الأَسْرُ يُسْقِطُ الرُّتْبَةَ والشرفَ عند العرب !

mainThumb

02-07-2015 02:48 PM

إنَّ الجنسَ العربي من أرقى الأجناس البشرية ، وله صفاتٌ وأخلاقٌ تُمَيِّزُهُ عن بقية الأعراق الأخرى ، وَلِذلك قال – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح :

( إنما بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ ) ، فعند العرب في جاهليتهم أخلاقٌ عظيمةٌ منها :

1 – إكرامُ الضيف حتى بالغوا في ذلك مبالغةً تَجْعَلُكَ تَقِفُ حائرا أمام هذا الخلاق الذي شحَّ وَنَدُرَ عند الأمم الأخرى .

2 – الشجاعةُ ، فبها عُرِفَ العربي بين سائر الأمم ، وبها تَغَنَّى ، وَذَمَّوا الجُبْنَ والفرارَ من الحروب أَيَّما ذمٍّ !

3 – الصِّدْق فهو شِعارُهم ودثارهم ، وقصَّةُ أبي سفيان – رضي الله عنه – قبل اسلامه مع هرقل الروم أكبر دليل .

وهناك أخلاقٌ كثيرة ليس هذا موطنَ استقصائها وعدِّها .

ومن أخلاقهم التي تَدُلُّ على الاباء والشموخ والأنفة والعزَّة ، أنهم كانوا يُسْقِطون من وقع في الأسر من قائمة الشَّرف والكرامة ، ويلحقونه بالموالي والخدم ! كلُّ ذلك مبالغةً في الأنفةِ والكرامة وعزَّة النفس العربية التي لا ترتضي أن تقع أسيرةً في يَدِ غيرِها خاصةً من بني جنسها من العرب ...

وَلِنُمَثِّلَ على ذلك بقصتين واقعتين حَفِظها لنا التاريخُ الأدبي :

الأولى : قصة زواج حُمَيْدَة أو حمدة أختِ الصحابي الجليل النعمان بن بشير – رضي الله عنهما – حيثُ تَزَوَّجها السيدُ الجذامي ( روح بن زنباع بن روح بن سلامة الجذامي ) ، فَكَرِهتْهُ وطلبتْ الطلاقَ منه ، وقالتْ تهجوه كما هو عند أبي عبيد البكري في ( سمط اللألئ في شرح أمالي القالي ) ، ورواية صاحب ( الأغاني ) أنها قالتْها في زوجها الذي بعد روح بن زنباع ، وهو ( فيض الثقفي ) ، وسيكون اعتمادُنا على ما ذكره ابو عبيد البكري في ( سمط اللألئ ) ، قالت حميدة وجاء ذكرُها أنها هند في الأبيات :

وهل هندٌ إلا مُهْرَةٌ عربيةٌ
...... سليلةُ أفراسٍ تَجَلَّلها بَغْلُ

فَإنْ نتجَتْ مُهْراً كريماً فبالحري
...... وَإنْ يَكُ اقرافٌ فما أنجبَ الفَحْلُ

فهي تتعالى على روح بن زنباع الجذامي رغم إتحاد أصليهما في ( اليمانية ) فهي من الأزد ، وهو من جذام ، وكلاهما من جذور اليمن على خلاف في نسب ( جذام ) .

فما سببُ  هذا التعالي يا تُرَى ؟! يَدُلُّنا على السببِ أبو عبيد البكري في مصدره :

( ... وروح سيدُ يمانية الشام يومئذٍ ، وقائدُها وخطيبُها ومحربُها وشجاعُها ، وإنما قالت ذلك لأنه مَسَّهُ يوم المرج أَسْرٌ أو قيل بل مَسَّهُ قبل ذلكَ في حرب غسَّان ، فافتدى ؛ فقالتْ له قولَ العربية الشريفة للمولى وعَيَّرَتْهُ بالإقراف ) !

الثانية : وهي حادثةُ خِطْبَةِ عثمان بن حيَّان المُرِّي وكان أمير المدينة – كما ذُكِرَ – لإحدى بنات عقيل بن عُلُّفة المري ، فرفض عقيلٌ هذا القربَ من الأمير وابن عمِّه أيضا ! السببُ كما أشار له البكري هو : أن عثمان المري أو أباه قد مسَّه أَسْرٌ في الماضي !

فكما ترى أن الأَسْرَ كان يُسْقِطُ الرُّتْبَةَ حتى يُلْحِقُ صاحبَه بالموالي وإن كان ابنَ عمٍّ صليبةً ، وأن يكونَ هذا الأَسْرَ بين قبائل العربِ ، ولعلَّهم لا يأنَفوا أن يَقعَ في أسرِ الأعداء من غير جنس العرب والله أعلم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد