هل سنشهد إطلاقاً للحريات العامة ؟!

mainThumb

25-02-2021 02:59 PM

شهدت الحريات الأساسية في بلادنا تراجعاً وتعدياً غير مسبوقٍ خلال السنوات الماضية، ساهمت في تقييد حرية الصحافة، ووضع أصحاب الرأي في مواجهة خطر النصوص القانونية المتناثرة في التشريعات المختلفة، التي تنص على الحبس والغرامات العالية بقضايا القدح أو الذم  وغيرها، والتي يختلط فيها الحد الفاصل بينها وبين النقد البناء .
 
فمن المؤسف، أن يحتل الأردن ونحن في عصر الديمقراطية والحداثة والفضاء الالكتروني، مراتب متدنية في مقياس الحريات العامة، ووفق منظمة مراسلين بلا حدود، فقد احتل الاردن المرتبة 128 على مؤشر حرية الصحافة لعام 2020 ، وصنفت المملكة وفق تقرير منظمة بيت الحرية " فريدم هاوس" على أنها دولة حرة "جزئياً".. !.
 
فرغم أنه لدينا نصوصاً دستورية رائدة ومتطورة في مجال الحريات، لكن في المقابل توجد تشريعات تناقض النصوص الدستورية، خاصة المادة 15/1  التي نصت على أن:"تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون"، والمادة 128/1  تنص على أن "لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها ".
 
فابتداء من قانون الجرائم الالكترونية وما نصت عليه المادة 11 التي شكلت تراجعاً لما نص عليه قانون المطبوعات والنشر من حظر حبس الصحفيين بقضايا النشر، ومروراً بقانون منع الارهاب والذي بموجبه قد يصبح الصحفي إرهابياً بسبب عمله (....) وإنتهاءً بما تسعى إليه الآن مؤسساتنا التشريعية الى وضع قيد جديد في مشروع قانون النزاهة ومكافحة الفساد  على حرية الصحافة، فمسلسل القيود والإنغلاق مستمر دون توقف .. !
 
وبعد الرسالة الملكية الى مدير المخابرات العامة، نعتقد أنه آن الأوان لإطلاق الحريات العامة،  وفتح حوار وطني مع مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب وإحداث اصلاحات تشريعية حقيقية تنسجم مع روح الدستور، فالرسالة أيضاً وإن وجهت للمخابرات العامة، فهي تخاطب مؤسسات الدولة كافة، على أن تقوم بواجباتها الآن على أكمل وجه وبكل فعالية دون عوائق أو وصاية أو تدخل .
 
ولانهاء مسألة توقيف الصحفيين بقضايا النشر، ندعو إلى إجراء تعديل دستوري ينص على منع حبس الصحفيين في قضايا النشر، وافراد فصلاً متعلقا بالصحافة كما جاء في  الدستور المصري لعام 1971 الذي أبرم قبل خمسين عاماً وسماها سلطة الصحافة، وهنا نكون قد وضعنا حداً لهذه المسألة، وحصّنا الصحفي من شبح الحبس، وأوجدنا نصاً دستورياً حضارياً ومتقدماً .
 
ففي الوقت الذي نحتفل فيه بمئوية الدولة الأردنية، نتطلع اليوم إلى إصلاحات تشريعية حقيقية ننادي بها منذ عشرات السنين، ترفع من سقف الحريات الصحفية والعامة، بما ينسجم مع روح الدستور والمواثيق والمعاهدات والمبادئ الدولية الموقعة عليها المملكة.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد