المادة 308 اغتصاب .. بعين انثروبولوجية

mainThumb

24-05-2014 11:11 AM

 .... في بنى ما قبل الدولة حيث السحنة الاجتماعية ( قبلية _عشائرية _عائلية ) كثيراً وكثيراً ما يستباح الجسد الانساني وتُغتصب فرديته , فهو جسدُ عائلة وعشيرة لا جسدُ إنسان فرد.هذه هي الرؤية الثقافية التي صاغت المادة " 308 " من قانون العقوبات الأردني و التي تناقش فعلَ الاغتصاب الجنسي باعتباره أمن عائلة ومجتمع , لا أمن فرد وشخص .

 
فاغتصاب جسد امرأة حتى وان كانت قاصراً يتم احتواؤه عائليا وتوظيفه اجتماعيا من خلال مؤسسة الزواج وذلك ( بعقد قران المغتصِب على المُغتَصَبة ), وحين يُبارَك فعلٌ وسلوك اجتماعي هو في أصله غير شرعي ولا قانوني لمجرد أن مرّ بماكنة سلطة العائلة, يعني هذا ان المُعتَصَبَة قد أعيد اغتصابها مرة أخرى جماعياً عبر استخدامها جسراً لتبادل صفقات الأمن والأمان الاجتماعيين .
 
هذه الرؤية الثقافية تتجلى ايضا في التعاطي القانوني مع حالات الاعتداء الجنسي على الجسد الانساني ذكرا كان أو أنثى , وذلك حين يعتبر النص القانوني الفعل الجنسي بالذكر مجرد "هتك عرض " لا يرقى إلى جرم الاغتصاب ,وذات الأمر بالفعل الجنسي بالأنثى من الدبر , .ومثل هذه الرؤية التشريعية تنسجم تماما مع بنية العائلة والقبيلة والعشيرة التي تقوم على حفظ النسب وحمايته ,.فهي تعدّ الفعلَ الجنسي خطراً على أمنها ووجودها اذا عَبَثَ بخريطة وشجرة نسبها , ومثل هذا العبث لا يحدثه الا اتصال جنسي طبيعي بين ذكر وانثى ينتج عنه مولودٌ غير شرعي النسب , اما الاتصال الجنسي في الحالتين السابقتين (الاتصال بذكر, والاتصال بدبر أنثى ) فلا رحم لهما يهدد صيت العائلة ..ولاجرمَ فيهما يشيع سوء الحسب ..!!!! .
اذن هي قوانين تنهل من حشا ورحم لا من عقل ,وتحمي صيتَ عائلة لا ارادة فرد..,
 
هي قوانين تناغي جهازاً تناسلياً تُخشى فوضاه ..لا قوانين تحاور كياناً عقلياً ونفسياً وعاطفياً يحتضن ارادة حرة لانسان تم العبث بجسده واختراقه عبر الفعل الجنسي .
 
هي قوانين تحفظ خانة العائلة في هوية ورقية صادرة عن دائرة الاحوال المدنية ..لا قوانين تحفظ خانة الحرية والارادة في هوية وطنية صادرة عن مؤسسة الدولة ..
 
أظنها قوانين خَيمَة لا قُبّة....


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد