لم تسقط حلب

mainThumb

07-08-2016 03:03 PM

غدت مدينة حلب رمزا وعنوانا كبيرا للحرب الدائرة في سوريا بين قوى المعارضة السورية، وقوى النظام التي يساندها قوة نيران روسية إيرانية كبيرة تشعل الأرض وتحرق الأخضر واليابس، تعرف بسياسة الأرض المحروقة التي لا تبقي ولا تذر في سبيل كسر شوكة المعارضة السورية التي تستميت في الدفاع عن المدينة بالرغم من دخول قوات النظام إلى البعض من أحيائها الشرقية في منطقة الليبرون وغيرها وقطع طريق الكاستيلو التي تربط المدينة بريفها الشمالي وتتدفق منها إمدادات الأسلحة وغيرها إلى قوات المعارضة التي تتمركز في داخل المدينة، والتي إن انطوى عليها خدعة فتح الممرات  الإنسانية، إلا أنها ظلت تقاتل مستميتة في الدفاع عن المدينة الاستراتيجية التي يعني سقوطها ربما نهاية لحلم الشعب السوري في حياة كريمة خسر لأجلها الكثير على أرضه ووطنه عبر عنها بعاطفة جياشة رجل سوري قال "الحياة تحت القصف والدمار أفضل مما نحن فيه" حيث يعيش في بلد غربي.

 
نجحت المعارضة السورية في كسر الحصار عن حلب الشهباء التي جيشت له القوى المساندة للنظام والنظام نفسه كل الوسائل التي تمكن من احتلال المدينة، وهو ما يسجل لهذه القوى قدرتها في مواجهة القوى التي تدخلت إلى جانب النظام كل حسب مصلحته وأهوائه، سواء من ناحية تثبيت التواجد في المنطقة العربية كما في الحالة الروسية من ناحية أو المحافظة على طرق الإمدادات إلى حلفاء البعض منهم، كما في حالة النظام الإيراني الذي لم يتوقف يوما عن محاولات التدخل في الدول العربية وزعزعة الاستقرار فيها.
 
لكن ماذا وراء محاولة إنهاء وجود المعارضة السورية في مدينة حلب؟  ما يقرأ من محاولة إخضاع مدينة حلب أمران، أولهما تمكين النظام وحلفائه من المدينة وبالتالي العمل على إنهاء، إن جاز لنا القول، المعركة بين المعارضة والنظام، وهو ما يعني استمرار المعاناة الدائمة للشعب السوري الذي خسر الكثير نتيجة ما لحق به وبأرضه وبمدنه وقراه من قتل وتدمير وتشريد، وطمأنينه بعيدة المدى للجار الإسرائيلي الذي لم يحلم يوما بخروج قوتين عربيتين كبيرتين كسوريا والعراق من ساحة المواجهة، وقدر له أن يعمل على إماتة القضية الفلسطينية، والاستفراد بالشعب الفلسطيني، والتعامل معه بالطريقة التي يريد من حيث استمرار الضغوط الاقتصادية، وفرض الحلول الأمنية، ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية التي لم يتبق منه الكثير، بغية إقامة مزيد من المستوطنات عليها.
 
المنطق الآخر يقول، أن النظام وقواه، والدول المساندة له، كانت تبحث من خلال معركة حلب في حالة عدم القدرة على السيطرة على المدينة بقاء الحصار عليها وتشكيل ورقة ضغط على قوات المعارضة، تستخدمهاأثناء جولة المفاوضات المقبلة حول سبل التوصل إلى حل للمعضلة السورية، للحصول على تنازلات كبيرة منها ربما منها ما يتعلق بنظام الحكم، وبقاء الأسد طرفا فيه خلال الفترة الانتقالية التي قيل فيها من الكلام كثيره فيما يتعلق بالوصول إلى حل دائم أو طريقة مشاركة المعارضة فيما قد يتم التوصل إليه من حلول سياسية مع قوى النظام، وتواجد حلفاء النظام أيضا على الأرض السورية على المدى البعيد.
 
لقد أفشلت المعارضة السورية، بكسرها للحصار الذي فرض على مدينة حلب، الأهداف التي كان النظام وحلفاؤه يسعون إلى تحقيقها  بالتمهيد للحل السياسي وفقا لما يقال عن تفاهمات أمريكية روسية تم التوصل إليها بشأنه، أو ما قد يكون مفصلا على شاكلة ما تم تسريبه من الصحافة الروسية حول الدستور السوري الجديد الذي يهدف إلى إقامة نظام فيدرالي فضفاف في سوريا لم تعرف تفاصيله كاملة حتى الآن.
 
 
محمد حطيني
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد