لدغة من التاريخ

mainThumb

30-09-2007 12:00 AM

رغم ان كل التوقعات والمؤشرات تؤكد ان مؤتمر السلام الدولي لن يحمل جديدا، ولن يذهب الى مراحل بعيدة في مناقشة القضايا الجوهرية وإعادة الحقوق، الا ان مثل هذه المواسم تعيدنا الى حكاية قديمة ونهج مارسته قيادة منظمة التحرير بعد مؤتمر مدريد عام 1991 وأثناء مفاوضات الوفد الاردني الفلسطيني المشترك، هذا النهج تمثل في الالتفاف على الوفود العربية وتحديدا الوفد الأردني عبر اللجوء الى مفاوضات سرية مع اسرائيل برعاية ترويجية تم تتويجها باتفاق اوسلو.

وللمعلومات التاريخية فإن اسرائيل رفضت ان يكون لمنظمة التحرير وفدها المستقل في مؤتمر مدريد والمفاوضات الثنائية التي تبعته، وكان هذا الرفض لأن اسرائيل لا تريد الاعتراف بالمنظمة لأنها تعبر عن وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ووافقت على تشكيل وفد من فلسطينيي الداخل برئاسة حيدر عبدالشافي كان يشارك تحت المظلة الاردنية، وبينما كانت المفاوضات الثنائية تعمل كانت المفاوضات السرية هي الفاعلة.

حتى الوفد الفلسطيني الذي يرأسه عبدالشافي لم يكن يعلم بما يجري او اوسلو وكانت القيادة الاردنية والسورية وغيرهما ايضا لا تعلمان، وفوجئ الجميع بالاتفاق الذي تم توقيعه في البيت الابيض في ايلول من عام 1993.

لم تكن المشكلة فقط في استغفال قيادة المنظمة للعرب بل وللفلسطينيين في الداخل، بل في انها مقابل ان تحظى بالاعتراف من اسرائيل قدمت ثمنا كبيرا تمثل في الاتفاق الذي سمي باتفاق اوسلو، وها هو اوسلو ما يزال عاجزا عن اعطاء الفلسطينيين اكثر من سلطة وهمية، وما يزال الاحتلال قائما والقمع وحتى الكهرباء في ايدي الاحتلال، انه اتفاق لم يمنح حقوقا ولا سيادة، لكنها عقلية المنظمة التي قايضت الاعتراف بها باتفاق عرف الفلسطينيون قبل غيرهم عيوبه.

الذين قادوا المفاوضات السرية هم ذاتهم قادة السلطة ورموز المنظمة وحركة فتح، وعلى رأسهم محمود عباس وأحمد قريع، وربما من غاب هو ياسر عرفات رحمه الله، لكن الامر نهج وليس اشخاصا، واذا ما اخذ المؤتمر الدولي او ما يتبعه من مسارات بعدا جديا فلن يكون غريبا ان يتكرر نهج المفاوضات السرية، لكن الامر لن يكون على القضايا الفلسطينية- الاسرائيلية الثنائية, بل الخطورة على القضايا المشتركة مثل اللاجئين والنازحين والقدس وشكل الدولة الفلسطينية، ولعل من يدرك طريقة تفكير قيادة المنظمة والسلطة يعرف انها لا تتردد في عقد الصفقات حتى وإن كانت على حساب حقوق الآخرين.

لنتذكر ان مفاوضات اوسلو السرية قدمت فيها المنظمة تنازلات كبيرة، لكن كان ما يشغلها هو ان تحظى باعتراف اسرائيل وان تخرج من تحت عباءة الوفد الاردني، وعرفت اسرائيل كلمة السر فمنحت قيادة المنظمة الاعتراف لكنها اخذت منها الكثير الكثير، وكانت الحصيلة ما نشاهده ويعانيه الفلسطينيون منذ عام 1993، والمسمى اتفاق اوسلو وإفرازاته.

ولنتذكر ايضا ان قيادة المنظمة لم تراعِ اي علاقات عربية لها، ولم تحترم التزامها مع الاطراف العربية وفي مقدمتها الاردن، الذي قدم المظلة التفاوضية، ولم يسمع احد بالاتفاق الا عندما ظهر، ويومها ظهر الغضب الرسمي الاردني والسوري والمصري، لكن الاعتبارات الاخرى جعلت الجميع يبدون تفهما، وبقيت في النفوس مرارة.

هل ستتردد قيادة المنظمة والسلطة في ممارسة شيء مشابه، طبعا لن تتردد وبخاصة وهي تعيش مشكلة كبرى مع غزة وحماس، والطرف الاسرائيلي لن يتردد في استغلال الوضع الفلسطيني وهروب قيادة السلطة نحو واشنطن وتل ابيب للوصول الى تسويات حول القضايا الكبرى، لكن هذه المرة قد يكون الثمن ليس على حساب الشعب الفلسطيني فقط بل على حساب دول عربية عديدة وعلى حساب فلسطينيي الشتات ايضا.

ما بين الحين والآخر نسمع عن تفاهم على اتفاق مبادئ او نقاط ثم التوافق عليها بين اسرائيل والسلطة، لكننا لن نفاجأ بصفقة سرية. نتمنى ان لا تتكرر حالة الدهشة والغضب التي ظهرت عربيا بعد كشف تفاصيل اوسلو الاول، لأن الثمن هذه المرة كبير ويتجاوز حدود مناطق السلطة، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين!

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

وزير الأوقاف يتفقد الحجاج في مكة المكرمة

ترفيع 6 متصرفين إلى رتبة محافظ وإحالتهم للتقاعد .. أسماء

منتخب السيدات لكرة القدم يلتقي نظيره البنغالي الثلاثاء

وثائق سرية تكشف احتجاز الصحافي الأميركي تايس في سوريا

القوات المسلحة تحبط تهريب مخدرات بطائرتين مسيرتين

‎ملحق لمذكرة التفاهم بين مؤسسة الغذاء والدواء وبلدية الكرك 

مؤسسة الغذاء والدواء تحتفي بعيد الاستقلال التاسع والسبعين

بلدية إربد الكبرى تحدد دوام سوق الخضار المركزي خلال عطلة العيد

226 ألف متر مياه مستعادة بإزالة اعتداءات قناة الملك عبدالله

الهاشمية تستحدث 5 برامج جديدة في شهادة الاختصاص العالي في الطب

ضعف الإقبال على الأضاحي رغم وفرتها في الأسواق بسبب ارتفاع الأسعار

أسعار النفط ترتفع أكثر من دولار بعد قرار أوبك+

أوتشا: الاحتلال الإسرائيلي يخنق مدنيي غزة في 18% من القطاع

إعفاءات جمركية تصل إلى 90% للقضايا المكتشفة قبل بداية 2025

جملة تثير الجدل خلال لقاء أمير الكويت والشرع