الأردن آمال كبيرة وقدرات محدودة

mainThumb

18-03-2015 12:21 PM

لقد أفضى مؤتمر دعم التنمية في مصر والذي عقد في شرم الشيخ الأسبوع الماضي الى جمع مبلغ 12 مليار دولار أمريكي للمساهمة في مشاريع التنمية المزمع تنفيذها في مصر الشقيقة. وجاء على لسان رئيس الوزراء المصري أن الدعم وصل الى 60 مليار دولار، ولكن ذلك المشهد الحماسي من الدول كلها في جلسات المؤتمر، والتبرع السخي والتأكيد على دور مصر والتأكيد على الاستعجال في تحويل المبالغ المالية الى الخزينة المصرية وتحديد مدد المشاريع ومتابعة التنفيذ من الدول المانحة وتشكيل اللجان المشتركة لمتابعة كل ذلك، يثير العديد من المفارقات، ويجعلنا كأردنيين نقف كثيراً مع أنفسنا لتقييم ما حدث في مصر الشقيقة.

ففي الوقت الذي ينحاز فيه الأردن الى كل القضايا العربية بلا استثناء ويتفاعل ايجابياً مع كل الهموم الذي تعترض مسيرة العمل العربي المشترك ويساهم مساهمة الحريص على فكفكة كل العقد التي تواجهها الدول العربية في أزماتها الداخلية والخارجية لما يتمتع به الموقف الأردني من عقلانية في العرض ومنطقية في التعامل مع الواقع، فإننا نجد أن كثيراً من الدول العربية لا تلق بالاً لكل هذا الواقع الأردني المتميز والحساس ولا تقدر عظم المسؤوليات التي يتحملها الأردن في وسطه العربي بسبب وجوده في هذه البقعة الجغرافية من العالم وبما تفرضه عليه من إملاءات جيوسياسية تحتاج الى وقفة عربية جادة لاستمرار وقوف هذا الوطن على خطوط النار العربية العربية والعربية اليهودية.

لقد كان الأردن وما زال فاعلاً في الساحة العالمية رغم صغر جغرافيته ولكن مركزه الأيدولوجي القائم على الوسطية والاعتدال والتسامح، ومركزه القومي المبني على دعم كل المواقف العربية منطلقاً من قيادته الهاشمية ودستوره القومي ومبادئه الراسخة للوقوف الى جانب كل العرب، ومركزه الجغرافي المنطلق من حماية الحدود مع دول الجوار لدرء الخطر عن حدوده، ومركزه الأمني الرامي للعمل بكل جدٍ لاستتباب الامن وحفظ النظام في المنطقة كلها وتنفيس كل الاحتقانات، ومركزه السياسي الداعي دوماً للتعامل مع الأحداث بعقلانية ووعي، وتحريم إراقة الدماء على أرضه لرفضه اهانة كرامة البشر، كلها تجعله فاعلاً بمعنى الكلمة وقادراً على مواصلة دوره المتميز في الانحياز لقضايا العرب عامة.

وعندما نقرأ ما حدث بالامس القريب في مصر يجعلنا نتساءل عن لماذا كل هذا الدعم لمصر التي كانت ومنذ سنوات عديدة غير فاعلةٍ في حمل الهم العربي بسبب أوضاعها الداخلية. لماذا كل هذا الدعم الخليجي لمصر ولماذا كل هذا السخاء الذي تجاوز الكرم الطائي عندما ذبح فرسه لضيفه، لماذا كل هذا الدعم ومصر الشقيقة بعيدةً كل البعد عن حماية أمن الخليج وعن حماية ظهره كما يفعل الأردن على طول حدودنا مع السعودية والبالغة 701 كم، لماذا كل هذا الدعم لمصر في الوقت الذي يتوجب على الدول العربية عامةً والخليجية خاصة أن تقر بأولوية الشأن الأردني وأولوية الوضع الاقتصادي الأردني للأسباب المذكورة آنفاً. لماذا كل هذا الدعم للشقيقة مصر ونحن في الأردن الوحيدون الذين نحمل الملف العربي كاملاً للمحافل الدولية. فهذا الملك عبدالله الثاني لا يترك مؤتمراً ولا لقاءاً الا ويتحدث فيه عن القضية الفلسطينية والسورية والليبية والمصرية واليمنية وووو.... لماذا كل هذا الدعم لمصر الغالية على قلوبنا جميعاً ونحن نئن تحت وطأة الدين والضائقة الإقتصادية التي سببها في مجملها حمل مسؤولية إخوتنا اللاجئين من العرب. لماذا كل هذا الدعم لمصر العزيزة ونحن في الأردن طالما وقفنا الى جانب إخوتنا العرب في أزماتهم الداخلية في اليمن وعمان والسعودية والعراق وسوريا وفلسطين ومصر، وما زلنا نقف منطلقين من عروبيتنا وأخوتنا مع الجميع.

إننا في الأردن لا نستعطي على أبواب إخوتنا العرب ولكننا نطالب الدول العربية أن تفي بالتزاماتها وأن تقف الى جانب الأردن الذي يستضيف مليون وتسعماية وعشرون ألف لاجي سوري وقرابة الربع مليون فلسطيني ومئات الالاف الآخرين من مختلف الدول حتى غدونا ثالث أكثر دولة مستضيفة للاجئين في العالم، لأن قدراتنا الإقتصادية وديمومة الكوارث العربية لم تترك لنا يوماً في الأردن لنتنفس الصعداء وننتبه الى نفسنا، وبقينا دائماً نتعامل مع كل الإخلالات بالإقليم وندفع ثمن كل ذلك.

نبارك لشقيقتنا مصر بهذه الوقفة العربية السخية ونعتب على إخوتنا الخليجيين لعدم النظر الى الأردن بنفس العين التي ننظر اليهم بها ولعدم تقديمهم ما يترتب عليهم عربياً تجاه الأردن ووقفته بقضية اللاجئين التي استنزفت كل القدرات الأردنية المحدودة، مذكرين أن على الخليج أن يسارع باستدراك وضع الأردن وأن يقدم الدعم الملائم بما يديم الأمن والأمان ويجعله واحة الاستقرار الخليجي ومتنفس كل دوله في الوقت الحاضر ولحماية استثماراته التي يجني الأرباح الطائلة منها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد