حامل الفأس وحامل الدكتوراة ضرورتان تنمويتان

mainThumb

04-06-2014 07:53 PM

تنشغل الملفات السياسية ووعودها,والندوات الحوارية للاقتصاديين والعلماء من مختلف التخصصات العلمية والإدارية والاجتماعية بقضية ترافق برامجهم وأفكارهم ودراساتهم واستقصاءاتهم وأبحاثهم ومقالاتهم....مرافقة لصيقة عملية إسمها  التنمية . وبغض النظر عن أهميتها القصوى في التقدم والترقي,وتجاوزا لتعريفها الوصفي والوظيفي والتصنيفي الذي تتفق عليه الآراء حول التنمية, فهي لا تعدو كونها محصلة جهود بشرية تمثلت في ارتقاء الإنسان من ألفها إلى يائها, في الفكر وفي التخطيط وفي العمل وتنفيذ السياسات والبرامج والخطط التي تضعها الدولة نصب أعينها أو ترسمها إدارات المشاريع الصناعية والزراعية والخدمية في عملها.وتدلل على قدرة المجتمع على التقدم ووضع الأسس لتطوير أوضاعها التنافسية المعاشية ووالاقتصادية والعسكرية والحضارية.

أيام زمان بدأ الإنسان واجباته عاملا يحمل فأسه يعمل في حقول الزراعة وفي بناء الحظائر للماشية وأقنان الدجاج وأعشاش الطيور وبناء مأوى يأويه  وعائلته. ويعمل على تأمين حماية نفسه وأهله وما يخصه من ثروات من  أعداءه من الحيوانات المفترسة ومن عوارض الطبيعة الغادرة. وفي ذلك الزمان كان مجال الفكرالمجرد,والفلسفة الحالمة  واسعين   متعددي الأوجه   وتتنوع تبعا لذلك موضوعاتهما,وازدهرالشعر المثير للعواطف في الغزل وفي القصائد الوطنية والروايات الشعبية الواقعية منها والخيالية التي تهيئ  النفوس وتحثها على عمل الخير وعلى سلوك المرؤة في مساعدة  الآخرين على الجرأة في قول الحق,والشجاعة على مواجهة الصعاب والخطوب, وكانت تروي البطولات بمسميات أصحابها لتكون مثالا يحتذى.أي تركز اهتمام الإنسان على نوع من التعبئة النفسية الإيجابية البناءة لتنعكس على سلوكه العام وتهذب تصرفاته وتحسن علاقاته بأخيه الإنسان.

ولكن التغير الذي يأخذ مجراه منذ الأزل ويزداد تسارعه بمعدلات تعكس آثاره مباشرة على مجريات حياة المجتمعات الإنسانية كالسيل الجارف في شتى الحقول والميادين العلمية والتقنية والتطبيقية والأدبية والأخلاقية والتربوية والتراثية حمل معه بطبيعة الحال تغيرات جذرية في طبيعة العلاقات بين البشر ونوعها ومنها ,على سبيل المثال, تصنيف الناس مهنيا وتوصيف مجالات اختصاص كل منهم وبالتالي رسم الدور الذي على كل منهم أن يثبت نفسه فيه   في أجواء من المنافسة الواقعية الحادة والصراع على تحقيق أكبر قدر من المكاسب الشخصية من جهة والوطنية من الجهة المرافقة, في المواقع القيادية,وفي جني الثروات المادية والمالية,وفي تحقيق المنجزات المتميزة,والتركيز على عناصر الإبداع والتفوق في أداء الواجبات المنوطة بكل فرد في مجال عمله.

بدأ الإنسان حاملا فأسه يصنع تنمية لثرواته وتطورت قدرته التي سخرت العلم وجنت ثمار المعرفة في تعظيم  منجزاته التنموية بتنمية الثروة البشرية وتسليحها بالعلم وتطوير مهاراتها التقنية بالتدريب واكتساب الخبرات التراكمية لتتمكن من تنمية الثروات الطبيعية واستثمار كافة الموارد المتاحة لتحسين أحوال الإنسان المعاشية والأمينة والقانونية والسلوكية,وتوفير احتياجاته اليومية ,وحماية حاجته السيادية لحفظ كرامته وصون حقوقه الطبيعية والقانونية.

تطور وسائل العمل والإنتاج المذهل الذي تشهده حضارة الإنسان,والازدياد  الكبير  المدهش في أعداد حملة الشهادات العلمية من مختلف الاختصاصات وتنوع ميادين  العلوم والدراسات لمختلف المراحل الدراسية المتوجة بشهادة  الدكتوراة  لم يؤثر على تقسيم العمل بين حامل الفأس وبين حامل الدكتوراة, بل أكد على كونهما من المرتكزات الأساسية لقاعدة التنمية وقواعدها التي تحمل أعمدتها وتعلو بها للنهوض بالمجتمع وترقية منجزاته وتوثيق دوره الفاعل بين المجتمعات,وهذا بالضرورة يؤكد أهمية دور كل منهم في العملية التنموية التي يتوجها تداخل مخرجات المعارف العلمية بقدرة العضلات المحترفة وتعاضدها وتفاني كل منها في القيام بدوره بمهنية ومهارة.

حامل الدكتوراة وحامل الفأس في المجتمعات المتحضرة,وفي التقاليد الاجتماعية الغنية بالقيم الإنسانية,والثرية بالوعي التنموي والنهضوي, يستحقان نفس القدر من التقدير لدوره والاحترام المتكافئ لشخصه,فكلاهماحاجة تنموية لا غنى عنها, تتكاملان وتتلازمان وتتزامنان في كل مرحلة من مراحل التنمية والعمل وهما ضرورة ملحة من ضرورات تحقيق التنمية لغاياتها وأهدافها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد