فرقة الحنونة .. حنونة فلسطين

mainThumb

21-12-2015 11:09 AM

قبل 25 عاما بالتمام والكمال  ، إنطلقت فرقة الحنونة  الفلسطينية ‏للفنون الشعبية والتراث  "حراس الذاكرة  الفلسطينية " ، وبفضل ‏من اله   كبير ، ما تزال هذه الفرقة التي  تستحق بصدق  لقب ‏الحنونة  حنونة فلسطين ، متماسكة ، ولم  تصبها عدوى الإنقسام  ، ‏وهي قياسا  بعملها ورسالتها واهدافها وإنجازاتها  ،  ترقى إلى ‏مستوى  المؤسسة المقدسة .‏
 
قبل الغوص في عبق ورائحة الحنونة الزكية ، يتوجب علينا التأكيد ‏على  أن رسالة هذه الحنونة مقدسة جدا ، لأنها  تعنى بالذاكرة ‏الفلسطينية  ، وتتولى حراستها من الإندثار ، تطبيقا لأماني وأحلام ‏يهود بحر الخزر المتصهينين ، الذين يتخرصون على الدوام  بأن ‏الكبار من الفلسطينيين  سيموتون  بينما صغارهم سينسون ، وبذلك ‏يستقرون في فلسطين .‏
 
لكنهم ويا لتعسهم  وبؤس أمانيهم وأحلامهم، صدموا  بالواقع ‏الفلسطيني المر  كالعلقم بالنسبة لهم ، وهو أن الجيل الفلسطيني ‏الجديد الذي ولد في ظل إتفاقيات العار  أوسلو ، قد إنتفض حاملا ‏روحه على كفه ، وبدون سلاح هذه المرة لأنه يعلم علم اليقين أن ‏سلطة أوسلو المرفوضة ستصادره  منهم لصالح المحتل ، بل إبتدع ‏طريقة نضالية أخرى أرعبت وأهقت المحتل  ، وهي الطعن ‏بالسكاكين والدهس بالسيارات ، ونزل إلى ساحات الوغى  وسجل ‏حضورا فلسطينيا  مشرفا   ، رغما عن أنف من ينسقون مع العدو ‏المحتل ، وأنجز ما عجزت عنه جيوش العرب والمسلمين اللاهية ‏هذه الأيام بمحاربة  ما يطلق عليه الإرهاب .‏
 
لقد أنجزت فرقة الحنونة  طهرا فلسطينيا إضافيا بإنخراط شباب ‏وشابات فلسطين فيها  ، وإستغلالها  الطاقة الكامنة في المخيمات ‏قدر الإمكان ، الأمر الذي أبطل مقولات يهود بحر الخزر الصهاينة ‏في موضوع النسيان ، وقد أذهل شباب وشابات الحنونة  ضيوف ‏الإحتفال  في إفتتاح الموسم السابع ليل أمس  ، وعبرت  الناشطة  ‏اللبنانية م.عفت شاتيلا  عن ذهولها بقولها أن فرقة الحنونة  ‏إصطادت عشرة عصافير بضربة واحدة  ،وانها عملت على حماية ‏الشباب الفلسطيني من الإنحراف والإجرام والضياع ، وسيجتهم من ‏النسيان وعمقت فيهم الروح الوطنية والقومية من خلال توظيف ‏قدراتهم  لتحقيق الأهداف السامية.‏
 
فيما  قالت  الناشطة لعراقية منى الموسوي أن  فرقة الحنونة أثبتت ‏أن الشعب الفلسطيني لن يموت  ، وأنها  أنشدت معهم نشيد موطني ‏تعبيرا عن  إندماج الأرواح الذي  أفرزته فعاليات الحنونة في حفلها ‏الأول  ضمن موسمها السابع ، كما أن  أعضاء الوفود العربية ‏والأجنبية المشاركين في مؤتمر الأمن الغذائي الذي نظمته المنظمة ‏العربية لحماية الطبيعة   أشادوا بإنجاز  الحنونة .‏
 
في  إفتتاح موسمها السابع  ، قدمت الحنونة  لوحة  مدينة الناصرة  ‏ضمن برنامج جديد يضم  لوحات لمدن اخرى مثل الخليل وبئر ‏السبع  ونابلس ، وكم كان رائعا  إظهار الوجه المسيحي لهذه ‏المدينة الفلسطينية  العربية  العريقة ، التي  شرفها الله بولادة السيد ‏المسيح عيسى عليه السلام فيها ، ما يدلل على ان الشعب الفلسطيني  ‏صاحب رسالة إنسانية  ، ويواجه عدوا تلموديا منغلقا حاقدا على ‏الإنسانية جمعاء ،وعنصريا بغيضا  ما يزال  واهما أن الله جل في ‏علاه إختاره وحده وفضله على العالمين الذين خلقهم  لخدمته.‏
 
ما قدمته الحنونة في  عرضها الأول ، كان منظما ودقيقا وشاملا ، ‏معبرا  عن الرسالة والهدف ، وقد كان لكل  حركة أداها أعضاء ‏الفرقة ، وكل تدرج في نبرات صوت المغني معنى ومغزى ، وإن ‏اجملت كافة درجات نبراته بالجدية والثورية وصدى الجبل ، ناهيك ‏عن الأدوات المستخدمة في الأداء   ، مثل سعف النخيل ونثر ‏أوراق الورد الملونة  ، وهذه من السمات التي تمتاز بها فلسطين .‏
 
وقد جاء إستخدام سعف النخيل في لوحة الناصرة وميلاد السيد ‏المسيح عليه السلام ، رسالة واضحة ، إذ أن الله سبحانه وتعالى  ‏أمر الطاهرة البتول مريم بنت عمران عليها السلام وهي تطلق ‏إيذانا بميلاد السيد المسيح  أن تهز إليها الشجرة  لتساقط عليها  ‏ثمرا جنيا .‏
 
فرقة الحنونة التي تتولى  حراسة الذاكرة الفلسطينية ،  هي مشروع  ‏قومي  إنساني ، وليس مشروعا فلسطينيا  فقط، وقد آلمني رئيس ‏الفرقة د.موسى صالح حين قال في كلمة  الإيذان بإطلاق الحفل أن ‏الفرقة تعاني من محدودية الإمكانيات المادية  ، ولعمري أن هذه ‏العبارة لو قيلت في أمة غير امتنا ،لأحدثت صدى مجلجلا ،لأنه لا ‏يجوز شرعا  لمشروع مثل هذا المشروع  أن تكون إمكانياته ‏محدودة  ، ونحن أمة  نبذخ على  "مطربة " تتلوى كالأفعى من ‏إياهن  الشيء الكثير ، ونحن نتفاخر بأمجادنا ، وما نزال  نقول ‏رغم واقع الحال :أمجاد يا عرب أمجاد .‏
 
ولعل من لب القول أن نذّكر  أن الحرب على اليمن كلفت أصحابها ‏‏200 مليار دولار ولا  يزال العد جاريا  ،  وسيزيد الإنفاق لأن ‏الأمر تحول إلى تحالف إسلامي بدأ بست وثلاثين دولة عربية ‏وإسلامية للحرب على ما يسمى الإرهاب ، ولا أدري هل هناك ‏إرهاب  أكثر من إرهاب الصهاينة في فلسطين ؟ ‏
 
وحتى اللحظة لم نستطع الحصول على المبلغ الحقيقي الذي خسره ‏العرب  إبان الأزمة العالمية التي خلقها يهود بحر الخزر في أمريكا  ‏بسحب أموالهم من بنك الأخوة الأمريكي ، وأدت إلى إرباك أمريكا  ‏ماليا وإقتصاديا وإجتماعيا ، وكذلك فاتورة التيلح العربي، والتي لو ‏أعلنت  حتى مبالغ عمولاتها لصدمت الجميه .‏
 
تحية  لفرقة الحنونة  وطوبى للقائمين عليها  ، وبارك الله كل ‏أعضائها  ،وآن الأوان أن نعيد حساباتنا ونتفكر في خطايانا القومية ‏والوطنية التي   سببت لنا خسائر متلاحقة ، وأن علينا  أن نختط ‏مسيرة جديدة سلاحها الإرادة والصمود والإستعانة بالأدوات الصلبة  ‏التي تمثل فرقة الحنونة إحداها  لإنقاذ ما يمكن لإنقاذه .‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد