بَوْحُ الدُمُوعِ في حَضْرَة الرَّاحِلينْ
أخي الحَبيب الغَالي عبد الكريم " أبو عَلاء " طَيَّبَ اللهُ ثرَاكَ وأسْكَنكَ فَسِيحَ الجِنَان .
أحْببَتُ أنْ أخَاطبَكَ كأنَّكَ أمَامِي، أو كأنَّك تَقرأُ حُرُوفي وَكلمَاتِي، أكتُبُ إليكَ في زَحمَةِ آلامِي وأشجَانِي، وألَمُ الفِراقِ يَهزُّ أعمَاقَ الفُؤادِ وَهو يَبثُّ شَكوَاه الحَزينةَ، يُشَارِكُني الأَسَى لَيْلٌ طَويلٌ، حَيْثُ الشَوْقُ المُتعَبُ، وَالحُزنُ المُتدَفِقُ وَالحَنينُ المَوجُوعُ، أكتُبُ إليَكَ وَصَّمْتي مِثلُ آلامي ثَقِيلٌ، وَمَشهَدُ يَومِ الرَّحيلِ بكلِّ تَفاصِيلهِ المُؤلمةِ يَقتحِمُ عَليَّ المَكانَ، إرْتجَفَ القَلَمُ وَتجَمَّدَت الحُرُوفُ وَتاهَتْ أمَامَ جَلالِ وَعَظمَةِ الذِكّْرَى المُؤلمِةِ، فَحَجْمُ الفَاجِعَةِ أكْبرُ مِنْ أنْ تَسْتَوعبَها الصَّفَحاتُ أو أنْ تَجتَهدَ في وَصْفِها الكَلمَاتُ.
عَامٌ مَرَّ وانقَضَى عَلى فِرَاقكَ أيُّها الحَبيبُ، مَرَّ ثَقِيلاً، أيامُهُ كلُّهَا تُذَكِرُّنا بيوم الَرَّحيلِ الحَزين، حَيثُ خيَّمَ عَليَنا الحُزنُ وَأُوصِدَتْ أبْوابُ الفَرَح، يَومٌ ارتَجَفتْ فِيهِ الأبْدَان وَخَنقتنا العَبرَاتْ، تعبَتْ فِيهِ الأنفَاسُ، وَتاهَتْ الكَلمَاتْ، ليُصْبحَ الصَّمْتُ المُطبِقُ صَاحِبَ الْكَلمةِ وَسَيَّدَ المَكَانِ، وَترحَلَ أَنْتَ بِهدُوءٍ لتَسْمُو إلى الْعُلا تَارِكاً لَنا الدُّنيا بما فِيها مِن صَخَبٍ وَضَجَرٍ، يَومَ غَابَ عَنَّا وَجْهُكَ الوَضَّاءُ، وَتوقَفَ نَبْضُ قَلبِكَ الطَّيب وَأنفَاسُكَ الْزكّيَةُ، وَفَاضَتْ الى بَارئهَا رُوحُكَ الطَّاهرةُ النَقيَّةُ، لِتُظْلِمَ بِغيَابِكَ عَلينَا الدُّنَيا وَتتبَعثرُ دَقَّاتُ قُلوبِنَا وَيتشتتُ مَا تبَقَى مِنْ أروَاحِنَا.
بَكينَاكَ حَتّى جَفَّتْ الدُمُوعُ وَتفطَّرتُ الأفئِدَةُ، فَبَوحُ الدُمُوعِ عَميقٌ حينَ تتعَبُ الْمَآقِي وَتذْبَلُ العُيُونْ، وَاليَومَ يَتجَدَّدُ الحُزنُ وَالألَمُ على فِراقِكَ كمَا هِي كُلُّ الأيَّامِ مُنذُ لَحَظاتِ الرَّحِيلِ، تمُرُّ عَلينا قَاسيَّةً ثَقيلَةً، الأشياءُ كلُّهُا مِن حَولِنا حَزينةٌ والفَرحَةُ تَائِهةٌ، رَحَلْتَ وَمَا زَالتْ قُلُوبُنا تنزِفُ مِن ألَمِ الِفراقِ، رَحَلْتَ جَسَداً وَرُوحُكَ بَيننا حَاضِرةٌ، وِكَلمَاتُك في أذهَاننِا بَاقيةٌ، لِمَـاذا تَرَكتَنـا وَرَحَلْتَ أيُّها الحَبيب؟ فَنَحنُ بِحَاجةٍ اليكَ، نَشُدُّ عَضُدَنا بكَ كلَّما ألَمَّ بنا خَطْبٌ أو قَسَتْ عَليْنَا الحَياةُ.
ألَمْ تكْفِكَ أدْمُعُنا كَي تَعـُودْ؟ مَضيْتَ وقُلُوبُنا تَلتَوي وَهُمُومُنا سَكَنتْ ثَقيلةً في الصُّدورِ ودُمُوعُنا المَثكُولةُ بفَقدِكَ لا تتوَقفْ، وَدَّعنَاكَ وَفي أعمَاقِنا حَسَراتٌ يُخفِي مَواجعَها الصَبرُ والسُلوان، وَخَيالاتُنا ما زَالَتْ تُناجِي طَيفكَ وَتبحَثُ عَنكَ فِي كُلِّ مَكانٍ خَطَتْ فِيهِ قَدَمَاكَ ثَرَى الأردّنِ الطَهُورْ، حَيثُ مَضَتْ سنَواتُ عُمُرِكَ في عَطاءٍ، تُؤدِّي رِسَالتَكَ جُنديَّاً مُخلِصَاً نَذرَ نَفسَه لخِدمةِ الوَطنِ حَتى اختَطَفتكَ يَدُ المَنُونِ مُترَجِلاً، تُعانقُ ذُرَى المَجدِ والفَخَارِ حتّى آخَرِ لَحَظاتِ عُمُرِكَ الحَافِل بالعَطاءِ الذَّي بِمثلهِ يَسْمُو الْرِجَال.
كُلَّمَا أغْمَضتُ عُيُوني تُطَاردُني الذِكرَياتُ، انتَظرُ طَيفكَ في رُؤيا علَّها تُهدِّئُ نَفسِيَ المُرهَقةَ، وَرُوحِيَ الغَارقةَ في بُحُورِ الأسَّى واللَّوَعةِ تُلاحِقُ كُلَّ صَدَى في الأُفُقِ البَعِيدِ عَلَّه يَكُونُ صَوتُكَ ايُّها الحَبيب، فِي كُلِّ يَومٍ أسترجِعُ الزَمنَ البَعيدَ ليُذكّرُني بِعَبقكَ يا مَن عِشتَ، نَقيَّاً، ليَّناً،شَهْمَاً وَمِعطاءً ، رَحلتَ بهُدوءٍ وأنتَ مُحمَّلٌ بالعزِّة والكَرَامةِ وأبقَيتَ لنَا ذِكرَاكَ العَطِرةَ وَطِيبتكَ وَسُموَّ خُلُقِكَ آثاراً تُخَفِفُ عَنَّا مَا يُصيبُنَا مِن ألَمِ وَلَوْعَةِ الفِرَاق.
ضَحِكاتُكَ الغَائبَةُ كَانتْ تَمْلأُ عَليَنا المَكانَ وتمُدُنا بالبَهجةِ والفَرَحِ .. هُنا مَا تبَقى مِنْ رِيشتكَ وألوانِكَ وأنتَ ترسُمُ لَنا لَوْحَاتِ الفَرَحِ والتي مَا زَالتَ تَحتَضنُهَا البُيوتُ وتُعَانقُها الجُدرَانِ، هُنا كُتُبكَ ..هُنا ذِكريَاتُكَ التي خَطَّها قَلمُكَ المُبدِعُ وَهُنا ... وَهُنا ... وَهُنا...تَركتَ أشياءَك كلَّهَا شاهِدةً على إبْدَاعِكَ، تَركْتهَا تُحَاكي المَكانَ لِتَروِي لَنَا مَاضِيكَ الجَميلْ ، فَقدُكَ يُؤلمُني، وَشَوقـي اليك أصْبَحَ مُتعَبُاً، وَالعَينُ مَا زَالتْ تَذرِفُ أحْزانَها، فَأنتَ قَد رَحلْتَ عنَّا وَلَمْ تَرحَل مِنَّا، وَسَتبقى تَسْكُنُ في حَنَايَا القَلبِ وَخَلَجَاتِ النَّفسِ وَثنَايَا الرُّوحِ .
نَمْ قرَيرَ العَينِ أخي الحَبيب، فَامْتدَادُ ذَلكَ الأثرُ الطَّيبُ مِن أبْنائِكَ يَشهدُ لَكمْ وَيُعَزِّينا، لَقدْ زَرَعْتَ فِيهم القِيمَ النَبيلةَ، وَأورَثتهُمُ الكِبريَاءَ والعُنفُوانَ والأخْلاقَ الحَميدةَ، والتَواضعَ والإيثارَ وحُبَّ النَّاسِ، وَصِلةَ الرَّحمِ، سلَّحْتهَم جَميعَهم بالعِلمِ، يَشُقُّونَ طَريقَهَم فِي الحَياةِ بثبَاتْ، كُنتَ ومَا زلْتَ مَصْدَرَ فَخْرٍ واعْتزازٍ لَهُم، عَلى نَهجِكَ سَائِرونَ، يَرفَعُونَ رُؤوسَهم مُعْتزِين بِذكْرِكُم الطَّيبِ وَسِيرتِكُم العَطرِة،
أخي الحَبيب ، لَقَدْ رَحَلْتَ عَنَّا شَامِخَاً وَلَقيتَ رَبَّ العَالمَينَ مُطيعَاً، لَنْ أقوُلَ لَكَ وَدَاعَاً لأنَّهَا لَيسَتْ الحَقيقةُ، سَأقولُ لَكَ إنَّ لقاءَنا عِندَ مَليكٍ مُقتدرٍ، مَالكِ الدُّنيا والأَخرِةَ فأَنَا قَادِمٌ للقائِكَ وَلو بَعدَ حينٍ أيُّها الغَائبُ الحَاضِرُ ، وأسْألُ اللهَ أنْ يَجعَلني مِنَ الصَّابرينَ المُحتسِبين، وأنْ يَجَمَعَني بِكَ فِي جَنَّاتِه عَلى سُرُرٍ مُتقَابلينْ عِندَ رَحْمَنٍ رَحِيمٍ.
ولا أقوُلُ الاّ مَا يُرضِي ربَّنَا " إنَّا للهِ وإنَّا الَيْهِ رَاجِعُونَ "
إعلام عبري: المقترح الذي وافقت عليه حماس غير مقبول
رابط أرقام الجلوس لطلبة التوجيهي
الأردن على موعد مع أجواء خماسينية حارة وجافة
حماس توافق على المقترح القطري والمصري بوقف إطلاق النار
بايدن بحث مع نتنياهو اجتياح رفح خلال مكالمة هاتفية
الأردنية تبرم مذكرات تفاهم مع نظيراتها الكردستانية
تقرير:مصر ترفع مستوى التأهب العسكري شمال سيناء
القسام:استهدفنا قيادة جيش الاحتلال بنتساريم بالصواريخ
اكتشاف حقل غاز ضخم جديد في دولة عربية
اللواء أحمد العوضي:مصر لديها رئيس لن يتهاون بحماية الأمن القومي
ارتفاع التخليص على السيارات الكهربائية وانخفاض البنزين
المركزي يطرح الإصدار رقم 1 لعام 2024 من أذونات الخزينة
مطلوبون لدفع مستحقات مالية .. أسماء
المستفيدون من صندوق الاسكان العسكري لشهر 5 .. أسماء
قرار المحكمة بحق شخص زوّر أوراق نقل ملكية أرض
هل منع الأردن دخول سيارات الكهرباء ذات البطاريات الصلبة
استمرار جدل انخفاض أسعار المركبات الكهربائية .. توضيحات
تحديد أسعار الدجاج في المملكة .. تفاصيل
اكتشاف موقع أثري جديد في جرش .. تفاصيل
إرادة ملكية بحصول شخصيات على ميدالية اليوبيل الفضي
هام من التربية لأولياء الأمور .. تفاصيل
الصناعة والتجارة تحدد سقوفًا سعرية للدجاج ابتداءً من الجمعة
جنود إسرائيليون يرتدون فساتين نساء غزة .. صورة
حالة الطقس من الخميس إلى الأحد .. تفاصيل