السعيد من اتعظ بغيره!!

mainThumb

15-07-2008 12:00 AM

الرئيس عمر البشير ليس هو الرئيس الأول الذي تُصْدِر المحكمة الجنائية الدولية قراراً بملاحقته بتهمة ارتكاب جرائم إبادة ضد الإنسانية فقد سبقه الرئيس اليوغسلافي سلوبودان ميليسوفتش والرئيس التشادي السابق حسين حبري ورئيس أثيوبيا الأسبق مانغستو هيلا ماريام والرئيس الليبـيري تشارلز تايلور وكل هؤلاء باستثناء حبري المقيم في السنغال حالياً، بانتظار ما قد يطرأ بالنسبة لقضيته، غير مسلمين مما يعني ان استهداف الرئيس السوداني ليس له أي دوافع دينية على الإطلاق.

وهذا يجب ألا يفهم على أنه محاولة لتبرير ما أقدم عليه المدعي العام الدولي لويس مورينو أوكامبو بل للتأكيد على ان هذا الأمر لا علاقة له بصراع الأديان وصراع الحضارات وأن الأسباب التي تقف وراءه متعلقة بصراع الأمم الكبرى على مصادر الطاقة حيث هناك تناحر دولي على بحر النفط المختبئ تحت منطقة دارفور الصحراوية والقاحلة والفقيرة.

هناك تناحر بين الصين، التي تستهلك أكثر من خمسة وعشرين في المائة من النفط، والولايات المتحدة التيحطّ?Zت عينها على هذه المنطقة دارفور لأنها تريد بديلاً جاهزاً، بامكانها إيصاله بسهولة وعبر مناطق آمنة الى شواطئ الأطلسي الشرقية المقابلة لشواطئها، لنفط الشرق الأوسط ونفط مناطق بحر قزوين الذي تكمن له في الطريق ضباع كثيرة والذي لابد من مروره في مضيق هرمز الذي غدا بؤرة صراع قد تشتعل في أي لحظة إن الآن وإن في المستقبل.

وهكذا فإن ما حصل ويحصل في دارفور هو ما يحصل في العادة للذين يشاركون فيلة هائجة المنصة التي تقتتل وتتقاتل فوقها إذْ ان الصراع الدولي فوق هذه الحلبة التي تعوم فوق بحر من النفط قد خلّ?Zف حتى الآن مئات الألوف من القتلى والجرحى والمشردين الذين فروا الى الدول المجاورة والى مناطق سودانية أخرى وهذا كله لم يحرك الخرطوم التحرك المطلوب ولم تدفعها للمزيد من احتضان هذا الشعب الذي هو شعبها وتحصينه ضد الاختراقات الخارجية وحمايته من زعران وعصابات الجنجويد وغيرها.

إنه لا مجال أمام العرب إلا ان يدافعوا عن الرئيس السوداني فالقرار الذي صدر ضده، وهذه أول مرة يصدر فيها قرار كهذا القرار ضد رئيس دولة لايزال في مواقع المسؤولية، هو قرار سياسي وهو يأتي ضمن التناحر الدولي على هذه المنطقة (دارفور).. ثم وأن بيوت الكثير من العرب مبنية من زجاج وقد يحدث مع أي رئيس عربي إن في المستقبل القريب أو المستقبل البعيد ما حدث مع البشير.

على العرب ان يقفوا الى جانب البشير وأن يدافعوا عنه ولقاء وزراء خارجية الدول العربية لهذه الغاية يوم السبت المقبل ضروري ولابد منه.. لكن ويجب وضع ألف خطٍ تحت هذه اللاكن لابد من الاستفادة من هذا الدرس ولابد من ان لا تكون هناك دارفور ثانية ولابد من ان يدرك الكلُّ ان عصر اليوم هو غير عصر الأمس وأن العولمة ليست مجرد أهازيج مغنيين وشعراء وأن الذئب يستهدف في العادة الشاة المطرفة والمبتعدة عن القطيع وأن من لا يحصن بيته من الداخل يغري اللصوص بسرقته واجتياحه وأن من لا يتقي الشتم يشتمُ.

لا يجوز ترك الرئيس السوداني وحده والمثل يقول : أُكلت يوم أكل الثور الأبيض لكن لا يجوز أيضاً عدم أخذ كل العبر من مأساة دارفور وكان على الأشقاء في الخرطوم ان يحلوا هذه العقدة بأصابعهم قبل ان تتفاقم ويصبح حلها غير ممكن حتى بالأسنان.. على العرب ان يقفوا الى جانب عمر البشير وبذل كل جهد ممكن لحمايته لكن عليهم ان يتذكروا دائماً الحديث النبوي الشريف : الشقيُّ من اتعظ بنفسه والسعيد من اتعظ بغيره!!./الرأي/


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد