التجربة درس وعي

mainThumb

15-08-2014 12:05 AM

في معادلة تعبيرية عن توصيف المعرفة تمييزاً لها عن المعلومات وتوضيح العلاقة بينها وبين المعلومات,أشرت في بعض كتبي السابقة   إلى أن : المعرفة  = الخبرة  + المعلومة, وهي بهذا التوصف, تأخذ,أي المعرفة ,أهمية خاصة لما تحلمه من عبر ومن عظات تنعكس في مجملها على  تنوير وعي الإنسان لحاضره وما آلت إليه أحواله وأوضاعه,وتعميق إدراكه لمسببات الأحداث التي مر بها والتجارب التي خبرها ولنتائجها, وما يستخلصه من عظات من تلك التجارب والأحداث تتأثر بها مفاهيمه وتتولد لديه أفكار ووجهات نظر خاصة به .

ويرى البعض في الوعي إنه حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك  وعلى تواصل مباشر بمحيطه الخارجي.وإن الحالة العقلية هي ميزة من ميزات الإنسان. كما أشار البعض إلى أن الوعي بأمر ما يضمن معرفة  ذلك الأمر والعمل بمقتضيات هذه المعرفة.أي حالة من حالات تفعيل المعرفة ووضعها في خدمة ما يقوم الفرد به من أفعال مختلفة لاحقة ومن ممارسات يلجأ إليها طوعاً أو مضطراً.

لا نختلف على أن أخطاء الفرد التي يرتكبها بمواقفه وبما يتخذه من  قرارات وبما يقوم به من أفعال وما يؤديه من سلوك تعود إليه ويتحمل    هو,في غالب الأحيان, مسؤوليتها الكامله لإنها من صنع يديه, بغض النظر عن الظروف النفسية والاجتماعية المحيطة به,ولكن تظل آثارها إن توسع مداها محدودة وتقع في نطاق اجتماعي ضيق ومحدود.

ونعترف كأشخاص طبيعيين بأن الأخطاء التي نتحمل نتائجها أو بعضاً من نتائجها تأتينا من كوننا أعضاء في مجتمع يعاني من أخطاء سياسية,أو أعضاء في حزب سياسي نطيع ما نأتمر به ونلتزم بما يقرره القادة الحزبيون حول القضايا التنظيمة الحزبية أوالقضايا العامة في مجتمعنا. ولا نتبرأ من أخطاء رؤساء الجمعيات الأهلية والخيرية وقادة النقابات  المهنية التي نننتسب إليها,وحتى أخطاء أبنائنا أوآبائنا وأقاربنا تنعكس علينا في سمعتنا الاجتماعية وعلى المستقبل السياسي والوضع الاجتماعي في أحيان كثيرة.وهي أخطاء تتأثر بها قطاعات اجتماعية أكبر,وتتسع رقعهتا كلما كان ارتباطها بالشأن العام أوثق.

الوقائع التي تدخل ذمة التاريخ بتوقف نشاط صانعي أحداثها أو مسببيها لأي سبب كان,تدخل معجم الأحداث في التاريخ,وتطوى صفحتها إلا عند الحاجة إلى العودة إليها للتذكر والتذكير.

أما الأحداث والوقائع التي يمر بها على سبيل المثال,حزب أو تنظيم يحمل صيغاً أيدولوجية,وله عقائد من أي منظور انطلقت تلك العقائد,سياسية اقتصادية اجتماعية, أو أي مرجعية توسلت,دينية طائفية قومية اشتراكية ....,وله دور فاعل في الحياة العامة في مجتمعه,ويحدد لنفسه أهدافاً يسعى لتحقيقها,ويمارس العمل السياسي  فإن لتجاربه التي يمر بها سواء أكانت تجارب من فعله أو من فعل محيطه,إن كانت لمعتقداته دينامية متسقة مع طبيعة العصرالتي تشهدالتغير والتطور الفكري والأداتي والتنظيمي,يكون لهذه التجارب تأثيراً عميقاً وشاملاً من المفروض أن يحفز مراجعة دورية وجادة للمنطلقات  التي يعتمدها في رسم خططه وفي وضع استراتيجياته لتواكب المتغيرات التي تطال كافة مناحي الحياة في عصرنا الحالي, وفي الأهداف وفي الشعارات التي يتنادى بها وتحفل أدبياته بموضوعاتها التي يخاطب بها أعضاءه كما يخاطب كذلك مجتمعه بها.

تسقط التنظيمات والمنظمات التي تتباهى (بثباتها )على مواقفها,وثبات سياساتها في براثن النرجسية الأيدولوجية التي من شانها عزل أيا منها عن مجتمعها  تدريجياً,وتجعل منها (مؤسسة) تدور في فلكها الخاص بها,وتقلص مصداقيتها,وتغذي نوازع الاستئثار والتهميش فتعزل نفسها تلقائيا عن مكونات المجتمع التعددية التي أنارت التجارب وعيها, واستعانت بمبتكرات التطوير والتحديث.وفي النرجسية الأيدولوجية,تبرر تلك التنطيمات كل أخطائها,وتغطي على فشلها,وفي التبرير تدبير محكم لمواصلة الانعزال والفشل.والأمثلة على ذلك من واقعنا الحالي ماثلة بوضوح أمام ناظري كل من يبصر طريق المستقبل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد