آفة التعذيب في دولنا العربية
الصور المرعبة التي تظهر جسدا تعرض»لضرب وحشي وجلد لم يترك مكاناً في الجثة من دون جروح وكدمات» لم تمر دون أن تثير، ككل مرة في حالات عديدة مشابهة، موجة استنكار واسعة لكنها لم تمر، ككل مرة كذلك، دون أن نرى فيها تكرارا لنفي السردية البائسة مع ما يصحبها من نفس الملاحظات المريرة.
تبدأ القصة دائما بمحاولة أوّلية يائسة لنفي أن الضحية مات نتيجة التعذيب فالضحايا في مثل هذه الحالات يموتون دائما نتيجة أزمة قلبية أو قصور حاد في التنفس أو مضاعفات مرض مزمن وأحيانا حتى انتحار، المهم أن من مات لم يمت نتيجة أساليب وحشية قروسطية تدل على سقوط أخلاقي ونفسي وسياسي رهيب.
وعندما تتسرب الصور أو تتواتر شهادات الأهالي أو الأطباء عن أن آثار تعذيب لاتطاق هي من أدت إلى الوفاة، تنطلق فورا سلسلة أخرى من الأكاذيب الرثة المفضوحة من قبيل الادعاء بأن الضحية إرهابي خطير ينتمي إلى خلية مسلحة قامت أو تنوي القيام بسلسلة من التفجيرات والعمليات، أو أنه عميل للمخابرات الإسرائيلية أو الأمريكية وهي التهمة المفضّلة لسنوات طويلة لدى دول»المقاومة والممانعة». كلام بالكاد يخفي القول إن الضحية يستحق ما جرى له وهو بالتالي ليس أهلا لأي تضامن ناهيك أن تصل الأمور إلى التنديد بما تعرّض له، مع أن أي معتقل جنائيا كان أو سياسيا أو حتى إرهابيا يظل في النهاية إنسانا تجب مراعاته وفق القانون والمعاهدات الدولية التي تحرّم وتجرّم التعذيب وكل المعاملات المسيئة والمهينة.
وتتواصل عادة حلقات الكذب والتذاكي عبر القول بأن تحقيقا فُتح في الحادثة وستتم محاسبة المذنبين، ثم لا نسمع شيئا على الإطلاق عن نتائج هذا التحقيق ولا عن إحالة هؤلاء إلى العدالة، وفي أحسن الحالات قد تتردد أنباء عن إعفائهم من خططهم الأمنية والتحقيقية ليس أكثر في إفلات رهيب من المحاسبة والعقاب.
لا فائدة هنا في ذكر قائمة الدول العربية التي تعمل بهذا «الدليل» في كل حالات التعذيب، لكن ذلك لا يمنع من القول إن تقارير المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان غالبا ما دأبت على ذكر دول بعينها تفشت فيها، قديما أو حديثا أو كليهما، ممارسات منهجية ثابتة من التعذيب حتى باتت سمة ملازمة في وصف ظروف الايقاف والتحقيق والسجن في هذه الدول.
وقد وصلت الأمور في بعض الحالات، كما حدث في مصر هذا العام، أن تجري التحقيقات والملاحقات مع من سرّب فيديوهات عن إحدى حالات التعذيب وليس عن ممارسيه، مما حدا بفيليب لوثر، مدير البحوث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «منظمة العفو الدولية» إلى التصريح ساخطا بالقول إنه «من المشين وغير المنطقي أنّ ردّ فعل السلطات المصرية على هذا الفيديو كان معاقبة الضحايا، وبعض أصدقائهم، بدلاً من التحقيق فوراً مع أولئك الذين ظهروا في الفيديو، في تجسيد صارخ لوباء التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مصر» معتبرا مثل هذا التصرف «مشهدا آخر من مهزلة إنكار السلطات بوقاحة لارتكاب أي مخالفات، وقمع أصوات الضحايا الذين يتجرؤون على المطالبة بتحقيق العدالة» وهو ما يحدث في مصر وفي غيرها.
ما يزيد من مرارة كل ذلك قول الكثيرين بأن ما تشهده غرف التحقيق العربية و«إبداع» جلاّديها إنما هو أقسى بكثير مما تعرفه التحقيقات الإسرائيلية التي، على بشاعتها، غالبا ما لا تصل إلى الدرجة التي نعرفها عندنا، وبين مواطني نفس الأرض وما يجمعهم من أواصر يفترض أنها خالية تماما من أية أحقاد تاريخية متراكمة. هنا أستذكر ما قاله لي ذات مرة أحد الصحافيين العرب الذين تم إيقافهم قبل سنوات لبضع ساعات من قبل الجيش الإسرائيلي من على ظهر إحدى السفن التي كانت تبحر لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة. يقول هذا الصحافي إنه عندما بدأت أصوات تذمراتنا واحتجاجاتنا تعلو ونحن نجلس ننتظر ماذا سيُفعل بنا بعد الإيقاف كان بعض الضباط الإسرائيليين يقولون لنا بكل سخرية ولؤم إنه «إذا أردتم أن نسلمكم إلى السلطات المصرية فستنعمون هناك بكل الترحيب والحفاوة!!»..
الإشارة المؤلمة إلى مفارقات التعامل بين أجهزتنا العربية والأخرى الإسرائيلية، وهذا طبعا ليس تلميعا أو تبرئة لهذه الأخيرة، يصبح أكثر وجعا عند الاطلاع على ما يروى، بين فترة وأخرى، من قصص تعذيب فلسطينيين لفلسطينيين آخرين، وفق تقارير وشهادات موثّقة. يحدث هذا في معتقلات قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس» منذ 2007 كما يحدث في معتقلات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. كلاهما مُدان ولا معنى للتبرير لأي منهما فالفعل مشين مهما كان مرتكبوه ولونهم السياسي وشعاراتهم المرفوعة.
لا فائدة في استعراض الحالات بدقة حتى لا نكتئب أكثر.
كاتب وإعلامي تونسي
التحول الى الإعلام الرقمي المستقل
الشهيد أنس الشريف شاهدٌ على الانحطاط العربي
الترخيص المتنقل في الأزرق بهذا الموعد
تصريحات المجرم نتنياهو ومأزق الكيان الإرهابي
تأهيل وإزالة مخالفات بشوارع في إربد وعجلون
3860 ميجا واط الحمل الكهربائي الأقصى المسجل السبت
أطفال غزة بخطر إذا لم يتلقوا العلاج فورا
حب ووفاء للأستاذ عبده محمد شوقي رحمه الله
التعليم العالي وصناعة المستقبل
سيتي يهزم ولفرهامبتون في بداية الدوري الإنجليزي
اختتام فعاليات مهرجان الخالدية للشعر الشعبي والنبطي
الملك يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة خاصة
الضمان يوضح آلية زيادة الإعالة التقاعدية
دير علا تسجل أعلى درجة حرارة بالمملكة الاثنين .. كم بلغت
وزارة التربية تؤكد مواعيد الدوام المدرسي .. تفاصيل
الجيش يفتح باب التجنيد للذكور .. تفاصيل
ما هو الحد الأدنى لمعدل القبول في الجامعات الرسمية
تعيين 450 معلمًا ومعلمة في مسار التعليم التقني المهني BTEC
مدعوون للإمتحان التنافسي .. أسماء
بيان من المحامية أسماء ابنه النائب صالح العرموطي
ما هي الحدود الدنيا لمعدلات التنافس لمرحلة البكالوريوس
حقيقة صرخة جيسيكا الأخيرة: حوت الأوركا لم يرحمها
عطل فني يتسبب بوقف ضخ المياه عن هذه المناطق
مدينة تسجل أعلى درجة حرارة في المملكة بـ 46 درجة
وزير الأشغال يتفقد طريق ستاد كرة القدم الجديد
المملكة تسجل ثلاثة أرقام قياسية بحرارة الطقس
استحداث 34 تخصصًا أكاديميًا جديدًا في مختلف الجامعات الرسمية