شكرا يا حكومة .. وين كنا وين صرنا !

mainThumb

09-08-2008 12:00 AM

يحكى ان واليا عثمانيا كان يتفقد رعيته فشكا له احد الاعراب وضعه المعيشي وأن بيته المكون من غرفة واحدة, ضيق ولا يتسع لافراد عائلته الثمانية الذين ينامون ليلتهم وهم يخشون من الاختناق لقلة الهواء و"الحوش" يضيق على بقرة ومعزتين تنتفع العائلة من حليبهن ومنتجاتهن وسرب من الدجاج والبط يفيد بيضها ولحومها في تغذية العائلة.

وخطرت للوالي فكرة جهنمية للتخلص من الرجل وتلقينه درسا لن ينساه في الصبر والقبول بالامر الواقع, طلب الوالي من الرجل ان يعود الى بيته ويدخل البقرة الى الغرفة لتشارك العائلة نومها, وفي الصباح رجع الرجل الى الوالي يشكو له الوضع الذي ساء, وهنا طلب منه الوالي ان يستضيف العنزتين في نفس الغرفة ففعل الرجل ورجع شاكيا باكيا الى الوالي واصفا الوضع بانه "لا يطاق".

واستمر الوالي في الضغط على اعصاب الرجل طالبا منه ان يستضيف سرب البط في تلك الغرفة الصغيرة ويجرب النوم بعدها, وفي الصباح التالي جاء الرجل الى الوالي "فارعا دارعا" ليبلغه بان السيل بلغ الزبى وان العائلة تختنق, فامره الوالي بادخال سرب الدجاج الى الغرفة ويجرب بعدها النوم, لكن العائلة بالفعل لم تنم حتى الصباح ليذهب الرجل الى الوالي يقبل يديه ويطلب منه تفريج كربته لان وضع العائلة اصبح لا يطاق بعد ان فارق النوم جفونهم.

وهنا وصل الوالي في خبثه الى القمة, فطلب من الرجل ان يخرج البقرة من الغرفة قبل النوم, ففعل الرجل وجاء في الصباح الباكر, شاكرا للوالي نصيحته وواصفا بان وضع العائلة قد تحسن, فاستمر الوالي في لعبته وطلب من الرجل "تجريب" النوم من دون المعزتين, فجاء في اليوم التالي منشرحا لان الوضع اصبح مقبولا, فنصحه الوالي باستبعاد سرب البط, وايضا شعر بالتحسن وان الوضع بات جيدا, واخيراً طلب الوالي من الرجل اخراج سرب الدجاج, فعاد الرجل الى الوالي يقبل يديه ورجليه لان الوضع اصبح ممتازا وان العائلة نامت نوما هنيئا لم تجربه منذ اربعة ايام, وهكذا عاد الرجل شاكرا ربه والوالي الذي وضعه في تجربة لا يتمنى تكرارها, ومن يومها ترك الرجل الشكوى والتذمر وبات يحمد ربه والوالي على ما به من رغد العيش مقارنة بالتجربة المريرة التي عاشها عدة ايام.العرب اليوم

وهذا بالضبط ما تفعله بنا الحكومة, منذ ان بدأ مسلسل رفع اسعار المشتقات النفطية من شباط الماضي, فقد اتخذت الحكومة خمسة قرارات متتالية بالرفع الى ان وصل سعر تنكة البنزين الى وضع حرج يشابه وضع الرجل الذي استضاف في غرفته الصغيرة, البقرة والعنزتين وسربي البط والدجاج.

فالحكومات الرشيدة المتتالية, مشكورة مأجورة, رفعت علينا اسعار المشتقات البترولية في متوالية هندسية ليقفز سعر لتر البنزين العادي من 275 فلسا في عام 2001 الى 300 فلس في عام 2004 الى 430 فلسا في عام 2006 ليقفز الى 565 فلسا في شباط 2008 ويليه الى 645 في شهر ايار الماضي وفي حزيران الماضي وصل الى 705 فلسات وهكذا تكرر الحكومات معنا لعبة "الوالي مع الرجل" وها هي اليوم تعود لتخفض سعر المحروقات لاول مرة واصبح معها المواطن يقول "الحمد لله وشكرا للحكومة.. وين كنا وين صرنا.." عسى ان يعود السعر الى الانخفاض في الشهر المقبل فالمؤشرات العالمية جيدة.0



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد