الثعلب وبطانة الملك

mainThumb

21-05-2014 11:37 AM

دائماً ما نسمع الدعاء في دور العبادة وغيرها ، لأي مسؤولٍ وعلى أي مستوى كان ،  أن يرزقه الله بطانة صالحة ،  تذكره إذا نسي ، وتعينه في عمله , وذلك لإدراك الجميع بأهمية البطانة لأي مسؤول, لأنها إما أن تكون صالحة ، وتحقق المصلحة بما يخدم واجباته إتجاه مرؤوسيه ،أو تكون فاسدة تسعى لإبعاده عن تحقيق مسؤولياته ، وذلك  من خلال طمس الحقائق عنه حيناً ، وتزويده بالمعلومات المغلوطة حيناً أخر، وبالتالي تدفع الرعيّة ثمن فساد قلة قليلة ، ليس لأنهم الأذكى ولكن لأنهم الأقرب إلى المسؤول ، وبالتالي يحققوا أهدافهم الرخيصة المبطنة ، ولكنها مغلفة بغلاف هشٍ معنواً بالإخلاص والوفاء للمسؤول ، وكرسي المسؤول.

وهذا يذكرنا بقصة الأسد (ملك الغابة ) وحسب الرواية ، وكيف أنه خُدع ببطانته التي كانت قريبة منه ، وتساعده على متابعة شؤون الغابة واحتياجات رعاياها ، ولكون الملك ( الأسد ) إطمأن كثيراً لبطانته ، التي ضمت مجموعة من المقربين له وافترض فيهم الصدق في كل ما ينصحونه به , وخلال ذلك تسلل الثعلب الماكر الى ملك الغابة ،  ليكون جزءأ  من بطانته ، ومن المقربين له ، وأخذ يتقرب من الأسد حتى شعر الأسد بحسن النوايا التي يحملها الثعلب له , سواء كانت من نقلٍ لأخبار الغابة وسكانها إليه ، أو مساعدته في طرح المشورة عليه ، حتى أصبح الثعلب من ضمن تلك البطانة.

وذات يوم جلس الثعلب ( الصغير بحجمه الماكر بعقله) يراقب سلوك ملك الغابة ، وهو يفكر بِطريقة يسخر بِها من الأسد , وفعلاً وبعد أن تناول الأسد طعامه , جلس بجانب شجرة لكي يستريح , دون أن يغفل عن مراقبة ومتابعة شؤون غابته وسكانها , وخلال ذلك جاء اليه الثعلب وقال له ، ما بك يا ملك الغابة , فرد عليه الأسد ، ماذا هناك , قال الثعلب ، أريد خدمتك وراحتك ، فردَ عليه الأسد ، وكيف ذلك ، فقال الثعلب ، يا مولاي إن الأمور في الغابة تسير على أحسن ما يرام ،  والهدوء والإستقرار،  يخيّم عليها بفضل وجودك فيها , وإني أرى أنه لا مانع لو اخذت غفوة تريح  بها بدنك وفكرك بعد تناولك لطعامك , ولا تقلق فأنا هنا أتابع وأراقب كل شيء  وإذا حصل أي جديد سوف أخبرك به , فأقتنع الأسد بمشورة الثعلب ، وتمدد تحت تلك الشجرة وغطَ بالنوم , وخلال ذلك كان الثعلب قد جهز خطته اللعينة ، للإطاحةِ بالملك ، فأحضر الحبل وقام بلفه حول الأسد والشجرة , وربط الأسد بالشجرة , وعندما فاق الأسد من غفوته ، وجد أنه قد تم تقييده بالشجرة ، فحاول فك نفسه ، ولكن دون جدوى , فالثعلب كان قد أنجز مهمته بإمتياز،  فغضب الملك لكن زئيره لم يفك وثاقه , وبطانته القريبة منه ، والتي عاثت بالغابة فساداً لم يعد يعني الأسد لها شيءً ،  فنظر الأسد إلى الثعلب وأمره أن يفك وثاقه ،  لكنه وبكل مكر رفض ،  وقال أنت لم تعد قادراً على إدارة شؤون الغابة , وسأقوم أنا بهذا الدور وغادر المكان مسرعاً.

وخلال كل ذلك كان هناك فأر يتابع كل ما جرى , فأقترب من الأسد وقال يا ملك الغابة كيف تثق بالثعلب وتقربه منك وتجعله من بطانتك , فلم يجب الأسد , فتابع الفأر حديثه وقال سأفك وثاقك ،  فنظر إليه الأسد مستهجناً , لكن الفأر اقترب وبدأ يقضم الحبل بأسنانه الصغيرة إلى أن قطع الحبل وفك وثاق الأسد , فنهض الأسد واعتقد الفار بأنه ( أي الأسد ) سيثأر لنفسه ولغابته ، لكن الأسد أدرك أن الأوان قد فات ، فجمع أشياءه وهمّ بمغادرة الغابة ، فقال له الفأر إلى أين أيها الملك ،  فقال سأرحل عن غابة يربط فيها الثعلب ، ويحلٌ فيها الفأر ؟؟؟؟.

أخيراً أود أن اقول أنني لا أريد إسقاط هذه الرواية ( إن صحَت ) على أي قضية أو مسؤول , لكن أتمنى من أي مسؤول ، وعلى أي مستوى أن يراجع بين الحين والأخر بطانته القريبة منه ، والتي من المفترض أن تنقل له بأمانة ما يدور حوله ، لا أن تصبح حاجزاً قوياً بينه وبين من هو مسؤول عنهم , وبالتالي لا يصله صراخ المستغيث ، أو لهفة الملهوف .

وفي النهاية أدعو بكل إخلاص ، أن يرزق الله كل مسؤولٍ بطانة صالحة صادقة مخلصة ،  تعينه ولا تخذله , تدله على الخير وتبعده عن الشر....  اللهم آمين  



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد