لجم الأطماع الصهيونية في فلسطين مفتاح الحل -1

mainThumb

04-12-2014 10:59 AM

تتنادى برلمانات الدول الأوروبية للتصويت على قرار الاعتراف بدولة فلسطينية على أرض فلسطينية,على الرغم من أن مثل هذا التصويت غير ملزم للحكومات الغربية (خاصة منها الفاعلة في إقامة الكيان الصهيوني المحتل واستمرار دعمه بكل السبل).

ولعل أحد الدوافع الرئيسة إلى هذا التوجه الذي من الممكن أن يتحول ألى أمر واقع على الرغم من الرفض الصهيوني المحتل للآراضي الفلسطنية,رافعاً شعاره المقدس في أعرافه وفي أيدولوجيته الدينية الشوفينية وعنصريته المعضدة  بخلفيات دينية (...من الفرات إلى النيل ).


يأتي هذا التوجه الغربي لفرض الحل (السلمي) بين الفلسطينيين وبين الأطراف الصهيونية بعد أن فشلت سبعة عقود من الاحتلال الصهيوني لفلسطين دون  إلغاء أو انحسار مبررات حق الفلسطينيين ودوافعهم الطبيعية في وطنهم, مدعومين بقوى أمتهم العربية الوطنية في تحرير الأرض,رافعة شعار (وإنْ لمرحلة لم تتواصل مع جهود العمل التحريري لظروف سياسية وليست لانتكاسة في طبيعة التحرر والتحرير) تحرير الأرض والإنسان الذي يحمل سمو المعاني القومية  في أن تحرير فلسطين من المحتلين الصهاينة يعني تلقائيا انتقال الإنسان العربي من وضعية القهر السياسي, والتهميش,والتهديد والتشرد واللجوء على الحد الأدنى من المشاركة في صنع القرارات التي تتفق عليها قواه وتياراته الوطنية والشعبية, إلى ساحة انتصار مدو على قوى الصهيونية والامبريالية والاستعمار التي فرضت على النظم العربية المصنّعة لها التماهي مع تلك الأوضاع الشاذة في قضم قطعة من الأرض العربية تميزت بالسبق الحضاري في التاريخ العقيدي وفي تاريخ الحروب التحريرية والقداسة الدينية والمحور الإيماني المركزي للديانات السماوية وتنزيلاتها ورسلها وأنبيائها,كما حددت لها ضوابط إيقاع تحركها الوطني ورهنته بالحماية الأجنبية,والوصاية الأميركية بالتحديد,وقيدت مسارات التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي في الأقطار العربية,واحتوي مرونة حرية تصرف الدول النفطية بأموالها,وساعدتها على الاستثمار في العقارات والنوادي الرياضية والمولات والفنادق,ويمكن لها متى شاءت أن تتلاعب بأسعار البورصات التي تندرج تلك الاستثمارات فيها,ويمكن لها أنْ تتحكم في قيمتها السوقية متى رأت أن ذلك فيه مصلحة سياسية لها.


أوصت الإدارات الأميركية المتعاقبة النظم السائرة في ركابها وهي معصوبة العينين  بوأد الديمقراطية (وهم يفاخرون بها ويباهون العالم بالتقيد بعناصرها داخلياً) وأنماطها وقيمها والاكتفاء بأشكالها الورقية المتلونة ولجم دعاتها وتشريد العاملين في سبيل تجاوز بلادهم التبعية والاستسلام لإرادة الأجنبي,تحمي مصالحه وتصون له قواعده العسكرية العدوانية في البر والبحر والفضاء المفتوح في جميع الاتجاهات ,وتهيئ لقواها العسكرية المختلفة حرية الحركة والعمل كما تشاء وكما يحلولها ضد أشقاء أو جيران أو غرباء أو أعداء لا فرق.

 انقضت سبعة عقود على الاحتلال الصهيوني لفلسطين,شهدت المنطقة خلالها مراحل قتالية فدائية,وحركات تحرير,بعد عدة حروب شنتها الصهيونية المحتلة لفلسطين على الدول العربية المجاورة,وتفشي أعمال العنف في مختلف أنحاء أوروبا والمنطقة بسبب هذا الاحتلال الذي دعمت بعض الدول الغربية وجوده وناصرته بمده بالسلاح والحماية من الالتزام بالقرارات الدولية التي تدين العدوان وتطالب المحتل بالانسحاب,وساندت بقية الدول الغربية سياسة الولايات المتحدة الأميركية على اعتبار المحتل الصهيوني وإقامة كيانه في فلسطين العربية جزءا من الأمن الوطني الأميركي,وأن الدفاع عنه يحقق مصلحة حيوية لها,وتخضع الإرادة الأميركية في هذا الموضوع لأنياب اللوبي الصهيوني المتحكم بخيارات أميركا والمحجم لخياراتها في كل ما يتعلق بالمواقف من الكيان المحتل, وعضاته القاتلة!

ولما كانت قرون الشيطان,مهما امتد بها طولها,واشتدت قساوة مكوناتها ليست كفيلة بحماية رأسه من الضربات الموجعة,فقد أخفقت محاولات الولايات المتحدة الأميركية في نشر الفوضى تحت مسمى ( الفوضى الخلاقة) في كل الأقطار العربية,وتنصيب نظم حكم جديدة تدين لصانعها بالولاء,وتعمل بالسر وبالعلن على (احترام)أمن الاحتلال لفلسطين,وتعمل على إقامة العلاقات الطبيعية معه,كما حدث في كل من تونس ومصر,أما من انتوته الخطة الأميركية الخبيثة للنظم التي استحالت على التطويع والتدجين لخدمة المصالح الأميركية ولو في حدها الأدنى المتمثل في إقرار (سلام!!)دائم مع العدو الصهيوني,(وتأمين الاستقرار) في المنطقة,ووعود بالتنمية الشاملة والرفاه الاجتماعي- الاقتصادي لأبناء المنطقة,كل ذلك جاء من خلفية نوايا ذاتية ولكنها ليست ذكية كي يتيح لأميركا التفرغ لما تواجهه من تحديات جدية لرغبتها في التفرد بالتدخل في الشؤون الدولية دون اعتراض أحد أو إعاقة الخطط المرسومة لتثبيت القطبية الأحادية وتعميدها ككيان مقر ومعترف به دون منافسة أو تجرؤ على المخالفة والممانعة,وشرعنة دورها في توجيه مسار الأحداث,والتعبير عن إرادات الشعوب,وتسمية حكامها لها وتغيير النظم حسب رغبتها,أي الرغبة الأميركية.

التحديات الجدية لهاجس التفرد الأميركي بأحادية القطبية,والاستئثار بالتدخل المباشر في مسار الأحداث الدولية,وحماية مصالحها الامبريالية في مختلف أرجاء المعمورة, لا تأتيها من المنطقة العربية التي تعد منطقة تحت السيطرة وإنما هناك تحديات جدية من دول البريكس ومن الدول الآسيوية التي يقبع بعضها تحت الحماية الأميركية ولها خلافات حدودية قائمة مع الصين,وبروز الدور النشط  والمكثف على مختلف الجبهات للعملاق الصيني الذي يمتلك السيادة على قراراته التي يحقق من خلالها مصالحه الوطنية والقومية ,الذي يؤرق قوى العم سام ويحيط بقواته من عدة جوانب بالتنسيق مع الدب الروسي الذي يشكل العائق الرئيس,والند القوي في مواجهة الأطماع الأميركية في المناطق والبؤر التي تمثل مصالح حيوية لروسيا,وهي معنية مباشرة بالدفاع عنها, هذا وتعمل السياسات الأميركية في مواجهة روسيا,مستغلة معارضتها للسياسات الأميركية العنيفة المستندة إلى طغيان القوة في عدة دول لها علاقات تاريخية من الصداقة والتعاون معها (أي مع روسيا),ومتعذرة ,بشكل محدد بمواقف روسيا من الحرب التي تشنها عدة دول بقيادة أميركية على سوريا ,ووقوفها الصلب من قضية أوكرانيا ومواجهة الدعوات الشوفينية وتحريك المشاعر التي تصفها بالنازية في عدائها المعلن والسافر للاتحاد الروسي وحرصها على حماية مصالحها.وتجهد الولايات المتحدة على تضييق الخناق على نمو الاقتصاد الروسي بفرض العقوبات التي يجبر الدول الأوروبية على اتخاذها مساندة للموقف الأميركي ,اعتقاداً منها أن حشر الدب الروسي في زاوية تضيق على أرنب فكيف بالدب أنْ يقبل بها!!.


(للموضوع تكملة)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد