حقائق غائبة أن الأوان أن تعرفها تركيا والسعودية

mainThumb

29-02-2016 08:30 PM

يرى المهتمون بالشأن السوري أن التحركات السياسية والعسكرية المتلاحقة في أنقرة والرياض تؤشر بشكل كبير إلى وجود تحضيرات تركية- سعودية فعلية للقيام بعملية عسكرية في سورية، إلا أن السؤال الأهم يبقى هل تخطط تركيا والسعودية لذلك بالتنسيق مع إسرائيل وحلفاؤها، أم بشكل منفرد أمام تراجع مصالحهم في سورية نتيجة التقدم المتسارع للجيش العربي السوري بغطاء جوي روسي؟، فالسعودية فاعل ومؤثر في الصراع السوري، كونها تمارس تأثيراً قوياً على المعارضة المسلحة، إذ تزود مقاتليها بالمال والسلاح والصواريخ المضادة للدبابات في سبيل الإطاحة بنظام الرئيس الأسد، وإلى جانب دعمها للمعارضة، تحاول بسط نفوذها في سورية عبر قنوات غير معلنة، إذ  تدعم جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها، فضلا عن ذلك، هناك مؤشرات مختلفة للتدخل  السعودي في الحرب السورية فالأمر لا يتعلق بسورية بالدرجة الأولى بقدر ما يتعلق بإيران التي تخوض معها حرباً بالوكالة حول الزعامة الإقليمية.
 
في الاتجاه الأخر لم يعد سراً على الإطلاق أن تركيا دعمت المسلّحين المتطرفين في سورية، لتحقيق مكاسب سياسية وإستراتيجية، فبعد تشكيل التحالف الدولي لمحاربة داعش، رفضت أنقرة المشاركة العسكرية في هذا التحالف، مفضلة إستخدامها كورقة ضغط لتحصل على المزيد من المكاسب والمنافع، ورغم إقرار البرلمان التركي توسيع تفويض الجيش لشنّ عمليات عسكرية خارج الأراضي التركية، تمنّعت أنقرة عن المشاركة  في التحالف، واضعة شروطاً على مشاركتها،أهمها، إسقاط النظام السوري، وفرض منطقة عازلة وحظر جوي على الحدود السورية ـ التركية، في إطار ذلك إستمرت تركيا في أجندتها الخاصة فيما يتعلق بدورها من الأزمة السورية.
 
في سياق متصل إن السياسات المتهورة للقيادة التركية والعدوان المعلن ضد سورية تسهم بشكل أساسي في  إطالة أمد الأزمة في سورية وتشكل تهديداُ للسلم والأمن في المنطقة، وهذا مؤشر واضح على إحتمال وقوع حرب مع كل من سورية وإيران وحزب الله وروسيا، إذ لا يمر يوم دون أن تتصدر الصحف المختلفة أنباء عن إحتمال وقوع هذه الحرب، وخاصة بعد أن قررت دخول تركيا الحرب المعلنة في الظاهر ضد تنظيم داعش بتفويض برلماني يستهدف على وجه الخصوص حماية الجماعات التكفيرية وفي الوقت نفسه ضرب الأكراد في الشمال السوري.
 
هذه المحاولات رد عليها الإيرانيون والروس على الفور، ووجهوا رسائل حاسمة لتركيا عبر العملية العسكرية في ريفي القنيطرة ودرعا وإستتبعوها بريف حلب الشمالي حيث إنهارت مواقع المسلحين بشكل سريع، مما دفع تركيا الى التدخل المباشر، كون تقدم الجيش السوري له منعكسات سلبية على تركيا، لذلك عمد الجيش التركي عبر إشراف مباشر من كبار ضباطه الى التدخل الفوري في معارك حلب وقاموا بالتشويش على الجيش السوري، وقصف بعض المناطق الواقعة على الحدود السورية التركية.
 
 
لا شك أن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش السوري وحلفاؤه في محافظة حلب في الشمال هي بالغة الأهمية من حيث توقيتها، لاسيما أنها أتت بالتزامن مع المعارك الطاحنة التي تشنها القوات المسلحة في الجنوب، وتؤكد على جهوزية الجيش السوري للتحرك على مختلف الأراضي السورية، وتدحض كل الأقاويل التي تتحدث عن إستنزافه بعد مضي خمس سنوات على بدء الأزمة، وبالتالي فإن تقدم الجيش السوري وحلفاؤه في مختلف المناطق السورية وخاصة في الشمال والجنوب، شكّل ضربة قوية للدور التركي والإسرائيلي في سورية، فهذه المعركة حاسمة بالنسبة للمنطقة بأسرها، بدليل توحّد محور المقاومة في جبهة واحدة، وإشتراك مقاتلين من مختلف دول هذا المحور في هذه الحرب.
 
إن الحقيقة التي يمكن قولها هنا هي أن أمريكا وأوروبا لن تستطيع نجدة الحليف التركي لو تورط في المستنقع السوري، وسيعجًل ذلك بتصعيد كردي ولن يقبل جنرالات تركيا هذا الجنون وربما حدث إنقلاب عسكري في تركيا، كما أن السعودية وتركيا ستواجه روسيا بشكل مباشر، بالإضافة الى تصعيد ايراني في الخليج يكون وبالاً على كل العرب ويضر بالأمن القومي العربي وبكل الدول العربية الأخرى، وسيبادر الإيرانيون إلى تطبيق معاهدة الدفاع المشترك مع سورية، وضرب الجيش التركي، العضو في حلف الناتو، الذي ستُفتح له الأبواب للتدخل الخارجي خارج إطار مجلس الأمن بحجة مساعدة تركيا، وهذا ما سيشعل النار في كل المنطقة، لأن سقوط سورية هو الخطوة الأولى لإسقاط العراق، ثم إسقاط إيران، وصولاً إلى إسقاط روسيا والصين، ولذا فإن تركيا ستدفع ثمن تهورها في سورية
 
مجملاً.....لا حل للأزمة السورية إلا بالمفاوضات مع النظام السوري ومنع التدخل التركي والسعودي في الشؤون الداخلية السورية والقضاء علي المنظمات الإرهابية والقوى المتطرفة التي تنطلق من تركيا، لذلك فإن معركتنا مع الإرهاب طويلة وسورية إختارت المواجهة وستتغلب عليه بكافة الوسائل الممكنة، وكل هذه المعطيات تشير الى صمود النظام السوري وحسمه المعارك الميدانية والدبلوماسية والسياسية .
 
إن الحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين بأن هذا العام سيكون عام المغامرات والمفاجآت، فالمنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة لأن إيران لن تسمح لتركيا والسعودية بالدخول إلى سورية مهما كلف الأمر، وكذلك روسيا هي الأخرى ستبذل كل ما بوسعها لدعم النظام السوري بالأسلحة والعتاد، وبإختصار شديد إن تركيا والسعودية ذاهبتان الي دمار نفسيهما ومن حولهما ومن معهما،  لذلك لا بد من إعادة النظر في خريطة تحالفاتهما ورهانهما السياسي والعسكري الخاطئ قبل فوات الأوان.
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد