رفع كفاءَة الطاقة

mainThumb

24-06-2015 11:18 PM

 من اللافت النشاط المتزايد في رفع كفاءَة الطاقة في الأردن، ومثال ذلك المرحلة الثالثة لمحطة السمراء لإنتاج الكهرباء من البخار. وهذا ليس اختراعاً جديداً من حيث التكنولوجيا ولكنه جديد من جهة استخدام الغازات العادمة الناجمة عن احتراق الوقود في محطات التوليد لتشغيل توربين بخاري لتوليد الطاقة الكهربائية. وهذا يعني أن إنتاج الكهرباء من هذا التوربين لا يحتاج إلى وقود على الإطلاق بل يستهلك الغازات الحارة الناجمة عن احتراق الوقود في المحطة نفسها.
 
        وهذه الخطوة الرائعة أدت إلى وفر نحو ربع مليون طن من الوقود سنوياً، كما نشر في وسائل الإعلام، أي ما يعادل 3% من الطاقة الأولية المستهلكة في المملكة والتي بلغت في عام 2014 ما مقداره 8,6 مليون طن مكافئ نفط؛ وقد بلغ ثمنها نحو 120 مليون دينار بينما بلغت تكلفة المشروع 118 مليون دينار. وهذا يعني أن هذا المشروع سوف يستعيد رأسماله في سنة واحدة فقط.
 
        لقد أضحت التكنولوجيات الحديثة نعمة في يد البشر إذا تم استغلالها جيداً، فهي الأقل تكلفة والأسرع مردوداً والأنظف بيئياً والأكثر أمناً علينا وعلى الأجيال القادمة ومستقبل أمنا الأرض. وتصريح البابا فرنسيس حول التغير المناخي وأثرة السلبي على الأرض والشعوب الفقيرة إنما هو إعلان عن تغير منهجي في عقل البشرية وإعلان صريح عن بداية عصر جديد تنكفئ فيه مصادر الطاقة الشريرة كالطاقة الأحفورية والطاقة النووية على نحو تدرجي لصالح الطاقة المتجددة النظيفة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. كذلك فإنه إعلان صريح وواضح أنه لم يعد من المقبول السكوت على الإنفاق الهائل على تحقيق رغبات البشر بالثراء الفاحش والإنفاق الجنوني على السلاح وأنماط العيش الرغيدة بينما الناس في إفريقيا وآسيا وجنوبي أمريكا يموتون من الجوع والعطش.
 
        بات واضحاً أن التكنولوجيا القديمة تتغير على نحو متسارع، فالأجهزة الكهربائية يتم إنتاجها اليوم باستهلاك للكهرباء أقل من نصف القديمة البائدة، ووحدات الانارة الموفرة للطاقة دخلت عالم "الليد" LED حيث تقدم لمبة بقدرة 3 واط فقط قدرة لمبة 40 واط حرارية من النماذج البائدة، أي بتوفير أكثر من 90% من الطاقة الكهربائية. والمركبات الهيبريد الهجينة تقطع مسافات أكثر من ضعف أفضل المركبات الحديثة.
 
        والعالم مقدم ايضا على ثورة في الطاقة الشمسية، بدأت من تسخين المياه وانداحت لتشمل توليد الكهرباء، وما لبثت أن انخفضت أسعارها لتنافس الوقود الأحفوري. لم يعد هناك مبررات بعد اليوم لاستيراد أجهزة مسفرة في استهلاك الكهرباء أو المياه وقد بدأت المواصفات والمقاييس مشكورة في تطبيق ملصق كفاءَة الطاقة مراقبة المستوردات لبعض الأصناف، إذ نتأمل أن يتسارع ذلك ليشمل كل شيء بقدر الإمكان فنحن متأخرون عن ذلك سنوات عديدة وفقاً للإستراتيجية الوطنية.
 
        كذلك لم تعد إجراءَات مراقبة حسن تنفيذ الأبنية قابلة للنقاش سواء في التصميم المناخي أو نوعية النوافذ والأبواب أو العزل الحراري، ولم يعد استخدام الأجهزة الكهربائية ومعدات الإنارة في الأبنية خاضعاً للأهواء الشخصية، فقد آن الأوان لوضع خطة وطنية لترشيد الاستهلاك في الطاقة، بما في ذلك قطاع النقل المهمل لغاية بالرغم أنه يستنزف نصف فاتورة الطاقة الكلية، وكذلك خطة موازية لرفع كفاءَة الطاقة، فلم يعد مقبولاً هذا الإنفاق الترفي والاستهلاك العظيم من الوقود الأحفوري وتلويث البيئة بغازات تسهم في إصابتنا بالأمراض وترهق كاهل البيئة الاقتصادية وتلوث الماء والهواء والتربة التي هي حق طبيعي لأولادنا وللأجيال القادمة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد