تاريخ ضائع .. منتج ثقافي يُحسِّن فهم الغرب لإنجازات المسلمين

mainThumb

05-03-2009 12:00 AM

صلاح العبّادي - بقلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين جاء تقديم كتاب تاريخ ضائع للكاتب الأميركي مايكل هاميلتون مورجان، ليعبر جلالته من خلال مقدمة الكتاب عن أمله بأن يسهم هذا العمل (تاريخ ضائع) في تحسين فهم الغرب للإسلام، وإدراك أنه كما كان ماضينا مشتركاً ومتداخلاً وبناء في الكثير من جوانبه، فالفرصة مواتية لمستقبلنا معاً أن يصبح بناء ومثمراً..
الكتاب ما يزال يتصدر قائمة المبيعات في مصر رغم أن النسخة العربية منه صدرت العام الماضي، إذ تبرز أهمية الكتاب وصدارته على الصعيدين العربي والأجنبي من خلال مقدمة الكتاب التي يقول جلالته فيها على الرغم من أن المرء يستطيع أن يفرق بكل سهولة ويسر بين كلمتي المسيحية والعالم المسيحي ففي اللغات الغربية لا يظهر هذا التمييز بين كلمتي الإسلام كديانة والحضارة الإسلامية.
ويضيف جلالته في التقدمة أنه أثناء هذه الفترات العصيبة التي نعيشها الآن يسهل نسيان التراث الفكري والثقافي العظيم الذي صنعه الإسلام.
فعبر التاريخ الإسلامي الذي تعدى 1400 عام، منح المسلمون للعالم قمماً عظيمة في فروع الفنون والعمارة والشعر والفلسفة والعلوم، وكلها كانت تتغذى على تعاليم القرآن مستمدةً روحانيته محاطة بمناخ من الورع والتقوى نابع من قلب هذا الدين، وما كانت هذه الإنجازات الفكرية والثقافية للإسلام بجهل عن أوروبا، ولا سيما الفلاسفة والعلماء والشعراء والموسيقيين اليهود، بل إن علماء اللاهوت أنفسهم قد نهلوا من إنجازات علماء الدين المسلمين.
ويؤكد جلالته أن هذا الكتاب الذي يروي قصة غالباً ما يحيطها الكتمان، هو إضافة يحتفى بها إلى الأدبيات التي كتبت عن التاريخ الفكري والثقافي للعالم الإسلامي وكذا الكتابات التي تحدثت عن علاقة الإسلام بالغرب. ففي كثير من الأحيان يقتصر الحديث عن إنجازات الحضارة الاسلامية وصلتها القوية بالغرب على أعمال الباحثين والدوريات الأكاديمية، علاوة على ذلك فالكثير من الأعمال المتوافرة ترسم صورة من صدام قائم بين الحضارتين الإسلامية والغربية، بينما في واقع الأمر كانت العلاقة بينهما يرسيها التبادل والتكافل. ومن المأمول أن يساعد هذا العمل في تحسين فهم الغرب للإسلام وإدراكهم أنه كما كان ماضينا مشتركا ومتداخلاً وبناءً في الكثير من جوانبه، فالفرصة مواتية لمستقبلنا معا أن يصبح بناءً ومثمراً.
بأسلوب مشوّق وسلس، يعرض مورغان قصص اكتشافات وإنجازات علمية توصل إليها علماء مسلمون وغير مسلمين في ظل دول إسلامية اتّخذت من العلم سبيلاً للتنافس فيما بينها؛ فهو يتحدث عن التراث الخالد لعلماء الإسلام ومفكريه وفنانيه.
وتأتي أهمية الكتاب الذي ألفه دبلوماسي أميركي سابق يعمل بالكتابة والصحافة حالياً، والكتاب باعتباره محاولة لإلقاء الضوء على الفترات الزاهرة في تاريخ المسلمين، وكيف قدم علماؤهم الكثير والكثير في مجال العلوم النظرية والتطبيقية، وفي الفنون والآداب والموسيقى، وذلك في مقابل اتهام المسلمين في وسائل الإعلام الغربية بالعنف والإرهاب وعدم قبول الآخر، خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.
ويعتبر الكتاب دعوة لإعادة الاعتبار لتاريخ الأمة الإسلامية وحضارتها، وما قدمته من جهود ونماذج رائعة أفادت منها البشرية جمعاء إلى يومنا الحاضر، وهذا الوجه من الحضارة والتاريخ الإسلامي يؤكد التواصل والتكامل لا التصادم والتقاتل بين الحضارات. فالمؤلف أراد من خلال الكتاب أن يطلع الغرب على حقيقة الإسلام والمسلمين، ليدركوا أن الحضارة الإسلامية هي أساس الحضارة الغربية الحالية، فالغرب بدأ حضارته من حيث انتهى المسلمون كما جاء في الكتاب.
ويؤكد مورجان أن إطلاع الغرب على جميع المجالات الأدبية والمعمارية والفنية والثقافية والكيميائية والفيزيائية وغيرها سيمكنهم من إيجاد أصل لها يعود إلى جذور إسلامية، إذ برع المسلمون العرب في جميع المجالات وتركوا حضارة لو استفادوا منها وطوروها لكانوا من أكبر وأعظم الأمم في الوقت الحالي.
ويرجع مورجان سبب تسميته للكتاب بهذا الاسم لكون تاريخ ضائع يقصد به هو ما يتم نسيانه غالباً في الحقبة الراهنة التي يسودها التوتر في العلاقات بين الغرب والعالم الإسلامي.
ويرى أن هذه الحقبة محكومة بحالة من الحذر وسوء الفهم، مما يؤدي إلى تجاهل التاريخ، خاصة نسيان واقع أن الحضارة الإسلامية كانت في فترة العصور الوسطى هي مصدر العلم والتنوير بينما كانت أوروبا تغرق في ظلام الجهل ومحاكم التفتيش، وأنا حاولت أن أبرهن للغرب أن الإنجازات العلمية والثقافية المبكّرة التي حققها العالم الإسلامي شكلت حجر الزاوية الأساسي في عصر النهضة الأوروبية التي بدأت ملامحها الأولى بشكل واضح اعتباراً من القرن الخامس عشر تعززت مسيرتها خلال القرن السادس عشر.
ويتناول المؤلف في صفحات الكتاب، الذي يتكون من ثمانية فصول وخاتمة، الوقائع التاريخية والعلمية والشخصيات التي ظهرت في بلاد المسلمين وأقامت حضارة خالدة، في إطار من السرد القصصي والروائي الخيالي، الذي يمهد للحقيقة العلمية والتاريخية بأسلوب مشوّق، حتى يسهل على القارئ مهمة المتابعة والاستمرار ويبتعد به عن جفاف السرد التاريخي المجرد.

الغموض يلفهم عن التاريخ الإسلامي
ينبه المؤلف في بداية الكتاب إلى أن السواد الأعظم من الغربيين لا يعرفون تفاصيل التاريخ الإسلامي، بسبب حواجز اللغة، وانقضاء العديد من القرون على تلك المرحلة، إضافة إلى السرد المتعجرف لتاريخ أوروبا التي يعزا لها الفضل في كل شيء في عصر النهضة، كما أن عمليات إحراق الكتب وتدمير المكتبات عبر التاريخ أسهمت في تعزيز الجهل بالتاريخ الإسلامي.
والأمر المؤكد أن الحضارة الإسلامية ألقت ببذور عصر النهضة الأوروبي، وأسهمت في ظهور الكثير من جوانب الحضارة الغربية والعالمية الحديثة، ولكن هذا التاريخ أصبح مع بداية القرن الـ21 نسياً منسياً، وتم تجاهله وأسيء فهمه، بل وأعيدت كتابته.
ويأمل المؤلف أن يزداد شعور غير المسلمين بالاحترام، ويزداد فهمهم لأبناء عمومتهم المسلمين، باستعادة تاريخنا المشترك الضائع بخلاف ما تقترحه السياسات وعناوين الصحف الغربية اليوم، كما يأمل أن يعرف مسلمو اليوم كيف كان الإسلام مطبقاً في الماضي، بما فيه مساندته للإبداع والابتكار والتسامح وتنوع الفكر والسلوك، سواء على مستوى الحياة الاجتماعية أو الفردية.
ويستعرض المؤلف في الفصل الأول بدايات الإسلام في مكة ثم إقامة الدولة في المدينة المنورة وبداية الفتوحات لنشر الدين، حتى إنه بعد مرور عامين فقط على وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، إذ فتحت الجيوش العربية مساحات شاسعة من الإمبراطورية البيزنطية، شاملة سوريا وفلسطين، وامتدت الفتوحات في عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان حتى شملت بلاد فارس كلها في العام 651 ميلادية.
ويشير إلى أن التاريخ الغربي يختزل انتصارات جيوش المسلمين هذه في القرن الأول في مجموعة من التواريخ وأسماء المعارك والغزوات، ويصورها التاريخ الغربي كلها على أنها مجرد وسيلة لفرض هذا الدين الجديد بشكل جبري.

تفوق عسكري وثقافي
وحسب ما قاله الكاتب فإن الفتوحات تستمر حتى تشهد سنة 732 ميلادية -بعد مضي 100 عام على وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أكبر مملكة إسلامية شاسعة يتمركز محور قوتها في دمشق وتمتد من إسبانيا في الغرب إلى أقصى حدود منغوليا في الشرق، ومن جنوب فرنسا في الشمال حتى المحيط الهندي وأفريقيا في الجنوب. لكن معركة تور في أوروبا كانت إشارة لانتهاء مرحلة الفتوحات، في حياة المسلمين وبداية لإطلاق شرارة طاقاتهم نحو الاختراع والإبداع، ورغم أن إنجازاتهم العسكرية كانت مذهلة بحق، فإن إبداعاتهم الفكرية كانت أكثر روعة وجمالاً.
ويشير المؤلف إلى أن أسلوب الخليفة أبو جعفر المنصور ومن خلفه في صياغة الحياة السياسية والاجتماعية والمدنية والثقافية والدينية، سوف يؤدي إلى ازدهار 500 عام تالية، اشتهرت بأنها العظمى في تاريخ الإنسانية، كما أن القرون الخمسة هذه سوف يتردد أصداؤها لفترة 1250 عاماً أخرى. إن أمجاد إنجازات المسلمين كانت لامعة وبراقة، لدرجة أنه ما ظهر نظير لها في أي وقت معاصر.
ويستعرض المؤلف في الفصل الثاني مراحل التاريخ الإسلامي في عهد الدولة الأموية ثم الدولة العباسية وفتح الأندلس على يد طارق بن زياد في العام 711 ميلادية، واستمرار المسلمين فيها حتى سقوطها في العام 1492.
ويشير إلى أن هذه الفترة الطويلة (قرابة ثمانية قرون) تمخضت عن مزيج متميز من الإبداعات الرائعة في الموسيقى والآداب والفلسفة والطب والعلوم والمعمار، ولكن مع الأسف يضيع الجزء الأكبر منه بسبب الرعب الذي خلفته محاكم التفتيش، وهروب اليهود والمسلمين من إسبانيا إبان عمليات إجبار الناس على تغيير دياناتهم وفرض الضرائب، واستئصال شأفة اللغات المختلفة، وحرق المتطرفين للمكتبات التي تحوي كتباً قيمة لا تقدر بثمن. لقد وعى الأوروبيون الأوائل من غير المسلمين، كما وعى الناس في كل مكان، هذا الدور الكبير الذي قام به العلماء والمفكرون والفنانون المسلمون، كما بهرتهم تلك الإنجازات حتى إنهم ليحفظون عن ظهر قلب أسماء هؤلاء العلماء والمفكرين وأسماء اختراعاتهم وإبداعاتهم، ولكن مع مرور الزمن ينسونها ويعزون التقدم الذي يشهدونه في العالم الحديث إلى أنفسهم وحدهم.

جهود المسلمين
وفي الفصل الثالث يناقش المؤلف جهود العلماء المسلمين بدءاً بالخوارزمي عالم الرياضيات الكبير وعالم الفلك والجبر والجغرافيا والفقيه الإسلامي، ويرى أن أهم إنجازاته هو وضع الصفر في مركز عالم الرياضيات. ورغم أن ترجمة أعماله -الخوارزمي- إلى اللغة اللاتينية تمت بعد وفاته بثلاثة قرون، فإن الأوروبيين لم يروا لها مثيلاً في مجال الإفادة من القدماء، بل والبناء على أفكارهم أيضا، وحتى حلول القرن الـ16، أي بعد سبعة قرون من وفاة الخوارزمي، يحترم الأوروبيون ويقدرون كل ما كتبه هذا العالم ويعتبرونه من المسلّمات.
وعن الحسن بن الهيثم يقول المؤلف إنه ألف 200 كتاب، ضاع الكثير منها في نهاية الأمر، لكن مجلداته السبعة حول علم البصريات بقيت، وكانت أهم الدروس المستفادة من أعماله أن العلوم ينبغي أن تقوم على أساس التجربة، وكان أول عالم طبق مبدأ التجربة بلا تنازل على الإطلاق. ومن أعظم اكتشافات ابن الهيثم إثباته أن أشعة الضوء لا تنبعث من مقلتي عين الرائي، بل من الأجسام إلى العين، ويكتب عن الجاذبية قبل غاليليو وإسحق نيوتن بـ600عام، ويقول إن ابن الهيثم يقف على قدم المساواة مع أينشتاين، رغم أن الجزء الأكبر من اكتشافاته قد سقط في طي النسيان.
وفي الفصل الرابع يتحدث المؤلف عن الكثير من العلماء، منهم إبراهيم الفزاري وابنه محمد والمجريطي والفرغاني والتباني وابن رضوان والخجندي والزرقالي الذي صمم أول إسطرلاب متطور، وأول من كتب في مجال المناخ، وكذلك البطروجي ثم ابن رشد عالم الرياضيات والفقيه المعروف ثم محمد بن الحسن الطوسي الذي شيد أكبر مرصد على الإطلاق لدراسة النجوم.
وينقل المؤلف عن المؤرخ العلمي ديفد كينغ قوله إن ما أظهرته آخر البحوث العلمية في الوقت الحاضر هو أن الابتكارات في الأجهزة الفلكية في أوروبا حتى العام 1550 ميلادية كانت مأخوذة مباشرة أو بطريق غير مباشر من الحضارة الإسلامية، أو تحدث عنها أحد الفلكيين المسلمين في مكان ما.
وفي الفصل الخامس يتناول المؤلف مجموعة أخرى من العلماء وجهودهم المتميزة منهم عباس بن فرناس الذي برع في الفلك وصناعة الزجاج والبلور، إضافة إلى شغفه بالطيران كأول من حاول الطيران وقفز من مكان مرتفع ليمهد الطريق بعد ذلك لعلوم الطيران، ثم يكتب عن جابر بن حيان (أبو الكيمياء)، ثم الكندي ثم البيروني والجزري الذي صنع مضخات المياه وغيرهم.

الأطباء في الصدارة
وفي الفصل السادس يتحدث المؤلف عن العالم الطبيب أبي بكر الرازي وتلميذه ابن سينا الذي يقول المؤلف إنه كتب المئات من الكتب حول كل شيء، من الرياضيات إلى الفلك إلى علم المعادن، لكن أعظم إسهاماته كانت في الطب.
وينسب البعض كتابات ابن سينا عن الجيولوجيا وعلم المعادن بطريق الخطأ إلى أرسطو، وأهم كتابين لابن سينا القانون في الطب وكتاب الشفاء وإضافة لعمل أبي بكر الرازي يقوم كتاب القانون في الطب بالكثير لتطوير الطب والفكر الأوروبي.
كما يكتب المؤلف عن الطبيب الزهراوي أبي الجراحة الحديثة، وأول من قدم وصفاً لمرض الهيموفيليا، وأول نص وثائقي لمرض استسقاء الرأس (المياه على المخ)، وأول من وضع سجلا خاصا بالولادة. ثم يشير إلى الطبيب ابن زهر، ثم العالم الكبير ابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية. ويقول: لقد أفادت أوروبا من الطب الإسلامي مثلما فعلت بالرياضيات والعلوم والأفكار الإسلامية، ولم يحدث هذا بشكل منفصل، بل سيكون الطب الإسلامي توأماً للرياضيات والعلوم الإسلامية.
ويتحدث المؤلف في الفصل السابع عن إبداع المسلمين في فن العمارة وكيف أفادوا من حضارات الآخرين في تطوير مبانيهم ومدنهم، ويشير إلى مدينة الزهراء في قرطبة القديمة بالأندلس التي بناها عبدالرحمن الناصر لدين الله.
ثم يتحدث عن الإبداع في قبة الصخرة الواقعة ضمن المسجد الأقصى، التي بناها عبدالملك بن مروان، ثم مدينة ريجستان في سمرقند بأوزبكستان، ومدينة أصفهان بإيران، وتاج محل بالهند.
وفي حديثه عن دور المسلمين في الموسيقى يكتب المؤلف عن الفارابي باعتباره أحد أبرز واضعي النظريات الموسيقية، وينقل عن المؤرخ إتش جي فارمر قوله إن أحد أهم التحويلات من المسلمين إلى الأوروبيين هو التدوين الموسيقي العربي الإسلامي، ورغم أن مؤرخي الموسيقى الأوروبيين يعتبرون أن التدوين (دو ري مي فا صول لا سي دو) بدأ في القرن الـ11 بإيطاليا، فإنه توجد أدلة دامغة على أن الإيطاليين كانوا يستخدمون ببساطة التدوين العربي السابق من القرنين التاسع والعاشر.
ويختم المؤلف كتابه بالحديث عن فن القيادة السياسية عند المسلمين، مستعرضاً نماذج مثل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب، ثم يتحدث عن هارون الرشيد بكل احترام وتقدير، ثم صلاح الدين الأيوبي، وجلال الدين أكبر المغولي، والسلطان سليمان الأول العثماني، ليؤكد على دور هذه القيادات وأمثالها في نهضة البشرية والحكم العادل.
يذكر أن مايكل مورجان مؤلف كتاب تاريخ ضائع هو دبلوماسي سابق، تحول إلى الاهتمام بمناصرة قضايا السلام في العالم والحوار الثقافي بين الشعوب، وسبق له وقدّم العديد من الدراسات وساهم في البرامج الإذاعية والتليفزيونية الخاصة بمظاهر السياسة الخارجية للدول، ومن كتبه حرب الفجر ومقبرة المحيط الهادئ وصدمة التاريخ.
" الراي "


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد