ثورتا مصر بعثرتا مخططات الهيمنة 6

mainThumb

04-03-2014 09:20 PM

-    تزامن تسلم الإخوان للسلطة من تنامي النغمة الطائفية وظهورها إلى العلن من قبل التيارات الدينية المسيسة بما فيها الإخوان بطبيعة الحال مستهدفة المسيحيين والشيعة والبهائية, التي اتهمت بالكفر ودعاها بعض الشيوخ إلى الهجرة وآخرون رفعوا أصواتهم بطلب دفع الجزية, وتعرضت دور العبادة إلى كثير من الاعتداءات والإهانات, وحرم السلام عليهم أو تهنئتهم بأعيادهم , شعر معها المصريون بالتعرض لتقاليدهم الطويلة من العيش تحت ظلال الوطنية المصرية, واستيقظ وجدانهم دفاعا عن أصدقائهم ومعارفهم وأحبائهم وجيرانهم من أبنا الديانات الأخرى وبناتهم,واستغرب العقل المصري المنفتح على العصر تصنيف الناس حسب معتقداتهم الدينية خاصة منهم أهل الكتاب, ومن المعروف أن الوسطية هي من السمات الأساسية للإسلام الدين السماوي الذي أرسل رحمة للعالمين .. معتبرين أن مثل تلك الادعاءات التكفيرية من شأنها تقسيم المحتمع إلى طوائف وفئات, وهذه العملية لا تقف عادة عند حدود, إذ تستفحل فيها روح التعصب لتشمل أبناء من نفس الطائفة ونفس الدين لأسباب واهية . ولا تقود مثل تلك الأخطاء إلا إلى فشل المجتمع إن لم يكن تدميره وإعاقة تقدمه.

-    لم تسلم القوى العلمانية والليبرالية والمستقلة والوطنية من تعدي التيارات الدينية المسيسة على شخوصهم وعلى مبادئهم وعلى معتقداتهم السياسية ومناهجهم الاقتصادية, حيث تم تكفيرهم, ووصفهم بالعملاء للأجانب, والملحدين ومستوردي الفكر الخارجي, والمعادين للإسلام والمسلمين.ونتوقف هنا عند أعمق أخطاء هده التيارات أثرا على معتقدات المصريين وعلى تمسكهم بدينهم عندما رهنت هذه التيارات الإسلام بفهمهم هم له وربطوا الإخلاص للدين بمواقفهم وتفسيرهم له وربط الحفاظ عليه بتنظيماتهم, وحصروا أصحاب الجنة بأعضائهم, فشعر المصريون بالاستغراب من أقوال هذه التيارات وطرق التفكير المعنية بالتكفير فقط,ومن فرضهم الوصاية على تدين المواطن وعلى شعائره وطقوسه ومعتقداته. وقد أقر بعض مفكريهم بأن مهمتهم إعادة صياغة أحلاق المجتمع وأخلاقه!! وهي وصاية رفضتها أبسط المبادئ الإسلامية والإخلاقية والإنسانية.

-    بلغ الجهل بالسلطة الحاكمة وأحزابها وتياراتها ومؤيديها ومريديها,  التجرؤ على تراث المصريين العريق والذي تعود به الذاكرة التاريخية إلى عشرة آلاف سنة خلت. فاعتبروا الآثار المدهشة التي بناها السلف لتمثل في وقتها أرقى إنجازات حضارية علميا وفنيا ومهارة كما مثلتها الأهرامات وتماثيل خوفو وخفرع ومنقرع وغيرهم أصناما يجب هدهما أو ردمها أو تغطيتها بالرمال!!! في حين أن تلك الآثار تمثل الكنز السياحي الفريد لمصر والمنطقة, ولعل أخطر هجوم يثير الغضب والرفض, هوالتعرض لتراث شعب وتجريمه والتهديد بإزالته, لأن ذلك بمثابة هجوم على تاريخ يشكل المجتمع الحالي امتدادا متحضرا ومعاصرا له.

-    ولكن عمق الجهل وضراوته تبدت في ما يمكن تسميته بالخرف الثقافي الذي يتولد عن الثقافة الأسيرة لمرجعية شمولية واحدية دون سواها,الذي تمثل بالوقوف المستكبر والمتعالي الذي وقفته تلك التيارات في وجه الثقافة والمثقفين, والفن والفنانين, والرسم والرسامين والنحت والنحاتين, التمثيل والمثلين, والرقص والراقصين والراقصات, والغناء والمغنين, والموسيقى والموسيقيين, الشعر والشعراء (تعالى البعض منهم على الوقوف للسلام الوطني المصري باعتباره موسيقى). وهذه الأنشطة والفعاليات الإنسانية والقيمية تمثل روح التحضر في البلد وأداته, ونعتهم بالكفر والخروج على تعاليم الدين وتقاليد الأمة.. في حين أن كل هذه الفعاليات تشكل المادة الأساسية لسمعة البلد وشهرته, والأداة التعبيرية التي تتيح للإبداع الفردي فرصه الذهبية, وتبعث الفرح في النفوس, وتمنح القوة الأدبية للتعبير عن المشاعر الإنسانية والأحاسيس الفردية والجماعية. وهي جوهر المنجز القيمي للأمة المعبرة عن قدرات أبنائها العقلية الإبداعية وعن مدخراتهم الأخلاقية, وتكون الصورة المعاصرة لطبيعة المجتمع ودرجة تفاعله مع المجتمعات الأخرى بإيجابية وتبادل حيوي للمعارف والخبرات. فالحضارة لا تقف في بناها على ما تنجزه أمة من الأمم بمعزل عن الآخرين, وإنما ترتكز أيضا على مدى استيعابها لخبرات الآخرين ومعارفهم والاستفادة منها وتسخيرها لغرض الاستمرار في البنى المتطورة للحصارة, ولهذا كانت الحضارة تنتقل من أمة إلى أخرى عبر مراحل التاريخ وهي كذلك حتى يومنا هذا,وربما في الغد البعيد. فأخذ المصريون الوطنيون والمثقفون والمبدعون .. يشعرون بأن مسار وطنهم أخذ اتجاه العزلة والانعزال وهذا مخالف للتقاليد المصرية الحضارية.

- عمقت مقولة (طز في مصر.وبما معناه لا فرق إن حكم مصرماليزي مسلم لمرشد الإخوان السابق) إضافة للمواقف العدائية من مكونات المجتمع المصري التعددية بكل فئاتها وطوائفها وطبقاتها ووظائفها وانتسابها .., والمواقف الثأرية التي مارسها  زعماء الحركة ومناصروهم ومؤيدوهم ومفكروهم ودعاتهم وأدبياتهم تجاه الجيش المصري, وتجاه قوى الأمن بمختلف تسمياتها ومهامها شعور المصريين بأن الإخوان حركة غيرمعنية وليست ملتزمة بالمعايير الوطنية المصرية, وبأنها كما لو كانت مجموعة غرباء على ثقافة المصريين وتراثهم, وتضرب عرض الحائط بالقيم المصرية الوطنية, عمقت هذه التصرفات والمواقف والتصريحات شعورالرأي العام المصري بغربة الحركة عن واقعها المصري العريق وكأنها قوة آتية من كوكب آخر, أو مجموعة تتخذ من مصر مقر استراحة مؤقتة لانطلاقة عبر الحدود إلى دول أخرى والارتباط الأخوى بقوى خارج مصر وربما معادية لمصر وتطلعات المصريين نحو المستقبل, مما أدى إلى تلقيب النظام الحاكم وأزلامه وأعوانه بالمحتلين !! وأن المطلوب تحرير مصر من الإخوان المحتلين!!, وهذه أوضاع موجعة للوجدان ومؤرقة للضمائر الحية في المجتمع. والتكملة في حديث قادم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد