غزلاننا وكلابهم

mainThumb

16-06-2014 04:32 PM

 يعتبر الحديث عن الحريات والديمقراطيات , بهذا الصوت المرتفع من نتاج الربيع العربي , الذي زلزل كثيراً من الأنظمة وغيّرها  دون أن يعيد بنائها , وبالرغم من كل التداعيات التي صنعها وخلّفها الربيع العربي , إلا أن هناك من هو مستفيد بشكل شخصي , وأخرون تتفاوت استفادتهم بمستوى الفُتات الذي يلقيه إليهم أسيادهم وبمختلف المستويات , وكذلك هناك من خسر كل شيء مقابل بحثهِ عن الحرية والعدالة الاجتماعية , وهذا الخسران الذي حصل دعا كثيراً من الطغاة وأصحاب الأجندات الخاصة , وبمختلف مستوياتهم لكي يطمعوا ويطمحوا , بتحقيق المزيد من قمع الحريات وصهر كل من تسوّل له نفسه الخروج عن الخط الذي رُسم له . 

 
وحقيقة الأمر أن عدد أولئك الدكتاتوريين , أو  تلك العصابة الفاسدة , التي تتصرف بالأوطان كما المزارع الخاصةِ , هم قلة قليلة إذا ما قورنت بالعدد الكُلي , لكن كَثرة كلابهم الضالة واللاهثة خلف قطعة عظم , يجنوها من تحطيمهم وقتلهم لأهداف بريئة , فقط لأن سيدهم أشار لهم بإحضارها , وذلك لتحقيق مصلحة شخصية أو للخلاص من إزعاج الأصوات التي تنادي بحقوقها ومكتسباتها , في وطنهم الذي بات لا يمثل لتلك المجموعة أو العصابة أكثر من مزرعة يتقاسموا ثمارها ويستظلوا تحت اشجارها. 
 
وهنا أستذكر القصة المعروفة , وهي حكاية الصياد والكلب والغزال , حيث يحكى أن صياداً يرافقه كلبه , ذهب الى رحلة صيد , وخلال مسير الصياد شاهد غزالاً برياً , يستنشق هواءً نقياً ومباشرة أخذ الصياد بندقيته وصوّبها بإتجاه ذلك الغزال ولكن لم يصبه , فقفز الغزال من موقعه , وعندها نظرَ الصياد إلى كلبه وأشار لهُ بيدهِ ، بإتجاه ذلك الغزال , فانطلق الكلب مسرعاً خلف الغزال ليحضرهُ إلى سيّده , لكن الغزال بقيَ يقفز مسرعاً , وكان الكلب يركض خلفه , وعندما شعر الغزال بأن الكلب بدأ يلهث وأن التعب أخذ منه ما أخذ , وقف الغزال ونظر الى الكلب وقال له , رحمة بك لا تركض خلفي , لأنك لن تمسك بي , فأنا رؤيتي بعيدة وأهدافي أراها أمامي , فأركض بإتجاهها لأحققها , فقاطعه الكلب وقال لماذا تقول ذلك وأنا أقترب منك , فقال الغزال يا هذا أنا أقفز مسرعاً بلا توقف , لأني أنطلق بإتجاه حريتي بينما أنت تلهثُ خلفي لإرضاء سيدك , فليس لديك هدف إلا إرضاءه , وهذا جعلك عبداً له ولغرائزه , فأصبحت أنت تركض وتلهث وتقتل , وفي النتيجة لا تنال إلا قطعة عظم تعفف عنها سيدك , فعندما أذهب أنا الأن بإتجاه حريتي , ستعود أنت بإتجاه سيدك , تبحث له عن عذرٍ لعدم قدرتك على تحقيق هدفه , فعندها قد يكون جزائك هو حرمانك حتى من بقايا العظام إن وجدت . 
 
وفي النهاية أعتقد أن كل قمعٍ  للحريات في أي وطنٍ أو أستبدادٍ للسلطة من أي مسؤول , وعلى أي مستوى لم يكن ليتحقق لولا توفر زمرة من الكلاب حولهم , والتي دربوها على الطاعة وتحقيق رغبة المسؤول بدون أدنى تفكير , ودون أن يشعر ذلك المسؤول بلهاث كلبه , لأنه لا يعني له أكثر من وسيلة تجلب له ما يريد بدون حتى سؤال .
 
وأخيراً فالحرية والديمقراطية والعدالة ( والتي مثّلها الغزال ) هي ما يرجو كل إنسان تحقيقه والحصول عليه , بينما اولئك أعداء الحرية والديمقراطية والعدالة الذين يقتاتون على أشلاء الأحرار ( والتي مثّلها الكلب ) يعتقدوا أنهم سيجنوا الكثير وسيحققوا الأكثر , عندما اصطادوا غزالاً أو أكثر من طرف القطيع , وظنوا أنهم في أمانٍ مطلق , ونسو ما قاله الشاعر يوماً : 
لا بد للصّبح أن ينجلي                    ولابد للقيد أن ينكسر 
 
أما ذلك الصّياد , فنسي أوتناسى أن الغزال إن رأى هدفه ومبتغاه ,  فإنه لن يستطيع الكلب أي كلب , أن يمنعهُ من الوصول لهدفه , فالتاريخ أوضح لنا كيف هي غزلاننا وكيف هي كلابهم 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد