الاستثمار .. ثم الاستثمار!!

mainThumb

21-07-2008 12:00 AM

كل انتقالة تاريخية من مرحلة الى مرحلة جديدة ومن وضع سابق الى وضع جديد لابد وأن تكون لها أعراض جانبية ولا بد ان ترافقها أوجاع ولابد ان تواجهها اعتراضات فحتى الأنبياء الذين بعثهم العلي القدير ليغيروا المجتمعات القديمة بمجتمعات جديدة ووجهوا بالرفض وبالمقاومة العنيفة وهذا أيضاً ما حصل مع كل ثورات التاريخ من الثورة الفرنسية المجيدة الى الثورة البلشفية الى ثورة الإمام الخميني الى حتى ثورة الخصخصة التي قادتها المرأة الحديدية مارغريت تاتشر عندما كانت رئيسة وزراء المملكة البريطانية.

إن بعضاً من هذا الشيء يحدث عندنا فالذين اعتادوا الرتابة ونمطية العمل وتقليديته لم يستطيعوا لا فهم ولا احتمال هذه التحولات السريعة ولذلك يأتي كل هذا التشكيك بالخطوات الاستثمارية وكل هذا النواح والبكاء على الأطلال وكل هذا الخوف حتى حدود الفزع من رؤية الرافعات العمــــلاقة التي تشرئب أعناقها في منطقة العبدلي التي انتهت مرحلتها كـ بركسات عسكرية كانت قد بُنيت عندما كان امتداد عمان غرباً ينتهي عند بداية جبل اللويبدة.

لا إنقاذ للاردن من كل التحديات التي تواجهه والتي تزداد تحدياً في كل لحظة ترتفع فيها أسعار النفط وأسعار المواد الغذائية إلا بالاستثمار والمزيد من الاستثمار لكل ذرة تراب فالسماء لا تمطر لا ذهباً ولا فضة وهي غدت لا تمطر حتى ماء والعياذ بالله ولذلك ولأن المنح التي تأتي من الخارج، مع الشكر والتقدير لكل المانحين، لا يمكن ان تقدم الحلول الناجعة مع تقدم المجتمع الأردني وازدياد متطلباته ومع ارتفاع مستوى المعيشة وضخِّ الجامعات سنوياً عشرات الألوف من الشباب الذين لابد من تأمين وظائف لهم حتى لا يتحولوا الى فرائس لغيلان البطالة وضباعها.

إذا لم يتجه الأردن اتجاهاً حقيقياً وفعلياً الى الاستثمار بما يمليه من التضحية ببعض القيم والمفاهيم السابقة فإنه سيجد نفسه غارقاً حتى شوشة رأسه في بطالة خريجي الجامعات والمعاهد العلمية والمدارس وأنه سيجد نفسه غارقاً في الديون الداخلية والخارجية ومتخلفاً عن مسيرة التطور التي تتقدم بسرعة الضوء مسافات طويلة... وهنا فإنه لابد من الإشارة الى أن كل بريطانيا معروضة للبيع باستثناء مبنى البرلمان والأولد بيلي وقصر بكنغهام وأن كل الأبواب مفتوحة أمام المستثمرين الزاحفين من دول الإتحاد السوفياتي السابق ومن دول الخليج العربي حتى بما في ذلك بل في مقدمة ذلك أبواب الاستثمار في مجال العقارات.. إن هذا هو عالم اليوم حيث من يغلق على نفسه باب غرفة نومه سيجد نفسه ذات يوم مثل أهل الكهف الذين عندما استفاقوا من نومهم الطويل وجدوا أن كل شيء قد تغير واختلف وأن عملة جديدة قد حلت مكان عملتهم القديمة وأن العادات والتقاليد والمعتقدات قد تغيرت.

إنه لا بد من الحرص وأن الذين يطالبون بالشفافية والمزيد من الشفافية معهم كل الحق لكن ان تكون هناك كل حملات التشكيك هذه وأن تكون هناك كل محاولات التعطيل غير المفهومة وغير المبررة فإن هذا هو وضع العصي في دواليب المسيرة وأن هذه هي السباحة ضد تيار مماشاة حركة التطور التاريخي التي تسير بسرعة الضوء والتي إن هي تجاوزتنا فإننا سنجد أنفسنا كمن رفض مرافقة المغادرين الى مجالات حيوية جديدة وبقي يتمسك بالأطلال ويذرف الدموع السخية عليها.

لا نفط ولا ماء والتصحر يأكل الأراضي الزراعية ويقضي على الثروة الحيوانية والحل ليس بإصدار البيانات ضد التطبيع ولا بافتعال المآتم للعويل والنواح على لا شيء وإنما بمواكبة التغيير الذي يجري بسرعة وبإعطاء الاستثمار الخارجي والداخلي كل المديات التي يحتاجها فهؤلاء الشباب الذين تقذفهم الجامعات والمدارس والمعاهد في وجه الدولة كل عام هـُمْ بحاجة الى إنقاذهم من البطالة التي تنتظرهم وبحاجة الى الحماية من ويلات الغُربة والهجرة الى حيث تنتظرهم معاملة كمعاملة العمالة الآسيوية الرخيصة.

لن يستطيع أباطرة التنظير الفارغ وإصدار البيانات التي لا تختلف عن بيانات خمسينات وستينات القرن الماضي في شيء وذلك رغم ان الدنيا تغيرت وأن العالم تغير وتغيرت معهما كل المفاهيم والقيم السابقة.. ثم وأنه لا يحق لأي كان ان ينصب نفسه حريصاً على أرض الوطن أكثر من غيره فنحن في هذا البلد الصغير نعرف بعضنا بعضاً بصورة جيدة والأردنيون أنضجتهم التجارب حتى باتوا لا تنطلي عليهم كل هذه الأساليب التي غدت بالية ومعروفة ومكشوفة. / الراي /



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد