هرمنا .. هل هزمنا ؟

mainThumb

02-01-2022 04:03 PM

منذ أيام وأنا أحاول الكتابة، فهي توأم الروح التي تمنحني القوة، إلا أن مدا لبحر اليأس يلامس أطرافي، فتقشعر لذلك كل أركاني، فانتفض مصارعا موجه العاتي، راكضا نحو منارة الأمل، متسلقا نحو ضوئها الذي تعصف به رياح الجنون، محاولا أن أمسك دفته، علّي أضيء الدرب لتلك السفن التائهة في بحره اللجي.
الظلام يزحف نحو كل زاوية من زوايا العالم اليوم، ظلمات بعضها فوق بعض، حرب على الفطرة والأخلاق والفضيلة، ويكأن الشيطان يقود دفة الأرض، { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا } (سورة الإسراء 62)، الظلم يسود، والشذوذ يقود، والبؤساء يزدادون بؤسا وألما.
وفي عالمي العربي، حرب ودمار، نزوح وانهيار، حتى صارت أمنية الأطفال خيمة تقيهم المطر والصقيع، هرولة نحو التطبيع مع القاتل المغتصب، وسباق نحو التجديف عكس التيار لتسيهل دفة الشيطان.
وفي وطني فقر وبطالة، غلاء وقهر، وتراجع في كل مناحي منظومة الخدمات، وتخبط في ميزان الحقوق والواجبات، والتيار العالمي والعربي السائد اليوم يجرف معه زورق وطني نحو منحدر الشلال المتسارع الجارف.
أعلم أن الأمر بيد الله يغير من حال إلى حال في لحظات، فسحرة فرعون تحولوا من جنود للظالم والظلام، إلى مؤمنين صابرين شهداء، وبنو إسرائيل وقد رأوا كل معجزات موسى عليه السلام، وبعد أن نجاهم الله من فرعون وجنده، انقلبوا من مؤمنين موحدين إلى كفرة مشركين عبدة للعجل.
والقدس بعد أن حررها صلاح الدين بآلاف الشهداء، عاد الملك الكامل ابن أخ صلاح الدين، حاكم مصر آنذاك وتنازل عن القدس للصليبين، مقابل دعمهم له لتثبيت حكمه، ومن ثم حررها ولده الملك الصالح، ابن أخ المجاهد المحرر يخون، ومن صلبه يكون مجاهد ومحرر آخر.
جلال الدين أكبر، سلطان الامبراطورية المغولية الإسلامية التي حكمت شبه القارة الهندية وما حولها، نشر الإسلام في البلاد، ثم وقع في حب فتاة هندوسية، فأخترع ديانة جديدة أطلق عليها الدين الإلهي، تضم تعاليم اسلامية وووثنية، إلى أن جاء حفيده السلطان عالم كير، وأعاد النصرة لدين الله، وكان بمثابة خليفة راشد من حيث العدل والقوة والتمكين.
وهكذا فإن التاريخ مليء بالأمثلة على التغير من حال إلى حال، بأمر الله عز وجل، فلا يأس مع قدرة الله، نعم... هرمنا... وظننا بأننا هزمنا، إلا أن النصر بين طيات ما نظنه هزيمة، والأمل شمس تكاد تشرق من ظلمة المكان، والله غالب على أمره.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد