انتصار للأقصى في اليونسكو

mainThumb

16-10-2016 09:37 AM

كان من نتائج تسليم فلسطين لليهود أو بني إسرائيل العصر الحديث تضليلا وزورا وبهتانا ادعاء هؤلاء أن حرم المسجد الأقصى كجزء من أرض فلسطين التاريخية ما هو إلا مكان هيكلهم المزعوم الذي لم يألوا له جهدا في حفرياتهم وزيف أبحاثهم مما استندوا إليه في نصوص غير موجودة في توراتهم لتأكيده بسيل جارف من الطرق والوسائل انتفت بعد طول عناء بقرار صوتت عليه منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) وأكد القرار على الهوية الإسلامية لمدينة القدس حيث يقع المسجد الأقصى، ما يعني أنها أراض عربية محتلة طالما حاول الكيان الإسرائيلي طمس هويتها الفلسطينية، والعربية والإسلامية.
 
مما يبرز في أهمية القرار أنه يعكس أن ثمة صراعا ليس سياسيا وعسكريا فحسب مع دول الكيان الإسرائيلي الغاصب، بل إن هناك صراعا حضاريا وثقافيا وفكريا مع هذا الكيان انتصرت له الأمم المتحدة من خلال إحدى منظماتها بقرار نادر لصاحب الحق،ونفى بصورة قاطعة الرواية الإسرائيلية بأن القدس بأماكنها وآثارها وما أطلق عليه حائط المبكى من المسجد الأقصى جزء من التاريخ الإسرائيلي، كما تكمن أهمية القرار الأممي بأنه يثبت أن القدس لا علاقة لليهود بها، وبالتالي فإن ما مارسوه من ابتزاز للمجتمع الدولي كان مبنيا على الوهم والدعم اللامحدود الذي تتلقاه دولة الكيان الإسرائيلي من دول نافذة في المجتمع الدولي عملت وما تزال على تغذيتها بكل السبل واسباب البقاء والاستمرار.
 
في هذا القرار تبرز حقائق من ضمنها أن اتخاذ القرار ذاته يأتي انتصارا للدبلوماسية العربية عموما والفلسطينية والأردنية خصوصا، في إثبات الهوية العربية للقدس بما فيها من أماكن عبادة يأتي المسجد الأقصى على رأسها.كما يأتي في سياق القرار أن الكيان الإسرائيلي ملزم بعدم إجراء أية تغييرات جغرافية أو ديموغرافية في القدس بصفتها جزء من الأراضي المحتلة، وهو يكذب الوهم الإسرائيلي الذي حاول مسئولوه على الدوام إقناع العالم بأحقيتهم في الأرض الفلسطينيية، وهولاء كما هو معروف جاؤوا من مختلف بقاع الأرض للإقامة في فلسطين بعد وعد بلفور المشئون في سنة 1917، وأقاموا كيانهم هناك مدعومين بقرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1947، والدعم اللامحدود لهذا الكيان من قبل قوى معروفة ليكون شوكة في خاصرة المنطقة العربية التي تفصل بين بين آسيا العربية وإفريقيا العربية.
 
لقد أثار تبني القرار حالة من الرعب في الكيان الإسرائيلي، الذي يستمد أسباب قوته وديمومته من قرارات الأمم المتحدة، من حيث نزع شرعية وجوده في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال قطع الرابط الروحي الذي يوصله بفلسطين والذي عمل اليهود على إيصاله بمختلف الوسائل الفكرية والثقافية والسياسية إلى العديد من دول العالم التي تعاطفت معهم (كشعب) تعرض لكثير من حملات الاضطهاد على مر التاريخ لاسيما فيما يتعلق بتعرضهم للتشرد وما يعرف بالمحرقة النازية.
 
 كما أفقد قرار اليونسكو البعض من مسئول الكيان صوابهم فكالوا الاتهام للمنظمة بأنها منظمة داعمة للإرهاب في المنطقة. ولا يستبعد في القريب العاجل أن يلجأ هؤلاء ويعملوا على تدشين حملات إعلامية مكثفة بغية تغيير القرار التاريخي للمنظمة.  قد ينجح هؤلاء في تغيير القرار وشطبه من سجلات الأمم المتحدة بما قد يحظوا به كما هو سائد حاليا من الدعم ممن تبنى وجود الدولة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية، إلا أن نزعه لشرعية زائفة بنوا عليها في الربط بين علاقة اليهود المزعومة بفلسطين ووجود الهيكل في حرم الأقصى يعتبر أساسا للبناء قويا في مرتكزاته لنزع الشرعية الدولية عن الكيان الإسرائيلي الغاصب وتعريته كما حصل مع الاختلاف فيما بين الحالتين مع نظام الفصل العنصري البائد في جنوب إفريقيا في تسعينيات القرن الماضي.
 
كاتب ومحلل سياسي
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد