فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ (سيدنا يوسف وزليخا، ج7 من 10)ِ.

mainThumb

01-01-2020 09:21 AM

 إستكمالاً لما جاء في الجزء السادس من مقالتي السابقة والتي ناقشت الآيتين رقم 30 ورقم 31 من سورة يوسف، نتابع في هذه المقالة أحداث الآية (قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (يوسف: 32)). فعندما قطعن النسوة أيديهن ولطخن ثيابهن بدمائهن وقلن لزليخا: حاشا لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم، وبذلك يكن قد إعتذرن لزليخا عن معايرتهن لها بما فعلته مع فتاها. فقالت لهن: هذا يوسف الذي لمتنني فيه وقلتم ما قلتم عليَّ من كلام أساء لسمعتي في أكثر من مكان وأكثر من إجتماع فيما بينكن. فأنظرن ماذا فعلتن في أنفسكن؟ (قطَّعتن أيديكن ولطختن ثيابكن في دمائكن) عندما رأيتموه لأول مرة ولمجرد دقائق فقط ومر امامكن بشكل سريع. فكيف بالتي ربته وعاشت وتعاملت معه بإستمرار وشاهدت جماله وحسنه ومفاتنه وجاذبيته عن قرب وبإستمرار ... إلخ خلال السنوات الماضية؟. وإعترفت لهن بصريح العبارة وقالت: نعم، أنا التي راودته عن نفسه وأنا ما زلت شغوفه ومتيمة به ولئن لم يفعل ما آمره به وأطلبه منه وأنا مصرة على ذلك رغم ما سيحدث لي، لآمرن بسجنه (وهذا يثبت كما ذكرنا في أجزاء مقالاتنا السابقة أنها هي التي كانت صاحبة الأمر والنهي وليس العزيز). وإن رفض تنفيذ ما أطلبه منه سوف أنفذ حكمي عليه كما حكمت عليه سابقاً ورغم ظهور كل ما يبرؤه مما إتهمته به وكما يقول المثل حُكْمُ القوي على الضعيف (رغم أن يوسف كان قوياً بإيمانه وخُلُقِهِ وعفته وحفظه للمعروف للعزيز) وليوكنن من الصاغرين أي من الأذِلاَّء المهانين بعد أن كان من المعززين المكرمين في بيتي بيت عزيز مصر.

 
فإعتبرت زليخا رفض يوسف لطلبها وأمرها له في مواقعتها (وهي سيدة مصر الأولى ومن أجمل نساء مصر) إهانة لكبريائها وإساءة عظمى لها واصَرَّت على الإنتقام لنفسها منه بعد أن فضح أمرها لكل من حولها من المقربات منها وغيرهم خارج القصر وربما في مصر كلها. علماً أن يوسف لم يُهِنْهَا ولم يسيء لها بل أراد المحافظة عليها كأم له ربته ورعته في صغره وأراد المحافظة على شرف وبيت من تبناه وأحسن إليه ليكون له ولداً وهو عزيز مصر. وهذا يثبت كم غريزة الجنس قوية جداً وجامحة عند النوعين، وكيف إذا طغت الغريزة  على العقل عند الأنسان تجعل منه حيواناً في تصرفاته ولا يأبه بأي شيء لا بسمعتة ولا بمكاننه ولا بنسبه ولا بحسبه ويلغى العقل تماماً أمام إشباع الغريزة. وكما ذكرنا سابقاً أن البيوت أسرار فلربما أن وضعها العائلي مع زوجها وعلاقتها الجنسية معه كانت غير طبيعية مما أدى إلى إقدامها على هذا التحدي والإصرار في طلبها من يوسف مواقعتها وإعلان ذلك أمام النسوة وهن كما ذكرنا زوجات علية القوم، فأصرت على أن يسجن ويكون من الصاغرين. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. والغريزة عند الشباب تكون قوية جداً للغاية ولهذا سمي هذا السن بسن المراهقة والتكاثر. ولهذا أحث أولياء الأمور من النوعين الذكور والإناث بأن يعوا ويدركوا هذا الأمر جيداً وأن يسهلوا عليهم في الزواج ولا يضعوا العثرات والمُعَوِقَات حتى لا يحدث في مجتمعاتنا نحن المسلمين والعرب ما لايحمد عقباه مثل ما حدث في مجتمعات أخرى من حولنا وربما في مجتمعنا في السر والله أعلم.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد