النفط: حديث ما بعد الإشادة

mainThumb

25-08-2007 12:00 AM

مرّة أخرى نقدر للحكومة قرارها بعدم رفع أسعار المشتقات النفطية، لكن ما بعد الإشادة هنالك حديث جدي يفترض أن لا نتجاوزه، مواطنين وحكومة، وأوّل بنود هذا الحديث أنّ قرار الحكومة ليس عدم رفع اسعار المشتقات النفطية إلى الابد بل حتى نهاية العام، ولهذا علينا اولا ان نمارس الترشيد لكل اشكال الفرح والاشادة وغيرها من اشكال الاستعمال السياسي لهذا القرار.

مشكلة النفط أنّ الامور تم ربطها بالسعر العالمي، فإذا استقرت الأسعار او هبطت فإن لدى الحكومة فرصة للتعاطف مع الناس وحاجتهم، واذا ارتفعت -وهذا ما لا نتمناه جميعا- فإننا جميعا، حكومة ومواطنين، سنكون أمام الخيارات الصعبة، وعلينا الاّ ننسى أنّ برنامج الحكومة هو تحرير اسعار النفط، تماما مثلما تم تحرير اسعار العديد من السلع الاساسية مثل الارز والسكر التي نشتريها الآن بأسعار يحددها التاجر.

قرار الحكومة بعدم الرفع لم يغلق الملف، بل نحن على موعد بعد بضعة اشهر مع قرار جديد سواء كان اسمه تحرير الاسعار او زيادتها، إلاّ اذا انخفضت اسعار النفط عالميا او وجدت الحكومة مصادر تمويل لا نعلمها لسد العجز.

ما نتمناه أن يكون دائما خيار الحكومات أن تبحث عن كل البدائل قبل أن تذهب إلى جيب المواطن، لكن إذا تحدثنا بواقعية فإننا قد نجد انفسنا بعد اشهر في مواجهة قرارات تحرير الاسعار، ولهذا فإن المطلوب من الحكومة ان تمتلك رؤية واضحة لما يسميه البعض شبكة الآمان الاجتماعي، وهي دون تعقيد حماية راتب المواطن ودخله من التآكل، وعدم ترك الناس في مواجهة آثار السياسات الاقتصادية وتقلبات اسواق النفط في العالم، وهذا يعني البحث عن وسائل يبقى فيها الدعم حاضراً في حياة مستحقيه من الأردنيين، ليس على طريقة زيادة الدنانير القليلة او توزيع الدعم بشكل غير منظم، اي أن يبقى الدعم يصل الى كل مستحقيه، وهم ليسوا فقط اصحاب الرواتب، فهنالك شرائح اخرى يفترض الا يتم استثناؤها، وليس بالضرورة ان يكون الدعم نقديا بل المهم توفير المشتقات النفطية بأسعار مدعومة ومعقولة للناس.

وقد يكون من أشكال الانحياز للناس وتغليب الجانب الاجتماعي تقديم زيادة معقولة على الرواتب للعاملين والمتقاعدين، هذه الرواتب التي اتخنتها الجراح نتيجة كل اشكال رفع الاسعار وبخاصة الناتجة عن القطاع الخاص وغياب الرقابة، أي ان نعيد الاعتبار لراتب الوظيفة العامة.

ولعلنا نشترك مع الحكومة في أن الخزينة تتحمل عبئا وتقدم دعما لغير الاردنيين المقيمين في الاردن، وهؤلاء الضيوف ليسوا رقما بسيطا، بل ان عددهم قد لا يقل عن 1.5 مليون نسمة، وهؤلاء متواجدون في الأردن بشكل عائلي ولهم استهلاكهم من الطاقة بكل اشكالها، ودولة مثل الأردن ليس لديها القدرة على تقديم مشتقات نفطية مدعومة للملايين من غير مواطنيها.

قرار الحكومة الأخير ايجابي، لكن لا توجد أي ضمانة أنه سيتكرر مرة اخرى، بل إن القراءة الاقتصادية والسياسية تقول إن عدم الرفع قد لا يكون متاحا مستقبلا، ولا نريد أن نصل إلى مرحلة مواجهة قرار تحرير الأسعار دون وجود بدائل وإجراءات لحماية المواطن، حماية حقيقية منظمة ودائمة.

وما دام لدى الحكومة اشهر طويلة فليكن التفكير مبكرا ومنتجا، أما اذا انخفضت أسعار النفط عالميا او وجدت الحكومة البدائل والاساليب التي تجعل المواطن بعيدا عن اي قرارات برفع الأسعار فهذا هو ما نتمناه، ومرة أخرى نتمنى من كل الحكومات أن تجعل جيب المواطن هو الخيار الأخير لدفع الاستحقاقات الاقتصادية سواء كانت التزامات او سياسات او تقلبات في اسواق السلع في العالم.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد