كورونا(كوفيد 19) المحارب الجديد

mainThumb

29-02-2020 04:34 PM

    فيروس الكورونا كغيره من الفيروسات هو شيفرة وراثية أحادية، محاطة بغشاء بروتيني، غير قادر على التكاثر أو اظهار أي من مظاهر الحياة، ولكن هذا البدائي بغريزته يبحث عن التكاثر، ولا بد له من وسيط، وهو الجينات والشيفرات الوراثية للكائنات الحية، حيث يعمد للسيطرة عليها لتبدأ هي بدورها انتاج الفيروس ليتكاثر، وهذه الحرب بين الخلية البشرية وبين الفيروسات مستمرة على مدار الساعة، وفي جميع الأحوال.
 
       وحتى نبسط الأمور، لنتخيل الفيروسات كفرسان، لكنها دون عقل ولا تفكير، وإنما هناك غريزة تقودها نحو معاركها، قال تعالى: { مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } (سورة هود 56). تحاصر قلعة كبيرة عظيمة هي الخلية البشرية، تحاول تخطي جدار القلعة للوصول إلى غرفة القيادة والتحكم فيها، إلا أن الجدار القوي للقلعة، وفرسان الحماية فيها، تقتلها وتمنعها من الدخول، وفي خضم هذه المعركة مع ذلك العدد الهائل من الفيروسات، يستطيع أحدها استغلال نقطة ضعف في جدار القلعة والولوج إلى داخلها.
 
       وفي الداخل يواجه هذا العدو الدخيل حربا شعواء من فرسان القلعة وحاميتها، فتقتله مباشرة، إلا أن أحدها يستطيع التخفي خلف حمّال ضخم من عمال القلعة، والذين يحملون ما يلزم نحو غرفة القيادة، فيحمله هذا الحمّال على أنه فرد من أفراد القلعة، حتى يحط به الرحال عند غرفة القيادة والتحكم وهي نواة الخلية، وهناك يوجد جدار ضخم يحيط بالغرفة يصعب تجاوزه مع وجود أنظمة حماية متطورة تمنع دخول أي غريب، قال تعالى: { وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ، وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } (سورة الذاريات 20 - 21).
 
       فيلجأ الفيروس العدو إلى عملية انتحارية حتى يستطيع الدخول، يقوم بتفجير نفسه وتفكيك الشفيرات الوراثية له إلى جسيمات صغيرة جدا، تستطيع عبور الجدار الضخم وكل أنظمة الحماية، وفي داخل غرفة التحكم هناك، تترابط تلك الشفيرات المفككة من جديد للفيروس، ومباشرة تسيطر على قيادة التحكم والتصنيع في غرفة القيادة، وتبدأ الخلية البشرية بتصنيع شفيرات الفيروس بدلا من تصنيع الشفيرات الخاصة بالخلية البشرية، وهكذا يبدأ الفيروس بالتكاثر داخل الخلية، وبأعداد هائلة، فتصبح الخلية كلها تحت سيطرة العدو، والذي يبدأ بالخروج من هذه القلعة إلى القلاع الأخرى للسيطرة عليها.
 
فتبعث هذه القلعة نداء استغاثة إلى قلاع الحماية الأخرى والمسؤولة عن مناعة الجسم ومحاربة الأعداء، فتبدأ بحصار القلعة المحتلة وتدمرها، إلا أن بعض القلاع المحتلة لا تُدمر لكثرة ما احتل مع وتوسع دائرة الحرب، فتقوم بعض القلاع المجاورة السليمة غير المحتلة بعمليات انتحارية، حيث تدمر نفسها لتمنع الفيروس من استغلالها، ولتعمل على تثبيط حركته نحو القلاع الأخرى، سياسة الأرض المحروقة، وهنا يبدأ أعراض المرض بالظهور، فالخلايا الميتة، وتلك التي يهاجمها الجهاز المناعي، تصبح مستنقع وبيئة مرض، فيظهر الالتهاب الرئوي، والذي يؤثر على عمل الرئة في تبادل الغازات، ادخال الأوكسجين للدم والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، ومع استمرار هذه العملية وخصوصا في الأشخاص ذوي المناعة المنخفضة؛ كبار السن، الأطفال، المصابين بأمراض مزمنة، يؤدي ذلك إلى فشل في التنفس، وبما أن أجهزة الجسم مترابطة مع بعضها بعضا، فإن الفشل قد يطال اجهزة أخرى؛ كالكلى والقلب وغيرها، مما يؤدي إلى توقفها عن العمل وبالتالي الوفاة.
 
وإذا فاز جهاز المناعة في الجسم، واستطاع القضاء على الفيروس، فإنه يتم الاحتفاظ بصورة عن هذا الفيروس، والمواد التي طورها الجسم من مضادات للقضاء عليه، فبمجرد ما يدخل الجسم مرة أخرى، مباشرة يتم التعرف عليه من قبل جهاز الاستخبارات في جهاز المناعة، ويتم القضاء عليه.
 
فيقوم الفيروس بعد ذلك بتطوير شفيرة وراثية جديدة، ليبدأ محارب جديد في تلك الحرب المستمرة عبر الأزمنة، قال تعالى: { وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ } (سورة النحل 8). ويبدأ انتشار طاعون جديد يقتل البشر، يرسله الله متى ما يريد، عند انتشار الفواحش والإعلان بها، قال صلى الله عليه وسلم: " لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا"، والفاحشة قد عمّت الكون وانتشرت علانية نهارا جهارا.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد