عن المسامح كريم وجورج قرداحي

mainThumb

17-12-2015 01:28 PM

بالصدفة، شاهدتُ بالأمس في "اليوتيوب" حلقةً من برنامج ،المسامح كريم، الذي يقدمه الإعلامي اللبناني الشهير ‏جورج قرداحي، وعلى ما يبدو أنني آخر من يعلم او يشاهد هذا البرنامج الذي بثَ على مدار عامين سابقين، ‏ولعل عدم متابعتي لمثل هذه البرامج او غيرها، هو انصرافي بالمطلق، لمشاهدة البرامج الإخبارية والسياسية على ‏الدوام. وللأمانة، أقل ما يمكن قوله عن هذا البرنامج، أنه في قمة الروعة والإنسانية، ففكرته تقوم على عقد ‏صُلحٍ  بين اناسٍ نشبَ بينهم خلافٌ سابق، وقد هجروا بعضهم لسنوات قد تكون طويلة، وبفضل الحنكة ‏والكارزما التي يتمتع بها الإعلامي جورج قرداحي، نادراً ما يفشل في أن يخرج المتخاصمين خارج أسوار الأستوديو ‏دون ان يتصافحا ويسامح كل منهما الآخر وسط تصفيف الجمهور وبكاء البعض منهم.‏
 
لستُ هنا للترويج للبرنامج أو حتى طرح إعتراض على طريقة تقديمه، او ضرب مصداقيته، كحال يعض البرامج ‏التي  بات  من ابرز سماتها انها فارغة المضمون، ومبنيةً على الفبركة، وجُل جمهورها من البسطاء، كما جرت العادة ‏عند رهام سعيد ورامز جلال. في برنامج قرداحي فكرة جميلة، رائعة، تحرك الوجدان، وتدفع الى ايقاظ الضمير ‏ومحاسبته، والقفز عن أخطاء الآخرين، ورمي الماضي الى الخلف، وبدءْ حياة جديدة تخلو من الشوائب. حقا لقد ‏نجح الاعلامي البارز، بتقديم نموذج مشرَّف للانسان المتسامح  والقادر على إصلاح ذات البين، بطريقة ملفتةٍ، ‏لدرجة ان مشاهدي البرنامج قفز عددهم على موقع "يوتيوب" إلى أكثير من مليون مشاهد خلال فترة ‏وجيزة.جوهر الحديث في مقالي هذا، القفز بشخصية الاعلامي قرداحي خارج الاستوديو وكاميرات التصوير، الى ‏رصد موقفه الشخصي، تجاه الاحداث في سوريا ،والذي اعلن، اي القرداحي، في أكثر من مقابلة تلفزيونة سابقة، ‏وقوفه الى جانب نظام الأسد الذي قتل أكثر من نصف مليون سوري وهجَّر ما يزيدُ عن عشرة ملايين داخل ‏سوريا وخارجها، وحوَّلها الى قطعة من جحيم يستعرُ فيها الجميع. لا يمكن تجاهل  حقيقة  أن يوميات الحرب ‏السورية  وضعت الجميع أمام اختبار للضمير والقيم والأخلاق، واعتقد أن قرداحي سقط في هذا الاختبار، حينما ‏قرر أن لا يلتفت الى ؤلئك المقهورين المعذبين خارج الأستوديو والكاميرات. لقد أبهرتنا شخصية قرداحي ‏وتسمَّرنا طويلاً أمام شاشة التلفاز  لمشاهدة  برامجه من سيربح المليون، والمسامح كريم، واليوم ايضا انبهرنا، ‏انبهارأ بطعم المرارة، من اعلاميٍ بارزٍ دعانا من خلف الكاميرا لنبذ خلافاتنا والتسامح فيما بيينا، لكنه للاسف ‏نسيَ أن يدعو ملايين السوريين الذين دمرت أرواحهم جحيم الحرب لكي يسامحوه،عن خطأٍ لا يقل فداحةً عن ‏آلة قتل الاسد التي لازالت تفتك بالجغرافيا السورية منذ خمس سنوات. ‏
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد