علَّمني حبُّكَ يا وطني - معن سناجله

mainThumb

27-05-2014 10:58 PM

علَّمني حبُّكَ يا وطني
أنْ أبصرَ وجهَكَ
في ذاكرةِ الرِّيحِ
وفي ذاكرةِ الغيمِ
وفي ذاكرةِ المجدِ العابقِ
بالتَّاريخِ الأبهى ..والأنوارْ
 
علَّمني حبُّكَ كيفَ أراكَ
نديَّاً وعصيَّاً
في أحلكِ ساعاتِ الأقدارْ
 
علَّمني حبُّكَ
كيفّ أقدِّمُ نفسي قرباناً
لِعُيونِكَ
إنْ جاءتني داعيةً
في يومِ المجدِ..ويومِ الغارْ
 
علَّمني حبُّكَ كيفَ أكونُ أنا نفسي
إنْ جالَ بأعماقي وَجَعٌ
أو هزَّ سكونَ الليلِ دوارْ
 
علَّمني حبُّكَ يا وطني..
أنْ لا أيأسَ ..
أو أنهارْ
 
علَّمني حبُّكَ
أنْ أستيقظَ قبلَ الشَّمسِ
 لِأملأ عيني مِنْ نورِكَ نوراً
ولِأملأ قلبي مِنْ حُبِّكَ عزماً
قبلَ الإبحارْ
ولأرسمَ نجمكَ في صدري وطناً
يسكنني حبَّاً وحياةً ودماً
وصهيلاً .. واستنفارْ
ولِتملأَ سمعي أطيارُكَ شدواً
ويكونَ رحيقُكَ ترياقاً
وعبيرُكَ موسمَ نعناعٍ
قبلَ الإفطارْ
وأباركَ باسمكَ مشواري
وأسجِّلَ أبهى أشعاري
فتسافرُ في شرياني يا وطني
صقراً عيناهُ جمارْ
ونديَّاً إنْ راودَكَ الحبُّ
ونادتكَ الأطيارْ
كالشَّجَرِ الأخضرِ
والأزهارْ
 
علَّمني حبُّكَ يا وطني..
أنْ أجلسَ في حضنِ الأخطارْ
 
علَّمني ...
كيفَ أجوسُ زمانَ القهرِ
وأدخلُ قلبَ الخطرِ الدَّاهمِ والإعصارْ
 
علَّمني ...
كيفَ أردُّ الموتَ
إذا ما جاء عَنيفاً ومُخيفاً
وأسافرُ
في عكسِ التّيارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
كيفَ أحيلُ الصّخرَ
صديقاً للإنسانِ
وكيفَ أحيلُ القفرَ جِناناً
تخلبُ ألبابَ الأبصارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
كيفَ أُروِّضُ موجَ البحرِ
وكيفَ أهزُّ سريرَ الخوفِ
وأقلقُ أحشاءَ الأسفارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
أنْ لا أعشَقَ إلا أنتَ..
برغمِ الفقرِ ورغمِ الجوعِ
ورغمِ الألمِ الصَّارخِ في الأعماقِ
ورغمِ تباريحِ الأقدارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
أنْ لا أعشَقَ إلّا
الغيمَ الماطرَ
فوقَ ثراكَ
وأنْ لا أعشَقَ إلّا
القمرَ السَّاهِرَ
فوقَ رباكَ
وأنْ لا أبصرَ فيكَ ومنكَ
برغمِ الليلِ ورغم العتمةِ
في بعضِ الأوقاتِ
سوى الإدهاشِ
أو الإبهارْ
 
وأراكَ الأجملَ والأبهى
وأركَ الأوَّلَ والأزهى
وكأنكَ يا وطني
كلُّ الأوطانِ
أو الأمصارْ
هو ذلكَ يا وطني
حُبُ الفقراء
إلى الأوطانِ
على مرِّ الأزمانِ
هو الإيثارْ
هوَ ملءُ السمعِ
أو الأبصارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
كيفَ أردُّ صقيعَ الأرضِ
وأحطُمُ أوثانَ الأفكارْ
 
علَّمني ...
كيفَ أدقُّ على ذاكرةِ الرّيحِ
البابَ ...
أُعمِّدُ قلبي بالإيمانِ
وبالإصرارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
كيفَ أُطرِّزُ وجهَ الغيمِ
وأهمي فوقَ ترابِكَ..
كالأمطارْ
 
علَّمني حبُّكَ يا وطني..
أنْ أحفظَ رسمَكَ واسمكَ
في صدري
وأضمَّ عليهِ جناحي
في زهوٍ
ليعشَّشُ فيهِ
كما الأطيارْ
 
علَّمني حبُّكَ ...
أن أمضي أبَداً
في عتمِ الليلِ
لأِصنعَ منهُ نهارْ
 
علَّمني حبُّكَ يا وطني..
أنْ أزرعَ نبضكَ
في قلبي أبَداً
رغمَ الإملاقِ
بلا وجَلٍ
عنوانَ فخارْ
 
وأباهي الدنيا قاطبةً
في حُبِكَ وحدَكَ يا وطني
وأراكَ الأجملَ والأبهى
وأراكَ الأوَّلَ والأحلى
بينَ الأقطارْ
 
وكأني أملكُ فبكَ ومنْكَ
أنا المرهونُ
على قارعةِ الليلِ
وناصيةِ الأحزانِ
من الفقراءِ أو البسطاءِ
أو الضعفاءِ
المنبوذينَ
من القطعانِ
عقاراتِ الوجهاءِ من الوزراءِ
وأرصدةَ الكبراءِ من التُّجّارِ
 
وكأني يا وطني
علمُ الأخيارِ
من الساداتِ
أو الأحرارْ
 
وأنالا أملكُ فيكَ ومنكَ
سوى بعضِ الأحلامِ
ويومي الهاربِ منّي
مثلَ الرَّاتبِ والدينارْ
 
ولستُ من الوجهاءِ أو الوزراءِ
أو الأمراءِ أو الأبرارْ
 
لكنكَ عندي
يا وطني
ستظلُّ الأغلى والأعلى
وتظلُّ الأجملَ والأحلى
فكذلك حبُّ الأرضِ يكونُ
وحبُّ الأهلِ
ومسقطُ رأسكَ
ما بينَ الأوطانِ
كحبِّ الأمِّ
وحبِّ الوالدِ
دونَ خَيارْ
وكذلكَ يا وطني
حبُّ الفقراءِ أو البسطاءِ
إلى الأوطانِ
بغيرِ خَيارْ
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد