الرهانات الفاشلة

mainThumb

18-08-2008 12:00 AM

بعودة العلاقات بين الاردن وحركة حماس ي?Zثبُت فشل رهانات السلطة الفلسطينية, وقراءاتها الخاطئة للازمة بينها وبين حماس. لقد اعتقدت السلطة ان بامكانها توظيف شرعيتها وعلاقاتها العربية والدولية وحتى الاسرائـيلية, من اجل فرض طوق من الحصار والعزلة على حكومة حماس في قطاع غزة مما يقود الى سقوطها, وفي اسوأ الاحوال فرض شروطها على اعادة (الشراكة) معها. لكن ما حدث, ان حركة حماس لم تفقد حلفاءها الاقربين, سورية, حزب الله, ايران, فيما حافظت على مستوى علاقات جيد مع مصر والسعودية ودول الخليج, واخيرا جاءت اللقاءات مع الاردن لتكسر الحلقة الاخيرة من طوق العزلة. اما الاهم, ان اسرائـيل لم تتردد في عقد اتفاق التهدئة مع حماس.

كل هذه التطورات يبدو انها غير كافية لايقاظ السلطة الفلسطينية من غفلتها ودفعها الى اعادة حساباتها, لكننا نتوقع ان تفعل ذلك بعدما كشفت الصحافة الاسرائـيلية الغطاء عن افاق التسوية كما تريدها حكومة اسرائـيل على المستوى السياسي, وكما تقوم بتكريسه على ارض الواقع في القدس والضفة الغربية.

حتى الان, تظهر السلطة اهتماما اكبر بوضعها الداخلي وصراعها مع حماس من الاهتمام بالصراع الاساسي مع اسرائـيل ومشاريعها لتهويد الارض. وانا هنا, القي باللوم على السلطة لانها صاحبة الشرعية والمسؤولة وطنيا وتاريخيا عن الاوضاع الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية.

لقد ساهم الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني - واقولها بصراحة - في نشر (الضباب الكثيف) اعلاميا وسياسيا, لاخفاء الوقائع الخطيرة التي يكرسها الاحتلال في القدس والضفة المحتلتين, الى جانب مهزلة اللقاءات والمفاوضات الثنائية والثلاثية مع الاسرائـيليين والامريكيين, واثارة الزوابع الاعلامية حولها بآمال كاذبة بامكانية صنع سلام يقوم على مبدأ الدولتين, بينما واقع ما يجري انه استكمال لمشروع الحل الاحادي الجانب الذي بدأه شارون في قطاع غزة, ويستمر به اولمرت في الضفة من خلال الجدار ومشاريع اقامة كيان فلسطيني ممزق عبارة عن كانتونات (قومية) لتجمعات سكانية تنتمي الى المحيط العربي.

الاوضاع الخطيرة التي تمر بها القضية الفلسطينية اهم بكثير من الاوضاع الداخلية للسلطة وفتح, والقرارات التاريخية مطلوبة من السلطة ورئـيسها لانها المرجعية والشرعية لحركة النضال الوطني, واول هذه القرارات العمل على العودة وبسرعة الى المصالحة بين فتح وحماس, حتى وان تطلب ذلك تنازلات (سياسية وميدانية) تقدم لحماس في القطاع في اطار مرحلة انتقالية تؤدي الى وضع اجندة وطنية تمكن الشعب الفلسطيني في المستقبل القريب من حسم خياراته في انتخابات حرة وديمقراطية.

وقبل ذلك وبعده, يكفي تهرب قيادات السلطة من الحقيقة الصارخة بعقم نهج التفاوض من دون مقاومة, ومن دون وحدة الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية. وكفى ايضا - وهذا هو الاهم - الانزلاق في متاهة التنازلات في المفاوضات التي قادت الى تصوير الاراضي المحتلة بانها اراض متنازع عليها في الضفة والقدس.

واخيرا من الخطأ الجسيم المزاوجة بين افكار الليبرالية الجديدة والعولمة من جانب وبين مبادئ الحرية والتحرير ومفاهيم النضال الوطني من جانب آخر في مرحلة صراع وطني مصيري من اجل الارض والحرية.

الليبراليون الجدد خطرون في الدول ذات السيادة, فكيف في حالة شعب يناضل من اجل دولة ووجود.
// العرب اليوم //


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد