سوريا على مذبح التقسم

mainThumb

02-03-2016 09:13 PM

في منتصف شهر شباط الماضي ، أبلغ وزير الحرب الإسرائيلي موشيه ‏يعالون نظراءه الأوربيين في ميونيخ ،  أن التقسيم هو  نهاية المطاف في ‏سوريا ،  أيده بذلك مدير عام المخابرات الإسرائيلية  رام بن مبارك ، ‏الذي أكد أن التقسيم هو الحل في سوريا ، وبعدهما مباشرة  صرح وزير ‏خارجية الولايات المتحدة  الأمريكية جون كيري أن التقسيم هو الحل في ‏سوريا  .‏
 
كل ذلك كان تناغما  تعودنا عليه  ، إذ يقوم الإسرائيليون  بالتطبيل ، ‏فيقوم الأمريكان بالتزمير ، لكن ما فاجأ البعض منا هو أن يقوم الروس ‏بالرقص ، على هذا التطبيل والتزمير ، بتفجير قنبلة  فراغية  عنقودية ‏سياسية ، على لسان نائب وزير الخارجية  سيرغي ريابكوف من قلب ‏موسكو وفي مؤتمر صحافي   قبل يومين  ، وكان فحواها أن موسكو  ‏تتمنى على الشعب السوري التوصل إلى  إتفاق فيدرالي ، يعني أنه دعا ‏وإن بطريقة ملتوية إلى التقسيم ، وهذا هو سبب التدخل الروسي  ‏العسكري في سوريا  .‏
إكتملت اللعبة ، وإرتكز القدر على ثلاث ، فها هي القوى العظمى  ‏المتحكمة في المنطقة  ، تقرر مصير سوريا ، نافين عروبتها  وقوميتها ، ‏إلتزاما بنهج الحكم العلوي البغيض الذي  بدأ بخنق سوريا  منذ تسلم  ‏حافظ"....."الحكم هناك ، بعد أن زج رفاقه من البعثيين والقوميين  في ‏غياهب السجون ، وربما نجد بعضهم  فيها حتى يومنا هذا.‏
 
القصة التي لا يريد أحد أن يتذكرها  ، هي أن العلويين وجهوا صفعة ‏قوية وطعنة نجلاء لفرنسا   ، التي رفضت منحهم حكما ذاتيا   بعد ‏الجلاء ، ولا بد من التذكير أن الصهيوينة  وجهت كتبا إلى قادة الجلاء ‏السوري  ، تنصحهم بغض النظر عن  جنوب سوريا "فلسطين " ، مقابل ‏التعهد بالسعي  من أجلهم في باريس للحصول على الإستقلال ، وكان ‏بطبيعة الحال  من هؤلاء القادة  جد الرئيس بشار "سليمان "........"، ‏الذي كان يطمح بالحصول على جيب علوي مستقل ، لكن الفرنسيين   ‏رفضوا ذلك بحجة عدم أهلية العلويين للحكم .‏
 
كنا ومنذ أن إختطفت الحراكات العربية  ، ودخول الأمريكيين وحلفائهم ‏على الخط لتحديد مسارها ، موقنين ان التقسيم هو مصير العرب جميعهم ‏، وليس قدر هذا القطر أو ذاك ، ولم نكن نعلم بالغيب بطبيعة الحال ، بل ‏كنا نقرأ  مشروع الشرق  الأوسط الكبير  ، الذي أقره الكونغرس ‏الأمريكي في جلسة سرية عام 1983 ،  بعد إنجازه من قبل الحاقد ‏الصهيوين د. بيرنارد لويس ، لضمان تحقيق ضربة قاصمة أخرى  ضد ‏العرب والمسلمين  توازي ، إن لم يكن أشد إيلاما من الحرب العراقية- ‏الإيرانية التي دامت ثماني سنوات ، وكذلك وثيقة كيفونيم الإسرائيلية ‏التي أقرها الإسرائيليون في 11 حزيران 1982  ، وهذا المشروعان ‏يدعوان إلى تقسيم المنطقة إثنيا وعرقيا ومذهبيا  ، ولذلك كنا نقول أننا ‏بإنتظار لمشروع  لافروف – كيري ، لينقض معاهدة سايكس – بيكو ‏التي أقرتها فرنسا وبريطانيا عام 1916 ، وقسمت المنطقة  قطريا "بضم ‏القاف".‏
 
وحتى لا نتهم الآخر بكامل الجريمة ، فإن رأس النظام السوري د.بشار ‏‏"......." ليس بعيدا عن الصورة  ، بل هو يدرك ومنذ تفجير الأزمة ان ‏التقسيم هو نهاية المطاف ، ولا أظن ان شيوخ الطائفة العلوية  غائبون ‏عن هذا التصور ، ولذلك أصر على إسالة الدماء غزيرة ، ومارس ‏التدمير بكافة أشكاله ، ولم تسلم مقدرات الشعب السوري من هذا التدمير ‏، بهدف وصول من يتبقى من السوريين حيا ، إلى القول  ":كفى " ، ‏ويطلب هو نفسه  لتقسيم ، تماما كما هي اللعبة الدموية النازفة المستمرة ‏في العراق الذي  ما يزال على مذبح التقسيم منذ العام 2003 ، لكن ‏الولادة متعسرة لأسباب كثيرة.‏
 
عموما  ، فإن التقسم  ليس قدر سوريا فقط  ، بل سيطال غالبية الدول ‏العربية التي ستدخل مذبح التقسيم  نتيجة  لسياتها السابقة ،  التي لم تكن ‏تمت إلى العصرنة بصلة ، بل كان يتعامل مع المواطنين على انهم رعايا ‏، بلا حقوق  ، وبالتالي  كان تصنيف هذه الدول على أنها دول فاشلة .‏
 
التقسيم بدأ في السودان بالتوقيع على إتفاق نيفاشا عام 2005 ، الذي نص ‏على فصل الجنوب عن الشمال  بتوافق  الشمال بطبيعة الحال ، ولكن ‏الأردن  نجا من التقسيم بعد طي ملف الأقاليم ، واللجوء لتنفيذ السيناريو ‏الثاني وهو التوسعة شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ،  ويتوقع ان يكون عدد ‏سكانه  عام 2020 نحو 25 مليون  نسمة.‏
 
سيقال قريبا :كانت هناك دولة كذا ، بغض النظر عن نظامها السياسي ‏جمهورية أو ملكية ، وسنرى جرائم ترتكب هنا وهناك ، وتحظى بإهتمام ‏العالم ، وأعني بذلك مصر المحروسة التي  وصفها مشروع الشرق ‏الأوسط الكبير بالكنز الذي سيرتاح فيها المحراث الأمريكي .‏
ستشهد المحروسة مصر تفجيرات  في الكنائس القبطية وإغتيالات ‏لشخصيات كبيرة ، يرافق ذلك حراك داخي قبطي  يدعمه حراك خارجي ‏، يدعو لمنح الأقباط دولة خاصة بهم تكون الإسكندرية عاصمة لها ‏‏..والحبل على الجرار.‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد