتواجدة في أفغانستان في إزالة نظام القاعدة وطالبان من الحكم " ، ومن جهة ثانية ، يرى الأكاديمي الدنماركي ، والاستاذ في جامعة "كوبنهاجن"  ، الدكتور" مايكل فيدبي راسموسن"  :" بأن تقييم الدنماركيين للوضع في أفغانستان واقعي للغاية ، مؤكدا على ان الجهود العسكرية والمدنية لإعادة إعمار أفغانستان توصلت الى نتائج كثيرة ، الا أنها غير كافية لكسب الحرب ، او لتبرير الخسائر التي تتكبدها الدنمارك (اخبار الدنمارك، 11 اكتوبر/تشرين الأول 2011، "Akhbar.dk")

كان لإعلان الإدارة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي وقوات "إيساف" وضع برنامج إنسحاب من أفغانستان ، بمثابة المبرر القوي للإسراع في ان تسحب الدنمارك قواتها من أفغانستان ، دون النظر الى الموعد النهائي الذي قرره حلف الأطلسي وأمريكا ، وهو نهاية سنة 2014 ، ولذلك ومنذ سنة 2010 بدأت بوادر إنسحاب القوات الدنماركية المبكرة من أفغانستان تظهر للعيان ،  وقد اعتبرت صحيفة " كوبنهاجن" الليبرالية الدنماركية الإنسحاب المزمع للقوات الدولية بما فيها القوات الدنماركية من أفغانستان هو بمثابة " الهزيمة" ، وأشارت الصحيفة الى ان الدنمارك تترك بلدا تم فيه خلال أشهر معدودة  القضاء على القاعدة وإجبار طالبان على اتخاذ موقف دفاعي ، ولكنها لم تنجح خلال 12 عاما في إقامة ديمقراطية دائمة ، لافتة الانتباه الى ان عديد القوات تغادر بلدا مُدمرا ، وقد تستعيد طالبان قوتها في جنوبه ، ورأت الصحيفة :"أن الإعتراف بفشل المهمة في أفغانستان يوأد في الدنمارك ، في ظل الإنتشاء السياسي بالبلاد كدولة محاربة " . وقد أشار قائد القوات الدنماركية في أفغانستان الكولونيل" دونالد ميركيدال بيدرسن" الى حقيقة الوضع التي تواجهه قواته وقوات حلف شمال الأطلسي ، وحاول التهرب من تسمية إنسحاب قواتهم والقوات الدولية بـ " الهزيمة" ، بل قال:" نحن نُحارب تمردا ، والشيء الكلاسيكي في كل الحروب لمكافحة حركات التمرد هو أنك لا تستطيع إطلاقا القضاء على المتمردين ، وهذا يعني أننا لن نستطيع بأي وسيلة هزم الأعداء ، ولن نفعل ذلك أبدا" .

بدأت عملية الخروج الدنماركي من أفغانستان يوم الأثنين الموافق 23 يوليو/حزيران 2013م ، حينما غادر 250 جنديا دنماركيا و 90 مركبة  ، غادرت معسكر" برايس" في ولاية "هلمند" التي كانت القوات الدنماركية تنتشر هناك ، وبهذا  تكون عملية إنسحاب القوات الدنماركية القتالية من أفغانستان قد بدأت بالفعل ، فالجنود الـ 250 الذين سيعودون الى الدنمارك يشكلون آخر سرية مشاة دنماركية متمركزة في أفغانستان .

بينما تخرج الدول الأوروبية الغربية ، وتحديدا الدول العضو في حلف شمال الأطلسي ، تخرج تباعا من أفغانستان غير آبهة بما ستكون عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الآخرون ، بل ونراها تبادر الى رفض العديد من المطالب الأمريكية في دعم مهمة الحرب في افغانستان ، من خلال ارسال المزيد من القوات المقاتلة الى ارض المعركة ، كبريطانيا وفرنسا والمانيا وهولندا وايطايا واستراليا وكندا ، يجيء موقف الدول الاوروبية الشرقية على عكس تلك الدول تماما ، حيث بقيت حريصة على تلبية مطالب الولايات المتحدة الأمريكية  بصورة مستمرة ، سعيا وراء تحقيق تلك الدول لمصالحها مع الولايات المتحدة ، ولكسب ود الإدارة الأمريكية ، فدول اوروبا الشرقية التي كانت يوما من الأيام ظمن منظومة الاتحاد السوفيتي السابق، واعضاء في حلف "وارسو" ، أصبحت هذه الأيام ضمن منظومة حلف شمال الأطلسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ،انظمت  ، واعضاء فاعلين في الحلف العسكري الدولي ، فقد انظمت بتاريخ 12 مارس 1999م ،وهي  :"جمهورية بولندا ، وجمهورية التشيك ، وجمهورية المجر" ، بينما الدول التالية ،انظمت في "29مارس 2004" ،وهي :" جمهورية بلغاريا، جمهورية رومانيا، جمهورية استونيا ،جمهورية لاتفيا، جمهورية ليتوانيا، جمهورية سلوفاكيا، جمهورية سلوفينيا، جمهورية البانيا، وجمهورية كرواتيا"، فرومانيا على سبيل المثال ، قررت من خلال المجلس الأعلى للدفاع في رومانيا ، والذي يضم الرئيس ورئيس الوزراء ، ووزيري الدفاع والخارجية وقادة الاستخبارات ، قررت تلبية المطالب الأمريكية بإرسال المزيد من القوات الى أفغانستان ، حيث سترسل 600 جندي روماني إضافي الى أفغانستان ، وذلك بتاريخ "21 يناير 2010 " ، مما يرفع عدد ىالقوات الرومانية التي تقاتل في أفغانستان الى 1798 جنديا ، وفي الوقت التي تتخلى اوروبا الغربية عن دعم حليفها التقليدي الولايات المتحدة  في الحرب على حركة طالبان ، تقدم رومانيا المزيد من الدعم العسكري  والحربي ، وآخر قرار تتخذه الحكومة الرومانية حينما وقعت مع الولايات المتحدة في " 18 اكتوبر/تشرين الأول 2013م، اتفاقا يتيح للجيش الأمريكي استخدام قاعدة عسكرية رومانية على البحر الأسود لأدارة عملية إنسحاب جنوده وعتاده من أفغانستان ، وبهذا الإتفاق تكون امريكا قد حلت معضلة لوجستية أساسية في العملية الضخمة التي يفترض ان ينسحب في ختامها القسم الأكبر من الجيش الأمريكي والعتاد والأسلحة الأمريكية الضخمةمن أفغانستان  بحلول نهاية سنة 2014م ، كما هو مقرر ، وقد أبرم هذا الاتفاق وزير الدفاع الأمريكي "تشاك هيغل"، ووزير الدفاع الروماني "ميرتشيا دوس ابرما" ، حيث يتيح الاتفاق استخدام قاعدة "ميخائيل كوغا لنيتشانو" الجوية في الشرق من رومانيا ، وأشار مصدر  في البيت الأبيض لم يكشف النقاب عن نفسه ، :"أن العمل اللوجستي للإنسحاب الأمريكي من أفغانستان " معقد بشكل لا يتصوره  عقل" ، وقد جاء هذا الاتفاق بعد نهاية العقد المبرم بين الولايات المتحدة  وحكومة "قرغيزستان" في استخدام قاعدة "ماناس" ، حيث ينتهي العقد في تموز/يوليو 2014، (بي بي سي ،18 اكتوبر 2013).

التزمت الحكومة البولندية بسحب قواتها وفق الخطة التي اعدتها الولايات المتحدة في نهاية سنة 2014 ، وقد صرح وزير الدفاع البولندي" توماش سيمونياك" في " 15 يونيو 2014" ، :"أن بولندا التي تساهم بحوالي 1800 جندي في القوة الدولية التابعة لحلف شمال الأطلسي و "إيساف" ، ستسرع إنسحابها في 2014 ، مصرحا انه لن يبق سوى 500 جندي بولندي في أفغانستان ، وان كل المعدات الحربية الثقيلة ستعاد الى بولندا ، وقد كانت مسؤولية القوات البولندية تنتشر في ولاية "غزنة"  جنوب شرق أفغانستان ، حيث قتل 43 جنديا بولنديا.(بريس تي في "press tv " 4 فبراير /شباط 2014م). وكذلك فعلت بقية دول اوروبا الشرقية بالتزامها مع الولايات المتحدة الى حين خروج قواتها في نهاية سنة 2014 .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد