إعلامنا وتوجيه الرأي العام‎

mainThumb

11-06-2016 11:47 AM

 كيف لو أن كل مؤسسة في البلد قامت بنشر أعمالها اليومية، كالمستشفيات مثلا تنشر أن الطبيب الفلاني أجرى عملية جراحية لمريض، أو أن مدير المستشفى تفقد أقسام المستشفى، أو مدرسة نشرت أن معلميها قاموا بالدخول الى الغرف الصفية وأعطوا حصصا للطلبة، أو أن شرطة السير تنشر يوميا المخالفات التي حررتها للمركبات، وكم مجموع ما جمعته المخالفات، أو ان الأمانة تنشر تحركات الضاغطات وكيف تجمع النفايات وفي أي منطقة.

 
في صحفنا تنتشر اخبار لا تفيد قارئ ولا تقدم معلومة ولا حتى متعة القراءة كالذي يقومون بنشره عن أعمال تقوم بها مؤسسات خدمية كالأمانة، والبلديات، وسائر المؤسسات والشركات التي تقدم خدمة للمواطن، وهذه الأخبار التي تنشرها هي من صلب عملها، كتعبيد الشوارع وعمل الأرصفة، أو تعبيد نفق مثلا، أو تمديد أعمدة كهرباء.
 
 وتقوم مؤسسة أخرى بنشر خبر عن خطتها لمتابعة الأسواق في رمضان، أو تفقد أسواق في شرق البلاد وغربها، وتقوم أخرى بنشر خبر عن أنها ركبت جهازا في أحد المراكز الطبية، بالاضافة لما ينشر فيما يخص امتحان الشهادة الثانوية، طبعا غير الأخبار الرئيسية التي يجب أن تنشر كأوقات الامتحانات أو تعليماتها، و مؤسسة أخرى تنشر أخبارا شبه يومية عن أنها قامت باتلاف كذا طن مواد غذائية..!!
 
 
 
من المؤكد أن دور الإعلام  كبير في توجيه الرأي العام، ودوره أخطر في بناء اتجاهاتهم، والأخطر أن الاعلام لا يقوم بهذا الدور بشكل ظاهر بل بطريقة خفية لا تظهر للمستهدف فيتبنى  المستهدف الرسالة الخفية ويظن أنها من بنات أفكاره، فيتعصب لها ويكافح من أجلها..
 
وقد يكون لبعض وسائل الإعلام العالمية، مستشارون في هذا المجال، وأن ما تنشره مخطط له ولا ينشر اعتباطا، بل له هدف ورسالة سواء أكانت رسالة خيرة أم شريرة.
 
 
 
بناء على ما سبق فلا أدري أكانت صحفنا ينطبق عليها الحكم السابق أم لا!! أم أن أخبارها لا تكون بمجملها موجهة لبناء رأي عام، بل من أجل تسويد صفحاتها، وتكون في أخبارها هذه بالذات تطلق رسالة لبناء اتجاه، وهو توجيه الرأي العام باتجاه التطبيل والتزمير للحكومة من خلال هذه الأعمال الصغيرة، حسب التوجيهات من المستشارين..
 
 
 
كثير من الأخبار في صحفنا تقف أمامها حائرا!! ماذا أفعل؟ ماذا يريدون مني كقارئ، وأنا متأكد أن الكثير من الناس يشاركني هذا الشعور وعنده أمثلة كثيرة على ذلك، ودعونا نسلم جدلا أن وسائل اعلامنا، تدرس بشكل دقيق ما تنشره، وأنها لا تنشر خبرا الا وله هدف، سواء أكان الهدف اعلاميا أو أمنيا أو سياسيا، أما هذه الأخبار وما شابهها ما الهدف منها؟!! هل تريدون أن تخبرونا أن مؤسساتنا تعمل وأننا نخطط، ونحافظ على المواطن، ونبني، ونتابع، و... لكن هذه الأعمال التي تقوم بها هذه المؤسسات وتنشرونها مبتهجين هي اعمال يومية وفي صلب عمل هذه المؤسسات ولا يجب أن تنشر.
 
بقيت رسالة واحدة وأظنها هي الهدف من نشر هذه الأخبار، وهي الاستهتار بعقل المواطن، واعتباره ساذجا، لأنها لا ترقى بذائقته و لا تحترم عقله، وتجعله يتقوقع حول الحديث عن فتح شارع، وتركيب عمود، وذهاب مسؤول الى مركز صحي، وآخر الى سوق أو غيره, وهو يصطدم يوميا بواقع مخالف لهذا!!.
 
لو أن كل المسؤولين انطلقوا الى الشارع وراقبوا كل نشاط تقوم به المؤسسات الخدمية أو المصانع الخاصة، لن يضبطوها، لأن الآلية فاشلة، فالمسؤول لا يستطيع أن يكون في كل الأمكنة كل الوقت!! أقول فاشلة لأن الحكومات فشلت في خلق ثقافة الضبط الذاتي عند الموسسات والمواطن التاجر من خلال الالتزام بالقانون، والابتعاد عن الجباية من المؤسسات والمواطن، واعطائهم هامشا ربحيا معقولا، وفشلت اعلاميا في هذا المجال، لأن تقديم خدمة من صلب عملك، لا تجمّل الصورة عند المواطن، وهو يعرف جيدا مدى التقصير ولن يقتنع بهذه الأخبار...
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد