ذِكْرُ الشيخِ حسين الوحيدي الترباني عام ( 1634 )

mainThumb

18-07-2015 01:25 AM

 بعضُ القبائل حالُها حالُ البحر في فترةٍ من الفترات تجدُ آثارَ مَدِّها في بعض المناطق ، وأحيانا ينحسر مدُّها الى مناطق معيّنةٍ لا يُجاوِزُه .

 
ففي إبان الحكم العثماني كان نفوذُ بعضِ القبائل يتجاوزُ مناطقَها الحالية ، فتجد آثار مشايخ الوحيدات يمتدُّ إلى شمال الأردن وخاصةً مدينة إربد وقراها ، وتجد أيضا ذِكْرَهم في منطقة عجلون ، وجرش وكانوا أصحاب كلمة وسطوة فيها ، رغم أن موطنَهم الأصلي تبوك وما حولها ثمّ انتشروا شمالا إلى جنوب فلسطين والأردن ، وهذا التواجد في جنوبي فلسطين والأردن لم يمنع من انتشارهم في فترة ما إلى الشمال الأردني أو الوسط كمدينة جرش ، فالى الان معالم ( الوحيدية ) شاهدةً في مدينة جرش ، وقرية قفقفا التي يقطنها عشائر الحراحشة كانت للوحيدات ذكر ذلك  الباحث راضي عبدالله البشير الخوالدة في بحثه المعنون ( بحث في تاريخ قبيلة بني حسن في العصر العثماني ) :، ولكن هذا التمدد انحسر الى الجنوب من الاردن وفلسطين .
 
وقد ذكر أحدُ مؤرخي لبنان تواجداً لأحد شيوخ الوحيدات في منطقتي عجلون ، والكرك وذكر النفوذَ القوي خاصة في مدينة الكرك الجنوبية من أردن الشام ، وهذا المؤرخ اللبناني هو الشيخ طَنُّوْس الشدياق المُتوَفّى سنة ( 1859 ) واسمُ كتابه ( أخبار الأعيان في جبل لبنان ) ، حيث ذكر قصةً في حديثه عن أمراء لبنان الشهابيين  :
 
( وسنة 1634 نهض بالعساكر إلى خان سعسع وارسلْ يدعو المناصب إليه ، فاستدعى الأمير عليا اليمني والأمير حسين سيفا والأمير محمد الحرفوش وأخاه الأمير حسينا ، وَوَلَّى كلاً منهم على بلاده ، فلما بلغ الأمير فخرالدين ذلك جمع ستة آلاف رجل من بلاده وأرسلهم صحبةَ ولده الأمير علي إلى بلاد عجلون خشيةً من من خيانتهم إذا كانوا في البلاد .
 
وأبقى عنده ألفين من رجال الشوف ، والاثني عشر ألفاً السِّكْمان .
 
وأرسلَ ولده الأمير حسينا بثلاثة آلاف مقاتل إلى قلعة المرقب ليتحصَّنَ فيها ، وأرسلَ ثلاثةَ آلاف أخرى إلى قلعة بانياس ، ولما رأى الأميرُ أحمد الشهابي اهتمام الأمير ؛ جَمَعَ رجالَ وادي التيم إلى ريشيا وتهَيَّأ لصد الكجك أحمد .
 
وأما الأمير فلم يَبْقَ عنده سوى رجال الشوف وفرقة من السكمان .
 
وكان تفريقُهُ العساكر غلطاً ، وأما ولدهُ الأمير علي فلما كان في جبل عجلون قَدِمَ إليه الشيخ حسين الوحيدي ؛ يسألهُ استنقاذَ ابنه الذي قبض عليه محمد فروخ ، وأرسله إلى الأمير أحمد طرباي ؛ لِعَداوةٍ بينهما ، فأجابه الأمير علي قائلاً : إذا تظاهرتُ بمساعدتِكَ ؛ قتلوا ولدَكَ ، فالصوابُ أن تستفِكَّهُ بمالٍ وأنا أدفعُهُ لك مجاناً ، لكن اشترط عليك أن تأخذ لي قلعةَ الكرك ، فارتضى .
 
وسار وأتى بعربه ونزل بهم قريباً من القلعةِ ، وفي غضون ذلك قَدِمَ الأميرُ أحمد طرباي بستين فارساً وجمالاً تحملُ مؤونةً لأهل القلعةِ ، ولما رأى عربَ الشيخ حسين الوحيدي هناك ؛ قال لفرسانه : ما بالُ الشيخ حسين نازلاً في أرضنا ؟!
 
إني لا أذهب من هنا حتى أنهبه ؛ فأجابوه لا تفعل ؛ لأننا نخشى أن يظفرَ بنا لقلتنا فلم يصخْ لهم أذناً !
ولما أدخل المؤونة إلى القلعة شَنَّ الغارةَ على الشيخ حسين ، فالتقاه الشيخُ بعربه واصطدم الفريقان ، وهجم الأميرُ أحمدُ لا يلوي العنان ، فالتقاه ثلاثةُ فرسان من شجعان الشيخ ، وأطلقوا عليه الرماحَ معاً ؛ فسقطَ قتيلاً ؛ فانكسرتْ فرسانُهُ ، وَقُتِلَ منهم أربعون فارساً .
 
فأرسلَ الشيخُ  للأمير علي رسلاً ومعهم عشرةٌ من خيلهم وعشرةُ دروع ، وكتب إليه يخبره بما كان ؛ فحنقَ الأميرُ عليٌّ ظاهرا ، ووبَّخَ الرسلَ ، وارسلَ الخيلَ والدروعَ إلى الأمير طرباي ، وكتب إليه كتاباً يُعَزِّيْه بولده الأمير أحمد المذكور !
 
فأجابه : ما أحْضَرَ الشيخَ حسيناً بعربِهِ ، وقتلَ ولدي غيرُكَ .
 
اعلمْ أن لا علمَ لكَ مني ، وطَفِقَ يُضَيِّقُ على الأمير علي ؛ فخاف عسكرُهُ ، وشرعَ يهربُ ليلاً ، فكتبَ الأميرُ علي إلى والده يُخْبِرُهُ ، فأجابه أن ينهضَ بالعسكر إلى صفد ، فطمع آلُ طرباي ، وشنوا الغارة على بلاد صفد فارتحل الأميرُ علي إلى بانياس ) .
 
قلتُ : والأميرُ أحمد بن طرباي هو أمير اللجون ، وينتهي نسبُه إلى سنبس من طيء ، وهو وقومُه أهل إمارة مركوزة في شمال فلسطين .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد