رسالة الى المركز الوطني لحقوق الإنسان

mainThumb

26-08-2020 10:52 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

عطوفة الدكتور رحيل الغرايبة رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان المحترم
عطوفة السيد علاء العرموطي المفوض العام لحقوق الإنسان في الأردن المحترم

بعد التحية..

أتوجه إليكم بهذا الخطاب بخصوص المواطن الأردني (معاذ علي طلب وحشة) من محافظة عجلون والموقوف إداريًا دون تهمة منذ ١٥ يومًا والمضرب عن الطعام منذ تاريخ توقيفه وحالته الصحية تسوء وحياته الآن في خطر.

لا شك أنكم في المركز الوطني لحقوق الإنسان تدركون أن عدد معتقلي الرأي في الأردن هذا العام قد تجاوز كل الحدود وشهد سجل حقوق الإنسان تراجعًا غير مسبوقا وتعرضت حقوق الإنسان لانتهاكات جسيمة بشكل عام، كما ألحق ضررًا بالغًا بحرية الرأي والتعبير على وجه الخصوص، إضافة إلى بقية الحقوق الطبيعية المشروعة وفق الدستور الأردني باعتباره الضمانة الأعلى والأسمى لحقوق الإنسان، وكذلك وفق المعايير الدولية والمعاهدات ذات العلاقة بحقوق الإنسان والتي صادق عليها الأردن وينبغي أن يلتزم بها، ولا نجافي الحقيقة إذا وصفنا حالة حقوق الإنسان اليوم في الأردن وفي ظل قانون الدفاع بـ"أسوء حالاتها في عهد حكومة الرزاز (رئيس الوزراء)، منذ تولي الملك عبدالله سلطاته الدستورية (7 فبراير/ شباط 1999)".

وكما تعلمون فإن هذا لا يخدم مصلحة الأردن على الإطلاق؛ لأنه إذا كان هناك نية للإصلاح ومكافحة الفساد، فالمدخل الأساسي للإصلاح المنشود هو احترام حقوق الإنسان وحرياته والأصل أو المعيار في اتخاذ القرار أو رسم السياسات العامة هو المصلحة الوطنية للاردن، فما هي مصلحة الأردن في أن يكون لديه سجل سيء فيما يتعلق بحقوق الإنسان في ظل جائحة كورونا أو في أي ظرف اخر؟ كلنا نعلم أن الدول المانحة والمقدمة للمساعدات والمنح والقروض منذ فترة طويلة تربط مساهمتها للدول المستفيدة ومنها الأردن بحالة حقوق الإنسان، فهل إذلال الأردنيين وسجنهم وكسر إرادتهم وتجويعهم وإفقارهم يساعد في كسب تعاطف الدول المانحة مثلًا..!

وإذا كان الأردن على أبواب استحقاق دستوري يتمثل في إجراء الانتخابات النيابية في الأيام القادمة وتكريس مسيرة الديمقراطية والمشاركة السياسية فإن إطلاق سراح معتقلي الرأي يصبح ضرورة ومصلحة وطنية إلا إذا كانت المشاركة والانتخابات ومجلس النواب ديكور لديمقراطية زائفة، عندها يصبح الاستبداد والتسلط أقل ضررا من الديمقراطية الزائفة، حيث أنه لا مجال للحديث عن إصلاح سياسي أو مكافحة فساد في ضوء ممارسات الحكومة والأجهزة الأمنية بتقييد الحريات والمغالاة في الاعتقالات، مما ينعكس سلبًا على حرية الإنسان في الأردن ويقوض الجهود المبذولة لتحسين حالة حقوق الإنسان والتي يقوم بها المركز الوطني لحقوق الإنسان، إلا إذا كان وجود المركز أيضًا مجرد ديكور لإضفاء مسحة من الحقوق والحريات على نهج قمعي وتسلطي..؟! وهل هذه السياسات من متطلبات بناء دولة القانون والمؤسسات التي تليق بهذا الشعب والتي ينادي بها الملك عبدالله الثاني..!؟

تعلمون بالأصل أن التوقيف كإجراء قانوني احترازي يكون من خلال القضاء، وقد تشدد المشرع في حالات التوقيف بحيث لا يكون إلا لخدمة المصلحة العامة ولتحقيق العدالة
وما نشهده من اعتقالات غير مبرر , وخصوصا عندما لا يشكل معتقلي الرأي خطرًا على أمن وسلامة المجتمع، فهم ذوات محترمين وليس لديهم أية سوابق، وربما يتم تبرئتهم أمام القضاء عند تحويلهم إلى المحاكمة، وبالتالي يصبح توقيفهم نوع من التعسف باستخدام السلطة وخصوصًا في حالة معاذ وحشة الموقوف إداريًا ودون توجيه تهمة له.

لدينا ثقة مطلقة بالقضاء الأردني النزيه والمستقل وهو الضمانة الأكيدة لاحترام حقوق الإنسان وحرياته، والخطاب السياسي والرسمي للدولة الأردنية يؤكد على أننا دولة الحق والعدل والقانون والمؤسسات ومجتمع المساواة والمواطنة والتعددية والتسامح .

وبالتالي لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يصمت المركز الوطني لحقوق الإنسان على قضية المواطن معاذ وحشة وكافة معتقلي الرأي في البلاد إزاء ما نشهده هذه الأيام من انفراد السلطة التنفيذية بالرأي والقرار، واحتكار السلطة وإساءة استعمالها وسوء الاىتمان عليها بحيث يعتبر انتقاد الحكومة ومخالفتها نوع من مخالفة القانون ويتم اعتقال المنتقدين أو أصحاب الرأي الآخر المختلف .

إننا نعبر عن حزننا وقلقنا العميق لما يجري في البلاد من ممارسات قمعية وخصوصًا من بعض الحكام الإداريين واستخدام قانون الدفاع بشكل مخالف للدستور وأننا نعتبر هذا الطراز من المسؤولين ليسوا بمستوى المسؤولية، وأصغر بكثير من المواقع التي يشغلونها، ولا يتصرفون بمسؤولية تنم على أنهم رجال دولة وهذه حالة غير مسبوقة في تاريخ الدولة الأردنية. ونؤكد على أن اعتذار الحكومة عن بعضهم غير كاف ولابد من المحاسبة أن لم تحاسبهم ضماىرهم الوطنية فيرحلوا بصمت .

نراهن رغم كل التحديات أن يكون المركز الوطني لحقوق الإنسان في هذه المرحلة الصعبة صاحب كلمة الحق وله موقف حازم ، وكلنا أمل بأن نتخطَى هذه الحقبة المريرة على البلاد والعباد من خلال جهود كل المخلصين ومنهم مركزكم الذي عهدناه منذ تأسيسه سندًا للمظلوم والإنسان وبخلاف ذالك فإننا نخشى أن يكون المركز فقد الرؤية والرسالة وأصبح لا قدر اللهو يكون شاهد زور ولايقوم بالدور المنوط به ولا يتحمل القاىمون عليه المسؤولية فإذا كانت توصيات المركز ونداؤاته لا تحد آذانا صاغية من اصحاب القرار فإن البقاء فيه يتنافى مع الواجب الوطني والإنساني.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد