أيها الشاعر كن كما البحر

mainThumb

23-06-2014 10:07 AM

أطل من نافذة المستمع على نصوص الشعر, لشعراء كرام في ملتقيات إربد الثقافية منذ سنوات, وأنصت لهم بشغف وترقب, كيف لا, وكثير منهم أصدقاء, يزودني بعضهم بالمكتوب من شعره على هامش أمسيات الشعر في الملتقيات. الشاعر فارس نبيل, كما هي حاله في تاريخنا وتاريخ الشعوب, يحتاج للتشجيع من مبدعي الشعر وناقديه وسامعيه, كما يحتاج للهدي والحكمة والتبصر. ولا بد أن يتذكر الشاعر بأن عنترة العبسي وعمرو بن كلثوم والخنساء ورابعة والمتنبي وأبي فراس الحمداني ... قادة ميادين وهم من فحول شعراء العربية, والقائمة تطول, لفرسان من الشعراء, وشعراء من الفرسان في التاريخ العربي والعالمي. الشعراء نبلاء كما الفرسان, لا يفارقهم النبل في صفاتهم وأشعارهم, حيث كان وما يزال أرفع وسام يمنح للمجد لقب فارس حيث يقال له: قم فأنت فارس, ولا يضير احد إن يقال للشاعر المبتدئ بعد تحكيم جهده الشعري كذلك "قم فأنت شاعر" !


 الشعر في بلدنا كثير وغزير وكذا الشعر في الواقع العربي على مدى العصور, وله منابر عدة, والنقاد كثر ولكن, من يجرؤ على الكلام في واقع الشعر والشعراء في بلادنا. حيث لم يجرؤ الشعراء ولا النقاد لغاية الآن من وضع مقياس حصيف للشعر في أيامنا, ولا تحكيم مدروس من الشعراء الكبار لشعر بعض المبتدئين أو الهواة الحالمين في عالم الشعر, ولا بتصنيف طبقات الشعراء, علما بأن شعر المعلقات كان من الجودة والأصالة والإبداع ما أستحق أن يعلق على أستار الكعبة قبل الإسلام, وهذه كانت من أعلى الدرجات على مقياس الشعر العربي قبل ما يزيد عن خمسة عشر قرن من زماننا, وبقي هذا المقياس محصنا ورصينا, يتفق عليه الخاصة والعامة, حيث تخلد الشعر العربي وبقي مستمرا لجودته وعمق مضامينه. وعليه, ما المانع بأن يتم وضع قائمة لطبقات الشعراء بموجب لجان متخصصة في الشعر والأدب والنقد كأن يقال: هذا من طبقة أمراء الشعر, وهذا من طبقة فحوله, وهذا فيه من جرير وذاك فيه من الفرزدق وذاك فيه من البحتري أو شوقي ..... وهذا من الهواة, وذاك الشعر لا يرقى لمستوى الإلقاء........ ! 


لا نريد لحصان الشعر العربي أن يكبو بفعل الازدحام والفوضى, وبسبب فقدان الأمل في حال الأمة, مع ازدياد إحباط الشعراء كغيرهم من أصحاب الهمم, بفعل الانكسار بالمشاعر مما يجري في الواقع العربي العام على الأرض من لجوء وتغيير في الديمغرافيا, علاوة على خرائط جديدة وجغرافيا لا تنفك عن المشهد الشعري والثقافي. نريد لشعرائنا وشعرهم مع تقدم وسائل العصر في النشر والحفظ والإرجاع والأرشفة, أن يسمو جدهم الشعري نحو الرقي في استقراء المستقبل !  أما رسالتي للشاعر في ديارنا فهي: أيها الشاعر, كن كما البحر, في مظهرك أنيق, في سرك عميق, في شعرك دقيق, فالبحر يكتنز في أعماقه اللؤلؤ, ولديه يكمن سر من أبحر ومن قضى ومن عشق ومن عانى..... فبرغم أمواجه الهادئة والعاتية المتلاطمة أسماكه تعيش فيه, ومخلوقاته لا تحيى إلا بداخله. وكن كالبحر سخي كريم, ولديك من الأسرار ما لا تدركه الأبصار, وتدركه السرائر, بدليل تفريغ الطاقة السالبة والهموم عند شواطئه أو السفر مبحرا على صفحة مائه وسابحا فوق أمواجه. وتبسم للحياة أيها الشاعر, فأنت فارس نبيل تتهادى مع المشاعر, وتفك الضجر عن النفوس المتعبة بالحزن والألم...... والغربة والهوى ! أيها الشاعر الساهر والثائر, دورك إنساني بحت, تغيث الملهوف وتقرب البعيد.... وتعبئ النفوس بالصبر والتبصر والحكمة والأمل. 
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد