من حلب الى نهاوند سلام وتحية

mainThumb

20-12-2016 09:52 PM

أصدرت  "لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني " بيانا رسميا تهنيء من خلاله بـ "النصر الذي حققته القوات السورية والحليفة في حلب" ، قائلة إنها:" إنتقام رباني من الذين أجرموا بحق الشعب السوري " ، مُعيدة فضل السيطرة على المدينة الى " الإمدادات الغيبية والعناية الربانية " ، ونلاحظ كم يتفاخر الشعب الإيراني ممثلا بدولة الولي الفقيه بتدميره وقتله وإبادته للشعب السوري المسلم في مدينة حلب  ، متدثرين بغطاء الطيران والصواريخ الروسية ، قتلوا حلب لأنها توحد الله ، ولأنها من أمة محمد عليه السلام ، ونحن على يقين لولا القوات الروسية لنجح ثوار حلب في تحرير اللاذقية وطرطوس والقرداحة ، ومن بعدها كربلاء والنجف وقم وطهران وكر الشر في العالم ، هذا حالي ، فما حالك يا نهاوند ؟
 
أجمعت المصادر التاريخية العربية الإسلامية وغيرها على أن معركة "نهاوند " سنة 21هـ/642م ، التي انتصر فيها القائد العربي الفاتح " النُعمان بن مُقّرن المُزني"  على الفرس هي معركة استثنائية في التاريخ الإنساني عبر العصور بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، وهو وما أكد عليه الخبير العسكري العراقي والمؤرخ العسكري اللواء الركن محمود شيت خطاب ، في كتابه "قادة فتح فارس وايران" ، كما أجمعوا على تسميتها : بــ " فتح الفتوح" ، على اعتبار ان "نهاوند" كانت عاصمة إمبراطورية "كسرى الأول داريوس" ، وهي المعركة التي قرر فيها الفاتحون العرب مصير الإمبراطورية الساسانية ، بتحطيمها والقضاء عليها قضاء مبرما ، فقد اجتمع في مدينة "نهاوند" اكثر من مائة وخمسين الفا بقيادة "الفيرزان"، حيث أخبر سعد بن ابي وقاص قائد معركة القادسية عمر بن الخطاب بهذا الحشد الذي جمع له الفرس ، وهو حشد عظيم ، فقرر عمر بن الخطاب ان يسير بنفسه لمعالجة هذا الخطر الداهم، الا ان أصحاب الشورى وفي مقدمتهم علي بن أبي طالب أشاروا عليه بالبقاء في المدينة على ان يرسل لهذه المهمة من يقدر عليها ، فقال عمر :" والله لأولين أمرهم رجلا يكون أول الأسنة اذا لقيها غدا ، هو "النعمان بن مقرن المزني" ، الذي أبلى بلاء كبيرا في حروب الردة ، فقالوا : هو لها ، فكتب عمر الى سعد على ما ذكره الطبري وابن الأثير ، "بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبدالله عمر أمير المؤمنين الى النعمان بن مقرن المزني ، سلام عليك ، فإني أحمد الله الذي لا اله الا هو، أما بعد : فأنه بلغني أن جموعا من الأعاجم كثيرة قد جمعوا لكم بمدينة "نهاوند" ، فإذا أتاك كتابي هذا فسر بأمر الله وبعون الله وبنصر الله لمن معك من المسلمين ، ولا توطئهم وعرا فتؤذيهم ، ولا تمنعهم حقهم فتكفرهم ، ولا تدخلهم غيضة ، فان رجلا من المسلمين أحب إليّ من مائة ألف دينار ، والسلام عليك " .
 
نشب القتال حول مدينة "نهاوند" وعلى ميمنة الجيش "الأشعث بن قيس الكندي" ، وعلى ميسرته " المغيرة بن شعبة " ، وكان القتال سجالا بين العرب والفرس يومين كاملين ، حيث كان الفرس متحصنون ، فاشار البعض على النعمان بتضييق الحصار عليهم ، والبعض أشار بمهاجمتهم ، ومنهم من رأى قتالهم ثم الإنسحاب امامهم استطرادا ليوهموا الفرس ان العرب قد انهزموا ، فأرسل النعمان القعقاع بن عمرو التميمي  على راس خيل فأنشب القتال ، فلما خرجوا من خنادقهم وحصونهم تراجع القعقاع امامهم ، فظن الفرس ان انسحاب العرب نتيجة لضعفهم في المواجهة ، فقاموا بمطاردة العرب المنسحبين ، بينما كان المسلمون على تعبئتهم ، أمر النعمان جيشه بالثبات وعدم القتال حتى يأذن لهم ، وانتظر النعمان حتى خروج قوات الفرس من حصونهم ، ثم ركب فرسه وسار في الناس ، ووقف على كل راية ، يُذكّرهم ويحُضّهم ويمنيهم النصر ، ثم قال لهم :" إني مكبر ثلاثا، فإذا كبّرت الأولى ، فليتهأ من لم يكن تهيأ ، فاذا كبّرت الثانية ، فليشد عليه سلاحه وليتأهب للنهوض ، فاذا كبّرت الثالثة ، فإني حامل ان شاء الله فأحملوا معي ، اللهم أعرز دينك وأنصر عبادك وأجعل النعمان أول شهيد اليوم على إغظاظ دينك ونصر عبادك ".
 
وهكذا استدرج النعمان الجيش الفارسي الى حرب مكشوفة خارج تحصيناتهم وخنادقهم ، ليحمل عليهم النعمان وجنوده ، فاقتتلوا بالسيوف قتالا شديدا ، ما جعل ساحات المعركة تغرق بدماء القتلى وأشلاءهم ، فزلق فرس النعمان في الدماء ، وقيل جاءه سهم  ، فخر صريحا في ارض المعركة ، ليلقى ربه شهيدا ، واستلم الراية بعده "حذيفة بن اليمان" ، واخفوا استشهاد النعمان ، وظل المسلمون يقاتلون الفرس ويطاردوهم ، فلم ينج منهم الا العدد اليسير ، وراح المسلمون يسألون عن قائدهم النعمان ، فقال لهم أخاه معقل بن مقرن المزني : "هذا أميركم قد أقرّ الله عينه بالفتح وختم له بالشهادة " ، ودخل المسلمون نهاوند فاتحين بعد هزيمة الفرس ، وكانت هذه المعركة الحاسمة سببا في انفراط عقد الدولة الساسانية والى الأبد ،  فسلام عليك يا مدينة حلب 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد