خلاصة أجزاء المقالات من ج1 وحتى ج9 للآيات (يوسف: 23-35) (سيدنا يوسف وزليخا، ج10 من 10)ِ.

mainThumb

04-01-2020 09:05 AM

 إستكمالاً لما جاء في الجزء التاسع من مقالتي السابقة والتي ناقشت الآية  رقم 35 من سورة يوسف، نود أن نستخلص العبر والفوائد والتوجيهات التي وردت في الأجزاء من الجزء الأول إلى الجزء التاسع من سلسلة مقالاتي بخصوص الآيات من 23 وحتى 35 من سورة يوسف. إن إختيار الكلمات في كل آية كان له معناه المناسب لظروف كل حادثة فمثلاً، إختيار كلمة ... وراودته ... ولم يتم إختيار كلمة ... وحاولت معه ... أو لاحقته، فالمراوده لها معناها الكبير كما أوضحنا في المقالات السابقة. وغيرها من الكلمات مثل وَغَلَّقَتْ الأبواب ... ولم يتم إستخدام كلمة ... وَسَكَّرَتْ الأبواب ... ( ... وهمَّت به ... وهمَّ بها ... إلخ) وقد أوضحنا معاني تلك الكلمات أيضاً. ومما إستخلصناه من المقالات السابقة، أن الإنسان لا يضمن مهما خطط ودبَّر وإحتاط لأي أمر من جميع النواحي أن لا يُفْسَدَ عليه كل ذلك لسبب أو آخر. وهذا ما حدث مع إمرأة العزيز فقد فسد عليها كل ما خططت ودبرت وإحتاطت له من تغليق الأبواب وغيرها من الأمور للإيقاع بيوسف. وأن تقوى الله تُخْرِج الإنسان من أي ضيق وترزقه من حيث لا يحتسب كما تم مع سيدنا يوسف عندما أمر الله الملائكة بفتح الأبواب المغَّلقة له ورزقه بالطفل من أقارب زليخا الذي نطق ببرائته مما إتهمته به زليخا. وعلى الإنسان أن يحفظ المعروف والإحسان الذي قُدِمَ له من قبل أخيه الإنسان مهما كَبُرَ أو صَغُرَ وأن يقابل الإحسان بالإحسان (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (الرحمن: 60)).

 
وأن يتجنب الإنسان الظلم لأخيه الإنسان بأن يشهد مثلاً شهادة زور أو يتهم أخوه الإنسان بتهمة باطله أو يكتم شهادة الحق ... إلخ، ونخص هنا القضاة والحكام الذين بأيديهم الحكم وتنفيذ الحكم على الناس مثل زليخا، لأن الظلم مرتعه وخيم. وكما روى الرسول عليه الصلاة والسلام عن ربِّ العالمين ورواه أبي ذر: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ... إلخ. وأن يبتعد الإنسان عن الكذب نهائياً لأن الكذب من أخطر الآفات على المجتمع لأنه يؤدي إلى تدمير الثقة بين الناس ويجعل الحياة جحيم، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا. وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا، وكان حبل كذب زليخا قصيراً جداً بشهادة الطفل الذي هو من أقاربها ضدها. إن الغيرة والكيد والحقد والحسد موجودة بين النساء والرجال منذ الأزل ولا ننسى قصة قابيل وهابيل، ويتضح هنا  أن النسوة المقرَّبات من زليخا أطلقوا ألسنتهن بالنم وبإستغابة زليخا في بيوتهن وفي كل مكان يجتمعن فيه رغم أنها لم تسيء لأي منهن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (الحجرات: 12)). مما إضطر زليخا أن تكيد لهن فكادت لهن أعظم مما كادوا لها فجعلتهن يُقَطِّعْنَ أيديهن ويلطخن أجمل ما عندهن من ثياب بدمائهن، وأن يعتذرن لها عما قالوه عنها. وجعلتهن يشاركنها. وهكذا مكر النسوة بزليخا ومكرت زليخا بهن ومكرن ببعضهن البعض ولحق بهن وبأزواجهن جميعاً سوء السمعة وعلى الملأ أجمع (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (فاطر: 43)).
 
وعلى الإنسان أن لا يُجَاهِرَ بالسوء والفحشاء كما فعلت زليخا عندما قالت ... فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه وأن لا يستغل منصبه ومكانته ووظيفته وجبروته في ظلم الآخرين كما فعلت زليخا وقالت ... ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين لأن الله أكبر من كل كبير. وأن يلجأ الإنسان في أي ضيق أو مأزق إلى الله لأنه على كل شيء قدير، كما فعل يوسف وقال: ربِّ السجن أحب إليَّ مما يدعونني إليه وإلاَّ تصرف عني كيدهن أصبو إليهن وأكن من الجاهلين (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ(البقرة: 107)). فالعفة والحشمة والحياء مطلوب عند الرجال والنساء على حدٍ سواء ولكنه مطلوب أكثر عند النساء (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (النور: 60)). وليعلم كل إنسان أن رحلة العمر قصيرة مهما طال فيها العمر ومرجعنا جميعاً إلى الله وسيحاسب الله كل إنسان على أفعالة وأعماله ولا ينفعه عند الله لا عشيرته ولا عائلتة ولا حزبه ولا منصبه ولا صُحْبَتُهُ ... إلخ كما قال الله تعالي (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (البقرة: 281)). وليس هناك أزكى ولا أهنأ ولا أطيب ولا أنقى ولا أطهر ... من الحلال. وبهذه المقالة نختتم سلسلة مقالات سيدنا يوسف عليه السلام والسيدة زليخا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد