صيف مغاربي ساخن

mainThumb

07-09-2022 01:17 PM

تشترك البلدان المغاربية في المشاكل والمآسي. تشترك في «الحرڤة» والرقة، التي تتركها بقلوب أهل الضحايا. وتشترك في الفقر وضعف القدرة الشرائية وفي حوادث المرور وجرائم القتل اليومية. ها هي فاجعة العائلتين الجزائريتين، عائلة «صحراوي» و«يخلف»، اللتين وجدتا في حالة متقدمة من العفن على سواحل إسبانيا بعد انقلاب الزورق، الذي كان يقلهم. والأسرة تنحدر من مدينة الشلف في الغرب الجزائري: «فاطمة المرأة الحامل، التي قضت غرقا في قارب هجرة نحو إسبانيا برفقة زوجها وأبنائها وعائلة كاملة من مدينة الشلف. تم العثور على جثثهم في حالة تعفن صعب على السلطات الإسبانية التعرف على هوياتهم، وتم طلب عينات دم من عائلتهم في الجزائر لاستكمال تحاليل الدي آن إي»، وتم بعدها مباشرة ارسال الجثث ودفنها. وقبلها تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي وفاة «شهيدة اليعقوبي» مدرسة ثانوي تونسية، عاطلة عن العمل ومطلقة، برفقة ابنها في عرض البحر، الحادثة التي اهتز لها التونسيون. ومثلها في المغرب. يوميا مآسي الموت غرقا وجراء حوادث الطرقات في كل البلدان المغربية. وها هو الدخول المدرسي، كما جرت العادة في كل هذه البلدان يدخل «كارثيا» من خلال الارتفاع المذهل للأدوات المدرسية. فنسينا إشكال «المحافظ الثقيلة» أمام المحافظ باهظة الثمن والأدوات أيضا. فكم يكلف تجهيز محفظة من كراسات مختلفة الأحجام وأقلام وغيرها. وحتى الممحاة وصل ثمنها «200 دينار جزائري». فعلا هي كما نقلتها صفحات كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي «الممحاة ب 20 ألف. الله أعلم تمحي الذنوب. ربي يقدر الخير» حتى يكون هذا ثمنها. وهات كم الفيديوهات والتعاليق بين المرح والسخط عن انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وهذا الغلاء الفاحش للأدوات المدرسية. «فقد تشتري الأمهات قائمة الكراسات بأقراطها الذهبية أو قد تتم مقايضتها بهاتف جوال»، كما يمكن مشاهدة ذلك على قناة يوتيوب باسم Tiko Zh. هذا رغم من «بصيص الأمل» الذي تنقله بعض الصفحات الفبسبوكية عن «تكفل» العديد من البلديات بمصاريف الدخول المدرسي ومستلزماته لتلاميذ المرحلة الابتدائية، مثل بلديات في ولاية تيزي وزو.

والمنيعة وتبسة…الخ

نقرأ على صفحة «بوخشة نيوز» في «ركن صدى التعليم» أن «ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية ارتفع بنسبة 150في المئة والندرة تهدد الدخول المدرسي، بسبب تأخر وصول الطلبيات المستوردة وغلاء المواد الأولية في السوق الدولية». وهذا الارتفاع يرجع، حسب ما جاء في نفس الصفحة، وحسب «المتعاملين في مجال الأدوات المدرسية إلى مشاكل الاستيراد المطروحة في الفترة الحالية، وتداعياتها على السوق المحلية على المدى القصير». الأسباب ترتبط ببعضها البعض في حلقات سلسلة طويلة وثقيلة ترهق في الأخير أولياء التلاميذ، الذين قد يلجأون للحل الذي اقترحه العديد من موظفي القطاع عبر صفحاتهم على الفيسبوك والمتمثل في اللجوء «شراء كراس واحد من 288 صفحة لجميع المواد وتقسيمها حسب المواد. وعلى صفحة «فم الطوب» نقرأ حلولا أخرى مثل: «الاستعانة بكراريس لم تملأ بالكامل وتحويلها إلى كراريس المحاولات والأعمال التطبيقية والموجهة والاكتفاء بشراء كراريس الدروس. عدم المطالبة بنوع معين من الغلاف ويمكن الاستعانة بالأغلفة المستعملة القديمة، وهذا عائد لتسيير أساتذة المادة». وهذا حسب ما قدرت هذه الصفحة أصبح «تلميذ واحد يكلف مليون سنتيم (1000 دينار جزائري) على الأقل فما بال من يملك 3 أو أكثر ممن يدرسون في الأطوار الثلاثة»؟ فعلا «ربي يعين كل زوالي ويرزق الجميع». و»زيادات صاروخية في أسعار الدفاتر تلهب جيوب الآباء ومطالب بانهاء الاحتكار في المغرب»، حسب صفحة «بناصا بريس» والزيادات مثلها مثل الجزائر، وصلت من «100في المئة إلى 150في المئة». وكتب طارق بوساكوت «بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، حان الدور على الأدوات المدرسية… دخل «اخنوش» مقر الحكومة «ليعيد تربيتنا» فعلا. فبمجرد أن وطأت قدماه مقر الحكومة بدأت الأسعار ترتفع بشكل غريب ومريب. لا أفهم كيف يستطيع هؤلاء المسؤولون النوم بهناء جراء ما تخلفه سياساتهم وقراراتهم في عموم الجماهير الشعبية من مخلفات سلبية على أوضاعهم المعيشية».

من يغبط الكوني. ومن ينتصر له

«ملة العدم» عبارة الكوني، التي لم تمر دون خلق جدل كبير على منصات التواصل الاجتماعي. ليس من السهل فهم فكر وكتابات الروائي العالمي الليبي إبراهيم الكوني، الذي بقي متربعا عرش «العبقرية الروائية» بين العرب وغيرهم. إذ يعترف محبوه وغير محبيه بأنه ترجم لأكثر من 50 لغة. لكن ردود أفعال رواد مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا من إعلاميين وأدباء وغيرهم من النخبة الليبية، يمكنه أن يوضح لنا ما كان يقصده «الكوني» ب»ملة العدم». أو يقربنا لفهم هذه العبارة. بعد تعرضه لحادثة كسر حوضه، كتب الكوني على صفحته الرسمية في الفيسبوك ما يلي: «ابتهجتم بمصابي، وأردتم لي الموت، فخذلتكم الرعاية الالهية، عندما كتبت لي الحياة. ألا تدرون، يا ملة العدم، أني سأحيا حتى لو كنت في عداد الأموات، في حين أنكم أموات حتى وأنتم على قيد الحياة»؟!
ومن الردود على تصريح الكوني هذا، ما كتبه الصحافي الليبي حمزة جبود على صفحته الرسمية على فيسبوك، والذي لاقى تفاعلا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي: «سيد ابراهيم، حين اختلفنا معك، لم يكن اختلافنا شخصيا ولا حتى أنسانيا، نحن اختلفنا حول الأفكار، بمعنى أوضح نمارس حقنا في الاختلاف، الذي يعتبر من حق أي إنسان، أما عن إدراجك السابق، فقد اكتشفت من خلاله، أنك تعيش «غربة اختيارية» مع جمهورك أو وطنك السابق، أو الحاضر لا يهمني. كان عليك أن تشكر من وقف معك، لا أن تهاجم من أعطى رأيه، كان عليك إنهاء كل الجدل بطريقة أكثر رقيّ، تحفظ قيمتك المعرفية، حتى مع من يختلفون معك. وأنت لم تفعل ذلك، على العكس، جددت الجدل ويبدو أنك مستمتع بدور «الضحية». ضحية «الجهل وملة العدم». ويواصل الإعلامي منشوره الطويل مخاطبا الكوني: «وعن الهجوم الذي تراه أنت بأنه «منظم»، فأرجو أن تتفهمه جيدا. لم نهاجمك بدوافع الكره. ما أعنيه أيها الروائي، هو أنك لا تجيد قراءة الليبيينليبيا. ما زلت تتعامل معها كنوع من البقعة الجغرافية لا كبشر وشعب ذاق الطويلات. ما زلت تكتب بترفع، وتعتقد أنك بهذه الطريقة، ستبهرنا. اسمح لي بعد إذنك، لم يعد لدينا أي كبير في ليبيا، عشنا خيبات متلاحقة، وكدنا نسقط لولا السخرية والضحك الممزوج بالوجع. لكن بعدها اصطدمنا بحديثك القديم، وهذه الصدمة تعتبر صدمة كبرى». ويواصل مذكرا الكوني بأنه كان مدعاة لفخرهم وهم يشاهدونه ويتابعون أخبار شهرته باعتباره «الروائي الذي ينتمي إلى ذات الأرض التي ننتمي إليها. الذي عرّف العالم قيمة ومعنى الصحراء».
ويذكر جبودة الكوني مرة أخرى «انتهى زمن الكبار أيها الروائي، لا يوجد روائي كبير وكاتب مهم في ليبيا، بل يوجد فقط روائي محترم وكاتب يحترم نفسه». ويواصل «أرجو أن لا تكرر ما كتبته أنت قبل يوم، لأن أصدقاءك لم يجدوا لك أي عذر، لقد أحرجتهم، وأهنتهم قبل أن تشتمنا أنت بلغة «بائسة»، لأن أسلحة حربك، إن صحت التسمية، بدائية بمنطق اليوم، أنت تحاصرنا بالفلسفة والتنظير، ونحاول نكتب بواقعية عالمنا اليوم».
و «الغربة الاختيارية» للروائي العالمي ابراهيم الكوني وضحها منشور الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، حينما «غبطت الكوني» وعندما بينت للقراء بالعلاقة الوطيدة التي كانت تربط الكوني بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي. فكتبت، نقلا عما جاء في صفحة الأستاذ الليبي عمر سوداني (رئيس سابق لجامعة السلام الدولية): «أعترف بأنني أغبط ابراهيم الكوني، لا على الجوائز العالمية التي نالها، وما أكثرها، وهو أهل لها، بل لأنه وجد في رئيس بلده، وليس في غيره، رعاية شخصية وحماية لقلمه وفكره. وفمنذ عشرين سنة والزعيم القذافي يؤمن للكوني ظروف الكتابة والاقامة في سويسرا، ويضع تحت تصرفه سيارة ومرافقا، كأي دبلوماسي، ويحميه من هموم الحياة كي يتفرغ لكتابة ملاحمه الروائية، ولولا رعايته لما استطاع إنجاز ستين كتابا ترجمت إلى أربعين لغة». وتضيف مستغانمي ولو كنت إبراهيم الكوني، لاقتسمت مع القذافي جوائزي وأهديته نجاحات. لكن العلاقة الخاصة التي تجمع بين الرجلين، والشبيهة في نظري، بعلاقة فيدال كاسترو بغارسيا ماركيز، صادقة وحميمية، إلى درجة لا تحتاج إلى أضواء. فإذا كان الكوني لا ينكر في مجالسه الخاصة ما قدمه له القذافي من رعاية. فالقذافي أكبر من أن يعلن فضله عليه». وإدراج اسم مستغانمي وإطلاق «أوهام مستغانمي» عليها بدل «احلام مستغانمي» في الجدل المؤخر بين الكوني والموالين له قلبا وقالبا من الليبيين ومن يخالفونه الأفكار من الليبيين أيضا، تجلى في منشور قام بنشره الكوني نفسه لأحد مؤيديه وهو علي الشريف، الذي كتب (نقلا عن الكوني): «الهجمة الشرسة التي شنت ضد الكاتب والروائي العالمي إبراهيم الكوني، تصلح أن تكون عنوان بحث لطلبة كليات الإعلام، حول تأثير الشائعات والتصريحات المقتضبة في صناعة الرأي العام المضلل، وتصلح الهجمة ٠أيضا أن تكون عنوان بحوث في علم النفس الاجتماعي. فطريقة الهجوم على الأديب فعلا كانت التوصيف لها هو هجوم «بني آوى» على الفريسة، فالبعض بدأ بالمزايدة على الأديب في وطنيته، وهو الذي استضاف أسلافه أجدادهم في رحلتهم نحو الوطن ليبيا. والبعض اعتبر أدبه خرافات، لأنه لا يقرأ للكوني ولا لغيره». إلى أن يصل صاحب المنشور إلى القول: «في الوقت الذي نحرم على الأديب صراحته في نكران أبناء وطنه لمجهوداته، ونجد مجموعة أخرى تنقل تصريحات أوهام مستغانمي، التي تكتب بحبر الحسد عن الكوني، وهي المعترفة بأنها تحسد الأديب عن مكانته العالمية – إن صحت عنها هذه التقارير-». لم يتأكد علي الشريف مما قالته مستغانمي إن كان على لسانها، بل نقلا عما كتبه على الارجح عمر سوداني ونعتها ب «أوهام» عوض «أحلام» وبأنها تكتب ب»حبر الحسد». وكأن النوايا مبيتة. والله أعلم.

كاتبة من الجزائر


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد