بعد رفض رؤية المبعوث الأممي .. اليمن إلى أين ؟

mainThumb

29-10-2016 10:12 PM

على خلفية رفض الرئيس هادي خطة ولد الشيخ التي هي أفكار الحوثيين خلال مئة يوم من المفاوضات عندما كانوا وربما لازالوا يعتقدون بأنها ستمرر وبأن إرادة أمريكا فوق إرادة الشعب اليمني ، بالطبع بدائل ذلك ان الحسم العسكري غدا امراً لا مفر منه ولكنه بالنظر لمسوغات الواقع لا يعني أسابيع ، بل ربما قد يأخذ الأمر بضعة أشهر المهم أن لا تنخرط الشرعية وتتورط في صيغة توافقية تطيح بالمرجعيات التوافقية فإذا كانت هذه المرجعيات هي الاسس فيكف سيكون الأمر في حال نسفها فهذة الميليشيات لا يؤتمن لها عهد فتجريب المجرب ضربا من الحماقة وليس باتفاق ما سمى " السلم والشراكة" ببعيد فرغم انه فرض تحت أسنة الرماح لم ينفذ سوى الجزاء السياسي وليس الجوانب الأمنية ، ولا بد لأي حل أن لا يتضمن مكافئة لمن عبث باليمن لعقود ولمن اغتصب السلطة ، ومن هنا فإذا لم يستطيع الشعب محاكمة هؤلاء في اقل تقدير أن يكون لهم دور سياسي بدون سلاح الذي يستقوون به وبحجمهم الحقيقي فهم مجرد اقليه داخل أقلية زيدية بمعنى لا يتجاوز حجمهم الخمسة في المئة .
 
ثمة من يرى بأن سرعة رفض القيادة اليمنية الخطة قد يكسب نقطة لصالح الطرف الآخر دون ان يكلف طرفي الانقلاب فرصة للرد ، لكن بالمقابل يدحض هذا آخرون بأن الحزم في مسألة حاسمة لا ينبغي التردد والمراوغة فهناك مساحات للمناورة في أمور معينة وفي مواقف ينبغي سرعة الحسم ، وفي كل الأحوال يعتقد مراقبون بأن هادي ينطلق بوحي وإيعاز إقليمي لان الرئيس هادي واجهة التحالف في شكل الحكومة الشرعية التي طالبت بالتدخل
 
لعل القارئ والمتابع الفطن لأبجديات عهر السياسة في اليمن يتأمل فقط في عرض ولد الشيخ على الحوثيين خطة تسوية تؤدي إلى طي صفحة الرئيس التوافقي الذي انقلب عليه الحوثيين وتحويلة إلى مجرد رئيس شرفي ونقل سلطته لنائب توافقي ، وبقاءهم شريك أساسي في حكومة مفترضة ناهيك عن غموض في تفاصيل أخرى اجرائية وتنفيذية كمصير الأسلحة الخ كل هذه التنازلات المصيرية يصفها ما يسمى برئيس " المجلس السياسي" بأنها تعبر عن وجهة نظر السعودية !
 
ما يجب أن يدركه اليمنيون بأن ضعف وأخطاء هادي هي حالة طارئة ومؤقتة " فالأيدي الأمينة" فرضتها الدولة العميقة لغرض في نفس يعقوب فكان يراد منه دور المحلل الشرعي لرئيس من بعدي اسمه احمد ، وسينتهي أمر هادي بانتخابات ، بينما الكارثة تكمن في بقاء ميلشيا الحوثي مسلحة ومؤدلجة لتنفيذ أجندة خارجية فهي في كل الأحوال بلاء دائم وكارثة أبديه والتقاسم والحلول الشكلية مع هكذا حالة تحت مسمى " التوافق" هي كارثة كبرى وترحيل لصراع أطول وينزلق اليمن للأسوأ على غرار نماذج سوريا والعراق .
 
في حال اتفاق شكلي سيكون بداهة على الورق ولن ينفذ وعليه فالمعارضة للنظام المفترض مستقبلاً في حال تقاسم السلطة تحت مسمى " التوافق" يعني قنبلة موقوته ، وعليه فالقبول
 
بهكذا حالة أي سلطة الأمر الواقع ومقارعتها حتى لو تطلب الأمر حربا لأشهر قادمة بل لضعف مدة الحرب التي مضت فالأمر ليس بيد اليمنيون ، الإشكال هو لدى من اغتصب السلطة فالعدوان هو في نهاية الامر تحصيل حاصل ونتيجة وليس سبب.
 
وهذه الحالة رغم مرارتها وبشاعتها أهون من الهرولة نحو الوهم وشرعنه الانقلاب .
 
ما يسمى بالمجتمع الدولي يقصد به إرادة القوى الغربية الكبرى بما فيها روسيا والصين لكن في الحالة اليمنية يقصد بها القطب الأوحد الولايات المتحدة الأمريكية.
 
والملف اليمني عموما اقل تعقيدا من الحالة السورية وفيما يتعلق بموقف روسيا وأمريكا في الحالة اليمنية يختلف كثيراً عن بؤرة سوريا
 
وصحيح بأن امريكا صاحبة نفوذ في الملف اليمني وتلعب بخيوطه لكن المبالغة في قدرة واشنطن في تطويع الإرادة اليمنية أمر مبالغ فيه ، وعليه فأمريكا ليست على كل شئ قدير تظل إرادة الشعوب لها كلمتها في هذا الزمن ألردئ والعواصم الغربية بما فيها امريكا تجس نبض هذه الشعوب وتأخذها بعين الاعتبار وعليه فرفض القيادة اليمنية خطة ولد الشيخ التي تكافئ من دمر اليمن ومن عبث باليمن لعقود هي محاكاة لإيقاع الشارع اليمني الذي سأم الحرب ومل وكل من تداعياتها فاليمن ليست حقل تجارب لابد من حل جذري لهذه الحرب وليس ترحيل الصراع وتقاسم السلطة تحت مسمى التوافق ، الحق بين والباطل بين وبينهما أمورا متشابهات .
 
الملف اليمني عموما اقل تعقيداً من الحالة السورية وأكثر تداخلاً وتشابكاً من الحالة الليبية فهي بالمختصر السهل الممتنع .. وفيما يتعلق بموقف روسيا وأمريكا في الحالة اليمنية يختلف كثيراً عن رؤيتهما المتعارضة في بؤر ساخنة أخرى .
 
وعليه فبعد رفض رؤية المبعوث ألأممي إسماعيل ولد الشيخ من قبل القيادة اليمنية فأن ذلك يعني بأن مرحلة المفاوضات تحت رعاية أممية ودولية ستدخل منعطفا جديداً مع بد العد التنازلي لتواري الإدارة الأمريكية المتزامن مع نهاية ولاية الأمين العام للأمم المتحدة وتنصيب أميناً عاما آخر مطلع العام المقبل ، فان الأزمة اليمنية ستبقى تراوح مكانها بضعة أسابيع ما لم تحدث معجزة وبداهة فأن زمن المعجزات لا وجود له إلا في أساطير الأولين .
 
* كاتب ودبلوماسي يمني


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد