هكذا تحدث أوباما !

mainThumb

02-10-2016 10:27 PM

اليوم يقف الرئيس أوباما وحيداً أمام حلفاؤه، فالخطأ الذي إرتكبه يتمثل في أمرين، أولهما، حساباته وتقديراته الخاطئة بأن الحرب على سورية لن تدوم أكثر من أسابيع معدودة وبعدها يسقط النظام هناك، والثاني الإعتقاد بأن التحالف العربي الغربي الذي تكون بمبادرة واشنطن يمكن ان يسقط النظام السوري مثلما أسقط النظام الليبي ومن قبله العراقي، فالتناقضات التي حملها خطابه في الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة سواء كانت حول قضايا وأزمات الشرق الأوسط أو رؤيته للعالم، كالأزمة السورية أو الأزمة الليبية أو حرب العراق أو عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتى وصلت جميعها إلى طريق مسدود، إذ  أغفل وتناسى أن يقول إن أمريكا وسياساتها لفرض النموذج الأمريكى فى المنطقة أو حتى تدخلاتها السياسية والعسكرية أو دعمها للمجموعات المتطرفة وعلى رأسها داعش كانت السبب الأساسي وراء حالة الفوضى والعنف في المنطقة.
كما تحدث عن أكاذيب فى هذا الخطاب منها أنه عندما تحدث عن إنجازاته، أكد أنه تمكن من القضاء على الإرهابيين والمتطرفين، وهو ما لم يحدث، والأدلة لا تحتاج إلى شرح، ويمكن لحلفاؤه في الدول  الأوروبية الحديث عن إزدياد الهجمات الإرهابية على أراضيهم، وإذا نظرنا لموقف أمريكا، ودعوة أوباما لمواجهة تنظيم داعش فى سورية والعراق، نجد الإزدواجية، من حيث الإستمرار في الدعم، وتدفق المعونات لداعش، ومعالجة قياداته فى تركيا.
فالمتتبع لمواقف الولايات المتحدة يستطيع ان يرى قراراتها المتحيزة لبعض القضايا منها القضية الفلسطينية التي لا تزال إسرائيل تقتل الفلسطينيين، فإسرائيل تقتل وتدمر كيفما تشاء، وواشنطن تتحدث عن ضرورات ضمان أمن اسرائيل، هذه السلوكية العدوانية الإسرائيلية هي السبب في إفشال مساعي السلام ،  ونرى العراق اليوم الذي حولته الولايات المتحدة الى ساحة عنف وقتال طائفي وأرض للعصابات وساحة مفتوحة لكل الناس ولم تأن في تكريس الإنقسام بين السنة والشيعة عن طريق بث المعلومات الكاذبة بهدف تحقيق الفوضى والخراب في العراق، ولا ننسى محاولة تفتيت اليمن ومصر وتونس والسودان ولبنان والصومال من خلال محاولة صنّاع القرار الأمريكيين بتكريس الخلافات وتشجيع النعرات الطائفية وإنشاء تكتلات دينية مختلفة في هذه الدول.
 
ولم يترك أوباما إجتماع أو مناسبة إلا وهاجم من خلالها بوتين، وخلال الإجتماعات الأخيرة للجمعية العامة، إتهم أوباما  بوتين، بأنه يحاول إستعادة مجد الإمبراطورية الروسية عن طريق استخدام القوة، كما حملًه مسؤولية ظهور تنظيم داعش الإرهابي وأخواته، وهو ما يناقض الواقع والحقيقة، فالولايات المتحدة نفسها تتحمل مسؤولية ظهور داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى لتحقيق أهدافها في المنطقة، وبدلاً من هذه الأحاديث والقصص، فعلى الولايات المتحدة أن تدرك أن منطقة الشرق الأوسط كان يمكن أن تكون فى وضع أفضل بدون التدخل في شؤونها الداخلية التي جلبت الإرهاب والفوضى الى مجتمعاتنا.
 
في سياق متصل، عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بدعوة من الولايات المتحدة في ٢٥ سبتمبر الماضي لمناقشة الوضع المتدهور فى مدينة حلب، وطبعاً  الهدف هو استغلال المجلس في الهجوم على روسيا، وتحميلها كامل المسؤولية عن فشل إتفاق وقف إطلاق النار، لكنها فشلت مع حلفاؤها فى تحويل الجلسة إلى محاكمة علنية لروسيا، التى فضح تدخلها العسكري زيف أهداف "التحالف الدولي ضد داعش"، من خلال الضربة الأمريكية على مواقع الجيش السوري في مدينة دير الزور، وفي الوقت نفسه ما زالت تعمل فيه على تسليح الأكراد من أجل تمكينهم من فرض مشروعهم الانفصالي، من ثم تحقيق حلم التقسيم الذي طالما سعوا إلى فرضه على البلاد منذ البداية،  وبالتالي فإن الحملة الأمريكية على روسيا بحجة المجازر والتدمير فى حلب، ما هي إلا محاولة للتغطية عن فشل مختلف مخططاتها فى سورية، وتغطية  النجاحات الروسية التى حققتها خلال عام من تدخلها العسكري في سورية.
 
كما كشفت المناظرة الأولى بين مرشحي الرئاسة الأمريكية عن عمق الأزمة التي تعيشها أمريكا، فقد أكد ترامب بأنها دولة مفلسة، حيث تجاوزت ديونها 20 ترليون دولار، وأصبحت أقرب لدولة من العالم الثالث، ولم تنكر هيلاري كلينتون الوضع الأمريكي الصعب، بل إعترفت بتنامي ظاهرة التفرقة العنصرية، وقالت إنها أخطر تهديد يواجه أمريكا، كما أن الأزمة الأوكرانية كشفت إفتقاراً كبيراً في السياسة الخارجية الأمريكية، كون مصداقية الولايات المتحدة في إنحدار مستمر بسبب تسييس أجهزتها الإستخباراتية والكسب من وراء السياسات الرخيصة.
 
اليوم ليس بمقدور إدارة البيت الأبيض أن تنقذ المسلحين المحاصرين شرق حلب، وبات التحالف الأمريكي عاجزاً عن كسب الحرب في سورية، وعاجزا أيضاً عن طرح مخرج للأزمة السورية، وأن العمليات العسكرية سوف تتواصل ضد الجماعات المسلحة والقوى المتطرفة الأخرى، لترث الإدارة الأمريكية الجديدة وضعا سيئاً لمخططها في سورية، وأن الإدارة الأمريكية تنتقل من فشل إلي فشل بعدما نجحت سورية في هزيمة المتطرفين وأدواتهم وسحق مشروعهم في المنطقة، لذلك يمكن القول أن الولايات المتحدة أصبحت غير قادرة على التعامل مع جميع الأزمات الدولية، في الوقت الذي تلعب فيه واشنطن دور القيادة من المقاعد الخلفية، وبالتالي فإن المصداقية الأميركية على المحك، ويمكن تلمس حالة التخبط الأمريكي من خلال إعراب وزير الدفاع الأميركي كارتر، عن قلقه لوجود مستشارين عسكريين روس وإيرانيين الى جانب القوات السورية، معتبر تواجدهم سيساهم في تأجيج النزاع والفوضى في سورية وقد يجهض الحملة ضد داعش، هذه الطريقة من الكلام، تكشف وتدل على مدى العجز والقلق الذي تشعر به أمريكا وحلفاؤها، إزاء تطورات الأوضاع في سورية.
 
مجملاً... إن المنظمات الإرهابية هي من صناعات أمريكية أوجدتها من أجل تمرير مشاريع ومخططات لها في المنطقة، لكننا اليوم أمام مشهد الإنتصارات الإستراتيجية التي يحققها الجيش السوري في وجه الإرهاب الدولي، فإدعاءات أوباما وكبار عساكره بطول مدة الحرب  في سورية الى عدة سنوات أسقطها السوريون بعد تحرير مناطق كانت تحت سيطرة داعش وهزيمنهم، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في سورية، والمأمول آن تدرك واشنطن وحلفاؤها حجم المغامرة ويبادروا الى مراجعة حساباتهم، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع  السوري.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد