صحيفة السوسنة الأردنية

كانت فترة اعتقالي كافيه لارى كل شيء في وطني من زاوية مختلفه ومن منظور مختلف .. جربت كيف تتحول بجرة قلم من قبل مسؤول جاهل من مواطن يباهي الدنيا بوطنيته ويوصل الليل بالنهار من اجل بناءه ورفعة انسانه الى انسان قابع تحت نير الظلم واليأس والاحباط .. جربت ورأيت بأم عيني كيف ان سجون هذا الوطن الحبيب تعج بالشباب الاردني الحزين وخصوصا من الطبقات الاجتماعية المسحوقه ومن مختلف المواقع والجغرافيا على تهم سياسية واقتصاديه وحتى احيانا بلا تهم والذين ينتظرون الفرج عبر عفو او اي اجراء يعيدهم للمجتمع ليبنوا ولينتجوا لا ليكونوا عبئا عليه .. لقد جربت ورأيت كيف تسحق كرامة الشباب وكيف تسرق منهم براعم الانتماء لتراب هذا الوطن الحبيب وكيف تقتل آمالهم قبل ان تولد فيتم تحويلهم بقدرة قادر من ادوات بناء وتلاحم وتعاضد وعناصر فداء لهذا التراب الوطني الطاهر الى اهداف مستقطبة للارهاب وجاذبة لكل شر حيث من الممكن ان يستغل الارهاب فيهم حالات الاحباط والشعور بالظلم والتهميش فينسج شباكه السوداء حول عقولهم وقلوبهم .. ولولا ان شبابنا والحمد لله يتمتع بالوعي والحس الوطني الكافي الذي يحصنه منهم لأصبحوا ثغرة  بصدر الوطن ...

 

سقت هذه المقدمة الطويلة التي كررتها بأكثر من مقال بعد ان شاهدت وسمعت بأم عيني عن مواطنين اردنيين تم تسريحهم من وظائفهم منذ سنوات طويلة ولم يستكملوا براءة الذمة ولم يتم اعطائهم هوياتهم الشخصيه لاسباب مختلفه وانا اعتقد انها كلها اسباب باطله لانه لايجوز منع اي مواطن اردني من التمتع بهويته التي تثبت شخصيته مع العلم ان عدم ابراز المواطن لوثيقة تبرز شخصيته جريمه يعاقب عليها القانون فمن يتحمل مسؤولية هذه الجريمه خصوصا اذا كانت الدولة نفسها هي السبب ؟؟!! انا اعتقد انه يجب الفصل بين الحقوق المالية والوظيفية والجباية وبين حقوق الفرد بإثبات مواطنته فقصة حجز هويات المواطنين على اية خلفيات وملاحقتهم بالخوف والشك والريبة اينما ذهبوا وحيثما حلوا ومنعهم من العمل وتوفير مصدر رزق لهم ولابنائهم يخالف الدستور والقانون المحلي والدولي والانساني وكافة قوانين الكون وكذلك يمنعهم من العمل لتسديد حتى مستلزماتهم التي حجزت هوياتهم من اجلها .. 

 

هل تسألون انفسكم كيف يتحول مواطن فاعل ومنتج في الوطن الى خلية نائمة او الى حالة مأساوية ربما تسوقه لان يحرق نفسه او يضع يده بيد العدو  ؟؟!!  انا اخبركم .. حينما يفقد الانسان كل معاني الحياة وحينما يرى اطفاله تجوع وتمرض وتعاني من شدة البرد امام عينيه دون ان يستطيع ان يفعل شيء لهم حينها فقط تسقط في وجدانه الصور الجميلة للاوطان والرموز ولكل شيء جميل ويصبح لغما جاهزا للانفجار في اية لحظة .. فحينما صرخ المواطن الاردني البسيط عماد القرالة وخاطب وجدان اي مسؤول وطني في مكان صنع القرار مطالبا ان يعطوه هويته الشخصية ليتمكن من ايجاد مصدر دخل يسد به رمقه ورمق اطفاله لم يجد اي صدى لتلك الصرخه ولم يلتفت اليه احد وكلنا يعرف معاناته وما يعيش فيه من فقر مدقع فهل يعقل في القرن العشرين ان يكون تحصيل بضع مئات من الدنانير من مواطن اردني فقير اهم بكثير من حياة اسرة تقبع تحت نير الجوع والبرد والظلم ليصبح الوطن هو صانع الالم بعد ان كان الحضن الدافيء لابنائه ؟؟!! هل يعقل ان نقنع عماد القراله وغيره من ابناء هذا البلد المقموعين وهم كثر ان القانون الذي يمنعهم من الحصول على بطاقاتهم الشخصيه لتحصيل اموال الدوله كما يدعي البعض قادر على ان يمارس نفس الفعل على حيتان الفساد ممن اكلوا الاخضر واليابس في هذا الوطن الذين تحميهم وتمنع محاسبتهم ظهور وتماسيح وحيتان طبقية مقيته ام ان المطلوب فقط هو حرمان ابناء عماد القراله وامثالهم من المستضعفين من حقهم في الحياة ليحيا غيرهم بسعادة دائمة وليستحموا بحمامات الحليب والشامبانيا وليأكلوا الكافيار والذ المأكولات على حسابنا ولنحيا نحن بالحزن .. صدقوني ان ابناء عماد القراله وامثاله من المستضعفين في هذا البلد اهم بكثير من هؤلاء الحيتان فكشوفات شهداء هذا الوطن الحبيب تعج باسماء مختلفة من طبقة عماد وامثاله ولكنها بالتأكيد تخلوا من اسم حوت واحد او اسم ابن مسؤول مرتزق .

 

انا اعتقد ان اولى  خطوات المصالحة الوطنية تتحقق من الايمان بمباديء العدالة الاجتماعية وتحقيقها على ارض الواقع واعطاء كل ذي حق حقه دون تمييز .. وتوفير الوظائف للمتعطلين عن العمل في ذيبان وكافة مناطق الوطن ليدعموا عجلة التنمية والتقدم وكذلك تعديل القوانين السالبة للحقوق وتفعيل القوانين الداعمة لها . 

 

انا اوجه رسالة اردنية خالصه محبه لكل مسؤول وطني يقرأ سطوري بان حصر الناس في الزوايا المعتمه ولز ظهورهم للجدار واشباعهم باليأس والاحباط والشعور بالدونية لن يوصل الوطن الى بر الامان ابدا .. بل سيوصل من تجذروا في هذا التراب الاردني الطاهر لآلاف السنين من امثال عماد القراله وابناء ذيبان وغيرهم لأن يقولوا بكل حزن .. حزين عليك ياوطني ..

 

مواطن اردني من إحدى شعاب هذا البلد الصامد