معركة الإفطار

mainThumb

30-09-2007 12:00 AM

وقت الغروب، تنبعث رائحة الشعيرية من نافذة قريبة ،يتبعها طشطشة بصل من نافذة أخرى،وصوت غطاء طنجرة يلفّ طويلاً على البلاط قبل أن تستقر كامل حوافه على الأرض ، هذا الصوت لا يقل ازعاجاً عن صوت امرأة متسلّطة تصيح بأعلى صوتها أكلتهن يقصف عمرك. يتبعها صوت خماسي شديد اللهجة وبكاء متقطّع لطفل مفطر.

يتخلل هذه الأجواء المشحونة رشقات زيت ، ورمي حبات بصل مسيلة للدموع في قاع الطنجرة، وانقضاض بالسلاح الأبيض على عنق ضمة كزبرة مشفوعاً بالتكبير والدعاء بالنصر، أغطّي عيون الأطفال عن مشهد التمر هندي المراق في ساحة الطبخ ، وآخذهم الى مكانٍ آمن أو الى قمة جبل قريب. كل مساء تحدث معارك حقيقية في المطابخ بحجة إعداد الإفطار، يذهب ضحيتها كثير من الأدوات والصحون المرتدّة.

يسود صمت قليل أجواء المطبخ ، ربما لإخلاء الضحايا ، وإسعاف المصابين ، فتخرج بعدها أم العيال مشحبرة منهكةً متأرجحةً تسند نفسها الى الحائط والى باب الصالون بيدها كفكير وجاط فتّوش..ولأن دعاء ما قبل الإفطار مستجاب ، ما عليك الاّ أن تسأل الله أن يثبّت أقدامها وأن تكمل نقل باقي الصحون..

في هذه الأثناء يستلّ كل ولد ملعقته وهويصطك على أسنانه متأهباً لنزيل المبارزة المقابل. وما أن يؤذّن أحد المساجد في ساحل العاج أو البوسنة .. حتى يبدأ أزيز نواة التمر ، وصليل المعالق ،وصهيل الأمعاء..وسط موسيقى تصويرية من إيقاع رشف الشعيرية السريع..

ينتهي المشهد على احتلال الأولاد جبل المقلوبة ، والسيطرة على آبار شراب السوس، وتقاسم الغنائم ..أمّا الآباء ، كالعادة يندحرون وهم يجروا أذيال الخيبة والفشل.

ahmedalzoubi@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد